محمد يوسف العزيزى
طارق عبد الجابر .. وأول الرقص !
بقلم : محمد يوسف العزيزى
عاد طارق عبد الجابر إلي أرض الوطن من قناة الشرق الإخوانية بتركيا بعد أن استطاع أن يخدع البعض ويعلن توبته علي فضائيات روجت له منذ فترة وقدمته للرأي العام علي أنه مواطن وإعلامي مصري يريد أن يموت في وطنه ، وطالما لم تتلوث يديه بالدماء أو بحرق منشأة أو تفجير قنبلة أو إشعال النار في محول كهرباء أو حرق كنيسة أو إطلاق النار والخرطوش علي المصريين أو إغلاق طريق أو زرع عبوة ناسفة تحت مدرعة جيش أو شرطة أو مهاجمة كمين وقتل من فيه وغير ذلك من أساليب الإجرام التي سلكتها الجماعة الإرهابية .. طالما لم يفعل شيئا من هذا فلا مانع أن يتسع له حضن الوطن من جديد وأن يضمه ترابه عندما يغادر الحياة !
الآن.. صار تراب الوطن عزيزا وكريما وحنونا ، والآن صارت مصر الملاذ والأمن والأمان ، والآن تذكر عبد الجابر حقه في العودة لوطن الانقلاب والقهر والفساد والمسيح الدجال بشرط عدم ملاحقته قانونيا ومساءلته سياسيا علي كل التحريض الفاجر الذي كان يتقيأ منه الكثير في برنامجه !
دخل طارق أرض المحروسة التي كان يدعو لسقوطها من باب المزايدة بالمرض وأنه مصاب بالسرطان ويتمني الموت في بلده .. الآن تذكر أنها بلده ! .. لا شماتة في الموت ولا فرح في المرض والعجز .. ولكن هل تاب وأناب عبد الجابر.. أم أن المرض والرغبة في الدفن في مصر هما السبب في طلب العودة المشروطة ؟ أم أن هناك هدف آخر من العودة لا نعرفه ؟!
قد يقول البعض أنه لا يجب التفتيش في النوايا.. وهذا صحيح .. فالتوبة يعلمها قابل التوب سبحانه وتعالي ، وقد يقول البعض الآخر .. لقد أعلن الرجل توبته علي الملأ.. وهذا صحيح أيضا .. لكن هل يدلني أحد علي جملة واحدة قالها عبد الجابر يعلن فيها أنه أخطأ وأجرم في حق الوطن وفي حق الشعب المصري ؟ وهل يدلني أحد علي كلمة أو معني يقول أنه اعترف بالتحريض العلني علي القيادة السياسية والجيش والشرطة ؟ وهل يدلني أحد علي موقف وطني – طالما يحب وطنه أو يدعي ذلك – أخذه لصالح هذا الوطن منذ وقوفه علي منصة رابعة خطيبا مفوها في خدمة أسياده من أعضاء الجماعة حتى وصل إلي التحريض العلني والمباشر للطلبة من كل الأعمار من ابتدائي حتى الجامعة للنزول في 25 يناير الماضي للثورة علي النظام باعتبارهم الأمل ؟ هل يدلني أحد علي لفظ آخر غير لفظ الانقلاب أطلقه علي ثورة 30 يونيو ؟ وهل يدلني أحد علي وصف أو تعريف وصف به أو أشار فيه إلي عبد الفتاح السيسي غير وصف قائد الانقلاب أو المسيح الدجال الذي انقلب علي الرئيس الشرعي مرسي ؟ هل يدلني أحد علي أمارة نقبل بها توبته الكاذبة ؟
عاد طارق إلي أرض الوطن الذي لا يستحقه ، والمدهش هو هذا الاستقبال والاحتفاء الذي حصل عليه من البعض من الصحفيين والإعلاميين في مطار القاهرة وهم سعداء بالتقاط الصور معه ، وإفساح المجال له للحديث ليمارس التضليل ويضع تاج الجزيرة ( السلطانية ) علي رؤوسهم ويقول أنه تاب وأناب لكنه لم يخطئ .. بل كان يقول رأيا حرا لا وصاية عليه فيه ، ويقول أن 30 يونيو ثورة وأحسن اختراع بعد الكهرباء ، ويشكر السيسي ويمنحه لقب الرئيس بعد أن كان يطلق عليه قائد الانقلاب والمسيح الدجال ، ولا ينسي أن يشكر من ساندوه وفرشوا له طريق العودة بالورود والوعد بالعمل معهم في برامجهم وأداروا له كاميرات التضليل والنفاق !
أول الرقص حنجلة .. مثل ينطبق علي طارق ومن يدعون لأمثاله بالعودة إلي الوطن ، ويبدو أن من يجيدون الحنجلة استساغوا الفكرة واللعبة .. أهلا بكل من لم تتلوث يديه بالدماء .. قضية حق يراد بها باطل.. بل كل الباطل ! .. التحريض علي القتل والحرق والتدمير والخراب والفتنة صار حرية رأي ووجهة نظر ! .. والمحرض الشريك في الجريمة صار تائبا نادما يستحق الشفقة والعودة ليموت في أرضه التي خانها وباعها واستباح حرمات أهلها !
نغمة العفو والمصالحة مع الذين لم تتلوث أياديهم بالدماء صارت نغمة نشاز ترهق الأذن وتصيب بالغثيان ، والذين يتبنون هذه الدعوي هم مجرمون في حق الوطن وحق الشعب ، وهم أطراف في مؤامرة تركيع الوطن وجره إلي حرب أهلية عجزت عن تحقيقها قوي الشر وأمريكا والغرب بعد العديد من المحاولات الفاشلة !
عاد طارق إلي الوطن وقال للإعلام أنه سيستريح قليلا ثم يغادر إلي الولايات المتحدة ليستكمل علاجه هناك .. طارق أراد أن يختبر النظام والشعب ويفتح الباب لعودة آخرين.. لذلك وقبل أن يغادر لابد من توقيفه والتحقيق معه فيما كان يقول ليعلم أننا في دولة قانون وليس دولة ( الأهل والعشيرة ) كما يظن ، ولنقطع الطريق علي غيره فلم يعد مقبولا أن نكون بهذه السذاجة ، وأن منطق عفا الله عما سلف يكون في موضعه .. الله يعفو عما صدر من العبد في حقه لأنه العفو الكريم .. والله لا يعفو عن من أخطأ في حق العباد حتى يعفو العباد بأنفسهم .
من خانوا الوطن في أزمته وحرضوا عليه وباعوه بحفنة دولارات أو ملايين الدولارات لا يستحقون العودة إليه ولا النوم في حضنه ، ولا الدفن في ترابه .. اللهم قد بلغت .. اللهم فاشهد
















