

أحمد صلاح
صديقتي مثلية
بقلم : أحمد صلاح
جلستها أمامي مليئة بالأنوثة ، تنورتها تغطي بالكاد ركبتيها ، تركت العنان لبياض الساقين يضيئان الغرفة، سيجارتها مشتعله تنفخها باحتراف شديد، بل وتلقي بقايا رمادها علي الأرض، وجهها لا تغطيه المساحيق سوي الشفتين وبعض التحديد للحاجبين، قوامها رخص بض متناسق التقاطيع والملامح وكأنه يدعو للحب دون مواربة ، أكثر ما كان يميزها عينيها ، وتلك النظرة الجريئة اللذيذة من عينين لوذيتين تحار في لونهما، عسليتان في الضوء وسودوان في الظلام .
لم أكن قد تزوجت بعد ، وإلحاح الجميع بأن أبحث عن بنت الحلال أصبح يؤرقني، استمتاعي بحياة العذوبية، أفعل ما أريد وقت أشاء ومتي أشاء، والبحث عن عروس بين الصالونات وترشيحات الأهل والأصدقاء يجعلني اشعر في قرارة نفسي أنني نخاس أبحث عن جارية، ولكنني أغلقت الباب علي الجميع بأن قلت أنني سوف أختار شريكة للحياة وليس مجرد جسد يعيش معي.
كانت الجالسة أمامي من منطلق النظرة الأولى تصلح أن تكون زوجة رائعة" من منظوري " ،الفكر المتحرر المستنير ، كسر التابوهات الاجتماعية ، ثقافة عالية وتعليم راق، ولكن كانت بذور الرجل الشرقي المتأصله في جيناتي ـ بشكل أو بآخرـ ترفض طريقة الملبس وتدخينها ونظرتها الجريئة، ولكن عقلي الشرقي ايضا كان يقول ـ بعد الزواج نتناقش في تلك المسائل ـ .
كانت دعوتي لها للخروج والسهر تقابل منها بترحاب شديد ، فهي معتادة علي دخول الأوبرا والمسارح ، وكذلك السهر ليلا في مقاهي وسط البلد تلعب الدومينو والطاولة وتدخن الشيشة، حتي جاء اليوم الذي غير كل شئ ، وأعلنت عن مللها الشديد وعدم رغبتها في الخروج ودعتني للسهر معاها في المنزل .
مثل عقلية اي رجل شرقي ، تغير فكري عن تلك الفتاة 180 درجة كاملة ، أدركت وظننت وتوقعت أنها تدعوني لسهرة حمراء ، ونحيت فكرة الزواج بها جانبا ، واستعددت للسهرة ، هكذا هو الرجل الشرقي .
كانت بتحررها تستقبلني وكأنها تستقبل زوجها، حلت شعرها وكدشته ، إرتدت بيجاما قصيرة للغاية بدون أكمام وكشفت عن جزء من منبت صدرها ، استقبلني مقبلة وجنتاي ودعتني للجلوس، قفزت بجواري بشقاوة علي الكنبة وهي تمد يدها بكوب عصير، تضحك وتشعل سيجارة من علبتي، تسألني عن سبب إحمرار وجهي ، ولا أجد ردا ، وتقول ببساطة أنها تعلم جيدا فيما أفكر ، فأنت تقول الأن أن هذه الفتاة تدعوني لممارسات جنسية ، وتقول وهي تنفث دخان السيجارة إطمئن فأنا مثلية .
لم استوعب الكلمة الأخيرة أو بمعني أدق لم استطع استيعابها ، فالجالسة أمامى رمز حي متحرك نابض بالأنوثة الكاملة، مجسم حي لفينوس وأفروديت وكليوبترا ومزيج من ملكات جمال العالم ويتمناها أي رجل ، ولكنها تعترف ببساطة أنها مثلية أي شاذة ، الدهشة تعقد لساني ، الدخان ينحشر في حلقي ، أرشف من العصير بصعوبة ووجهي يصبح في لون الطماطم المهروسة ، أقول هكذا ببساطة تعترفين ؟ ، فتقول بطريقة أبسط حتي أمحو من ذهنك أي شئ بيننا ، فأنا شاذة ، تشد علي الكلمة الأخيرة وكأنها تؤكد اعترافها.
وتبدأ البوح ، قالت أنها كانت فتاه عادية لا تعرف أن لها ميولا نحو نفس جنسها إلا بعد مرحلة صادقت فيها فتاه أخرى ، كانت تلفت نظرها الي ملابس زميلاتها في المدرسة وأعضائهن البارزة أو المختفية ، قالت أن صديقتها تلك كانت تفعل معاها ـ هزار ـ بسيط ، ولكن مع تطور مخيلتها الجنسية انحرفت للفعل الشاذ مع احداهن ، وتقول أنها بعد فترة أدمنته ، صمتت قليلا وهي تنظر للسقف وتستدعي ذكريات النشوة وتستفيض في وصف سعادتها بهذا الفعل .
لم أكن مصدوما فقط بل كنت مثل الذي يعبر الطريق شاردا في حلم جميل فدهسه بلدوزر ، قلت أن أمر المثلية اصبح الآن معتادا مناقشته سواء في الجرائد او الفضائيات أو حتي الأفلام السينمائية ، وبدأت استعرض أمامها ثقافتي في علم النفس حول هذا الأمر، كانت تتابعني بلا مبالاة، وبعد أن انتهيت قالت أن علم النفس فسر مشكلاتهم ولكنه لم يحلها بشكل قاطع ، كذلك الطب العادي أرجع ذلك لخلل في الهرمونات ، المشكلة في نظرة المجتمع فهي مضطرة للتخفي وممارسة مرضها في الخفاء ، وقالت أنها ذهبت لأكثر من طبيب وكلهم قالوا كلاما مختلفا، فأحدهم حقنها بهرمونات ، والأخر تحدث معها ونصحها أن تتعرف علي رجال وتتزوج ، قالت أنها لم تستسغ الفكرة وخصوصا .. ثم ألقت بالقنبلة.
قالت ببساطة من بين سحب الدخان أنها الأن تعرفت علي سيدة متزوجة وانهن يقضين الساعات سويا وكأنهن ازواج حقيقيين ، أثار ما قالت معدتي ، كدت أن أخرج كل ما أكلته ورضعته منذ ولدت ولكنني تحاملت علي نفسي ، قمت مترنحا مستئذنا في الانصراف ، ودعتني عند الباب بقبله عادية ولكنها بمجرد أن أغلقت الباب حتي تقيات أطراف اصابعي.