

محمد نوار
الجوع كافر!
بقلم : محمد نوار
الكاتبة الأمريكية "بيرل باك" الحاصلة على جائزة نوبل فى الأدب 1938، لها رواية إسمها "الأرض الطيبة" تحكي عن حياة فلاح صيني وزوجته التي كانت تعمل خادمة فى قصر أحد الإقطاعيين، وحدثت ثورة جياع، وهجم الفقراء على القصر يسرقونه، وكانت زوجة الفلاح تعرف أسرار القصر ولذلك تسللت إلى مخبأ الجواهر وأخذتها.
وهذا ما يحدث في المجتمعات التي يحكمها الاستبداد، حيث توجد طبقة تتحكم فى السلطة والثروة تمثل حوالي 2 % من الشعب ويمتلكون 98 % من الثروة، بينما 98 % من الشعب يمتلكون 2 % من الثروة، منهم طبقة متوسطة تعيش على ما تبقى من الأغنياء، ثم أغلبية جائعة تعيش مهددة يومياً في رزقها.
ومع الوقت يرى الجوعى أنفسهم بين إما الموت جوعاً، أو الثورة، فتحدث ثورة الجياع، ويدخل المجتمع فى دوامة من الحروب الأهلية والاضطرابات، وقد يصبح هذا حال البعض بعد فشل ثورات الربيع العربي.
فالحاكم المستبد الذي قام خلال مدة حكمه الطويلة بإفساد كل شىء، ثم ترك الوطن منهاراً والشعب فاسداً، فالأمر من بعده يحتاج إلى وقت طويل حتى تنتشر ثقافة العدل والحرية، ويتم تأسيس نظام ديمقراطي يحقق العدالة للجميع.
حدث ذلك فى الثورة الفرنسية 1789 – 1799، فقد وصل عامة الشعب إلى الجوع وخرجوا فى مظاهرات للمطالبة برغيف الخبز، واندهشت الملكة ماري أنطوانيت من طلبهم للخبز بينما يستطيعون استبداله بالجاتوه، ودهشتها تمثل انفصال تام بين الطبقة الحاكمة وبين الشعب الجائع، مثلما يفصل بينهما سجن الباستيل الذي يرهبون به الشعب.
واقتحمت الجماهير سجن الباستيل، وقبض الثوار على قائد السجن وقطعوا رأسه وطافوا بها فى الشوارع، معلنين سقوط النظام الحاكم ووقوع فرنسا تحت تحكم الرعاع وزعماء العصابات، وأصبحت الكلمة العليا للمقصلة في قطع الرؤوس، حدث كل ذلك نتيجة ضياع جهود المصلحين مثل "فولتير" و"روسو" و"مونتسكيو".
واستمر عدم الاستقرار إلى أن حكم نابليون بونابرت 1804، والذي أسس امبراطورية عسكرية سقطت 1815، ثم حدثت ثورة 1830، وثورة 1848، وفي النهاية وصلت فرنسا للديمقراطية في 1870، ولنا في كل ذلك عبرة، قال تعالى: (وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ المُؤْمِنِينَ) الذاريات 55.