عاجل
السبت 15 نوفمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
البنك الاهلي
رسائل البرلمـان !
بقلم
محمد نجم

رسائل البرلمـان !

بقلم : محمد نجم

لا ضرر أن يعترض نواب الشعب على أى تشريع جديد تتقدم به الحكومة، فذلك حقهم وتلك مسئوليتهم عن الرقابة والتشريع فى الظروف العادية.



ولكن أحيانا.. وفى ظروف معينة.. لابد من مراعاة مبدأ «المواءمـــــــــة» والتى تراعــــــــى التوقيت، والظرف السياسى، وإيجابيات وسلبيات التشريع، والمستفيد منه وضحاياه، وكافة الآثار القانونية والمادية المترتبة على الموافقة أو الرفض.

تلك بديهيات يعلمها الجميع، وخاصة «نواب الشعب» المحترمون.. أعضاء المجلس الموقر.

ولكن يبدو أننا نحتاج لمزيد من الوقت لنكتسب خبرة العمل العام.. والعمل المؤسسى.

لقد كشفت عملية رفض أعضاء البرلمان لقانون الخدمة المدنية عن العديد من الأمور.. كان بعضها بمثابة «رسائل».. بدت وكأنها متعمدة.

فمدى علمى- كمتابع للشأن الاقتصادى- أن قانون الخدمة المدنية قتل بحثا ودراسة من قبل العديد من الجهات المعنية فى المجتمع وعرض على كافة الاتحادات المهنية والعمالية، بل يمكن القول إن وزير التخطيط «تجول» به فى كافة منصات الرأى العام فى مصر لشرحه وتوضيحه.. سواء كانت هذه المنصات مؤسسات صحفية أو قنوات تليفزيونية أو ندوات خاصة لبعض التجمعات، ومن ثم صدر فى صورة قرار بقانون من الجهة المختصة.. وطبق منذ عدة أشهر.. وجرى العمل به بعلم الكافة.

وغنى عن القول إن القانون استهدف إعادة هيكلة الجهاز الإدارى فى الدولة وخاصة فى الحكومة والحكم المحلى، مستهدفا الإصلاح وإعادة الانضباط وتطبيق ما يسمى بالثواب والعقاب، وإجمالا.. مثل القانون محاولة جادة للقضاء على التراخى والإهمال والفساد الإدارى الذى شاب هذا الجهاز.

ومن المعروف أن لكل نظام أو تشريع جديد ضحايا ومستفيدين والعبرة دائما بالأغلبية والمصلحة العامة.. وقد تصادف ذلك مع تطبيق الحد الأعلى للأجور والمرتبات على الجميع، ومن ثم تضرر البعض من تطبيق القانون وهذا وارد، وهناك جهات تعمل طبقا لقوانينها الخاصة.. وهذا ميراث قديم، وهناك فئات ومهن لها كوادرها المادية الخاصة وقد حصلت على تلك المميزات بموافقة مجلس النواب ذاته.. ثم.. وهو الأهم.. إن هذا القانون ليس قرآنا.. لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، فلا بأس من إعادة النظر فى بعض مواده حسبما يسفر عنه التطبيق.

وأعتقد أنه كان من الأفضل ومراعاة لمبدأ «المواءمة» السياسية والظرفية أن يعيد المجلس القانون إلى اللجنة المختصة لإعادة النظر فى بعض المواد المعترض عليها والتى يعتقد البعض أنها تمثل سلبيات القانون.

أما عملية الرفض التام للقانون.. فلم تكن مستحبة، وكشفت عن بعض السلبيات وبعثت عدة رسائل منها: أن ما يسمى بالائتلاف فى حب مصر.. ليس إلا تجمعا وهميا استخدمه البعض فى العبور إلى البرلمان، وأنه لا قيادة ولا سيطرة ولا فكرة أساسية تلم شمل أعضائه!

بل يمكن القول إن «البعض» ممن لم يحصلوا على «قطعة» من «كيكة» المناصب فى البرلمان اشتغلوا ضده وحمل بعضهم «يافطات» بالرفض المسبق!

كشف الرفض أيضا.. أن الحكومة لم تبذل الجهد المطلوب فى شرح وتوضيح أهداف القانون ومزاياه.. للسادة النواب، بل عجزت فى إقناعهم بأهمية الموافقة عليه.

كذلك.. يبدو أن بعض الأحزاب أو التيارات فى المجلس الموقر اتخذت أسلوب «التصويت العقابى» وشاركت فى رفض القانون.. ليس إلا نكاية أو رفضا لسيطرة «الائتلاف» على مجريات عمل مجلس النواب.

ثم إن هناك من كانت عينه على قاعدة الناخبين.. وخاصة أصحاب الصوت العالى أو المتضررون منهم من تطبيق القانون مع أن المجلس فى بداية عمله وليس فى آخر فصل تشريعى له.

وقد يكون الرفض عبارة عن «رسالة» من السادة النواب المحترمين للمجتمع والرأى العام.. بأن المجلس مستقل.. وسيد قراره.. وهذا هو الدليل!

فكل ما تقدم من أسباب الرفض.. وارد.. والعلم عند الله.. ثم السادة النواب المحترمين، وما كتبته ليس إلا محاولة للفهم والتوضيح لكى تدرس الجهات المعنية من حكومة وغيرها ما حدث.. حتى لا يتكرر فى تشريعات لاحقة.. فلسنا نمتلك «ترف» تضييع الوقت، بمعنى أن تقدم التشريعات الجديدة بعد دراسة متأنية وبحث كافة الآثار التى يمكن أن تترتب على التطبيق وبذل الجهد المطلوب واتخاذ الإجراءات الضرورية للتخفيف من الأضرار السلبية لأى تشريع جديد.

فلا يمكن أن يستمر الحال على  ما هو عليه.. بل يجب أن نسابق الزمن فى مجالات الإصلاح والتطوير حتى يتسنى للدولة ومن بعدها الحكومة توفير حياة كريمة لمواطنيها.

أقول ذلك وفى فمى «ماء كثير» يمنعنى من الحديث الصريح أخذا بمبدأ «المواءمة» أيضا، فلكل مقام مقال.. حيث هناك مسميات أصبحت وكأنها آيات قرآنية أو أحاديث شريفة.. منها مثلا «الحقوق المكتسبة».

 وإذا افترضنا أن هذه «الحقوق» اكتسبت بطريق الخطأ أو الغش.. أو الابتزاز.. فهل يجوز أن تستمر؟!

ومرة أخرى.. هل نريد الإصلاح ما ستطعنا إليه سـبيلا.. أم نريد أن يبقى الحال على ما هو عليه؟..

حفظ الله مصر.. ووقاها شر الفتن.

 

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز