

إبراهيم جاب الله
يا خوفي يا بدران
لا أدري لماذا يسيطر على ذهني وبقوة رواية الخائن بدران الذي باع صديقه أدهم الشرقاوي للانجليز؟.. فأصبحت العبارة الشهيرة "ياخوفي يابدران" نرددها مع كل موقف مشابه نتعرض له أو تخوف من خيانة أحد.
يمر أمامي مشهد كل "بدران" ينهش في جسد الوطن وقت الأزمات بطريقة أخرى عبر بث سموم وشائعات أو ادعاء "موقف حيادي" وإن كنت أرى أن الحياد في أصعب المواقف والأزمات " خيانة"... هؤلاء أدمنوا بيع الغالي لشراء أرخص الأشياء، حققوا مكاسب وقتية لكن التداعيات والخسارة كبيرة.. استخدموا كل أدوات الهدم لبناء أمجاد شخصية.
الفارق كبير جدا والفجوة تتسع بين سلالة عائلة بدران وبين من يمارسون النقد البناء بوجهات نظر قد تستفيد منها المؤسسات المختلفة لإدارة أى أزمة أو على الأقل ترسم خيوطا لعدم تكرار سيناريو نفس الأزمة.
ربما تطاردني لعنة سمومهم التي يتم بثها على طريقة جماعة الإخوان الإرهابية حتى لو استدعى الأمر إعادة إنتاج فيديوهات ووقائع قديمة لعمل حملات ممنهجة على صفحات السوشيال ميديا تنشر لهجة التشاؤم في كل حادث ومحاولات سكب البنزين على النار لكن هذه الشائعات مهما اشتدت حدتها يظل تأثيرها لحظيا على البعض لايتعدى مشهد غير مؤثر فى مسلسل يمر على ذاكرتنا بسرعة البرق دون أن يترك أى أثر.
أتذكر هنا أنه على مدار أيام قليلة انتشرت شائعات بعد حريق سنترال رمسيس تزعم أن الحريق هدفه بيع مبني السنترال التاريخي إلى مستثمر عربي أو أجنبي وهو أمر أدهش رئيس الوزراء د. مصطفى مدبولي الذي أكد أنه من غير المنطقي أن نحرق مبني لكى يتم عرضه للبيع، ومن بعدها شائعة لضرب السياحة منها حريق ركن فاروق فى منطقة حلوان والذي أصدرت وزارة السياحة بيانا تنفي فيه حدوث ذلك.
أصبحت كثير من صفحات السوشيال ميديا تركز على أحداث العنف والجرائم بشكل مستمر على فترات قريبة ومتتالية وكأنها محاولات مقصودة لضرب فكرة الأمان والاستقرار في مصر بداية من البلطجة والعنف على طريقة "شهاب" الذي تحولت مشكلته إلى " تريند" وجدل مستمر على السوشيال بدلا من ترك جهات التحقيق تتخذ القرار المناسب.
ثم فيديوهات البلطجة واستخدام الأسلحة البيضاء حتى وإن كانت الوقائع قديمة كما ذكرت لكن يتم استدعاؤها وإعادة ترويجها مرة ثانية ونشرها.. وهنا لابد أن أوجه كل التحية لرجال الشرطة على تعاملهم السريع مع مثل هذه الفيديوهات وضبط أصحاب الوقائع التي تنتشر وبسرعة على السوشيال ميديا، والكشف عن حقيقة الفيديوهات المنتشرة حتى وإن كانت قديمة تم إعادة نشرها.
حتى وإن كان البعض ينشر هذه الفيديوهات من منطق البحث عن التريند فقط وليس لهدف أخر لكن علينا التأكد من صحة أى معلومة قبل الضغط لعمل " شير" وهذا جزء أساسي من عملنا في وسائل الإعلام حرصا على مصداقيتنا.
أدوار الشر لها وجوه متعددة، حتى وإن كانت بث شائعة مسمومة، وفي أحد التقرير التي نشرها المركز الإعلامي لمجلس الوزراء عن "جهود مواجهة الشائعات على مدار عام ٢٠٢٤" كشف عن أن قطاعي الاقتصاد والصحة الأكثر استهدافا وأن والجهود التنموية وتداعيات الأزمات العالمية أسباب رئيسية لتصاعد وتيرة الشائعات، وبقراءة بسيطة فى التقرير تكشف تصاعد عدد الشائعات سنويا منذ ٢٠١٤ بما يدل على النشاط المكثف للجان الالكترونية لبث الأكاذيب، ففي عام 2024 بلغت نسبة ومعدلات الشائعات 16.2% مقارنة بـ 15.7% عام 2023، بينما كانت النسبة 1.6% عام 2015، و0.8% عام 2014.
كما أشار التقرير إلى زيادة الشائعات نحو 3 أضعاف خلال الفترة (2020 – 2024) مقارنة بالفترة (2015-2019)، وجاءت النسبة الأكبر من القطاعات التي طالتها الشائعات كلا من الاقتصاد والصحة والتعليم والسياحة والقطاع الأمني وغيرها.
وهنا لابد أن نعود بالزمن مايقرب من عام، ففي يوم 29 سبتمبر العام الماضي وخلال الاحتفال بتخرج دفعة جديدة من كلية الشرطة ، حذر الرئيس السيسي من خطورة الشائعات قائلا : من فضلكم.. انتبهوا جدا لأن الفترة دي وخلال الشهور اللى فاتت حجم الكذب والإفك وحجم الافتراء والشائعات كان ضخم جدا... انتبهوا إن إنتوا اللى واقفين دلوقتى يا مصريين مش عاوز أزيد فى الكلام كتير، لكن المفكرين والمثقفين والإعلام واضح المهمة بالنسبة له وواضح الخطر بالنسبة له.
القضية ليست شائعة يتم ترويجها لكنها معركة مستمرة والوجوه متعددة وأدوار الشر تتبدل بين الحين والآخر لكن خيانة الوطن هي أخطرها، مثلما تفعل جماعة الإخوان الإرهابية وتستخدم أخطر أدواتها لتمارس الحرب النفسية ضد المصريين من خلال تزييف الواقع والتشكيك لضرب ثقة المصريين في مؤسساتهم لكن شعب مصر بوعيه حائط صد قوي ضد كل هذه المؤامرات التي لن تنال من وطننا الغالي..و" الويل لكل بدران".
حفظ الله مصر.