أبريل .. شهر الملاحم الغامضة
بقلم : لواء أركان حرب/ جمال عمر
كالعادة .. لست ممن يغريهم الكتابة في زخم الأحداث لثقتي في وضوح الرؤية لاتجاهات حركة الحياة للبشر في إطار ناموس الله في خلقه ، ولكن هناك محطات تاريخية أو هكذا تبدو ، فشهر إبريل الجاري يبدو أنه يشهد صراعا مريرا وقاسيا لإعادة تصحيح مسارات التاريخ البشري في قرونه الأخيرة ، بل يبدو بوضوح أن مصر السيسي ما زالت تؤدي ببراعة دور الأستاذية لشعوب الأرض في فن إستراتيجية تقويم الخطوط العريضة لتاريخ البشرية رغم تضافر وتآمر كل قوى الشر الماسونية من مختلف الانتماءات والأطياف لسرعة إيقاف التقدم الهادر للدولة المصرية لاستعادة دور الريادة والتي بدأت تتحول لسيطرة قوية على مجريات الأحداث وبالتالي توجهات ومستقبل العالم القريب والبعيد .
ولا شك أن مصر بثورتها في 30 يونيو 2013م قد أفسدت بل وبعثرت بحرفية قاسية كل مخططات تشكيل العالم الجديد التي وضعتها الماسونية وسيدهم ومعبودهم الملعون (إبليس) ليس عبر عقود القرن الماضي فقط بل عبر قرون طويلة مضت ، وغرهم كثيرا في براعة مخططاتهم ما نجحوا في تنفيذه بتميز واقتدار (حتى ظن أهلها أنهم قادرون عليها) ، وباتوا قاب قوسين أو أدنى من تمام السيطرة والهيمنة على قلب العالم ومهد حضاراته ومهبط الرسالات السماوية ، وظنوا أنه لا يستطيع بشر إيقافهم أو اعتراض خطواتهم ، حتى فجعتهم كنانة الله في أرضه بكلمة شعبها وروعة عقله الجمعي ووعيه التاريخي وصلابة نواته الصلبة المتمثلة في جيشه ومن خلفه (رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه) حفظوا أمانته فمكنهم الله ومكن لهم ، ورد لهم عرش مصر بقدر وقضاء وأحداث أعجب من أن تسطره كل خيالات البشر ، وفي أقل من عام واحد سقطت كل الأقنعة وعادت مصر لأهلها وشعبها رغم أنف كل قوى الماسونية المسيطرة على مقدرات أمور البشر والمسيرة لقدور وأحداث العالم منذ أكثر من عشرة قرون .
وعبر السنوات الثلاثة الماضية وكما قالت هيلاري كلينتون في كتابها وكما يقول رجالات المخابرات العالمية المحنكون تباعا تعليقا على الأحداث ، قلبت الماسونية كثيرا دفاترها وما زالت في حيرة مذهلة بحثا عن وسائل للتعامل مع هذا النظام المصري الجديد ورأسه الخطير والملقب بالسيسي ، ظنا منهم أنه سوف يكون كسابقيه من أصحاب ردود الأفعال وسوف ينتظر خطواتهم وأفعالهم ليتصرف تبعا لها ، ولكن هذا السيسي فاجئهم بتحويل الجميع لأصحاب ردود أفعال يلهثون خلفه مشتتين بلا روية أو وعي في كل مجال ومكان وزمان لا يعرفون ولا يملكون القدرة على التنبوء بخطواته القادمة ، وقدراته المتعددة والمتكاملة والتي دوما يفاجئهم بها ، فلا يملكون سوى محاولات التعطيل أو التشويش على نجاحاته ، والتي بلغت حدود أن تخسر القوى العظمى الوحيدة أمريكا هيبتها واحترامها وسطوتها حتى بين حلفائها من دول الخليج التي سيطرت عليهم جيدا عبر العقود الماضية ، فما بين تساؤلات بلا جواب (من أين يأتي السيسي بكل هذه الأموال) التي يبني بها وطنه وجيشه إلى ذهول من سرعة سيطرته السياسية على قوى دولية عظمى وضمها لصفه ، ومن عجب مزعج من شراكات إستراتيجية مع أكبر دول العالم إلى صدمات المفاجأة المرعبة بعبوره حدود الدولة والقارة ومده لأذرعه الأمنية والسياسية والاقتصادية بين القارات الثلاث الكبرى بمشروع الاتصال الواعد عبر جزر خليج العقبة .
وكعادة الماسونية عندما تفشل أو تريد التمهيد لمؤامراتها الكبرى صدرت إلينا كثيرا من النبوءات التي ساقوها على ألسنة خدام الماسونية من المنجمين باغتياله أو رحيله قبل نهاية 2015م حتى صدقهم بعض الخونة وأقسموا أن السيسي قد تم اغتياله في أكتوبر 2014م ثم في أكتوبر 2015م ، والتي استبدلوها بعد ثبوت كذبهم إلى أحلامهم باغتياله أو رحيله قبل نهاية إبريل 2016م ، والتي دفعتهم ليبذلوا الغالي والنفيس من أموال وقوى ورموز سياسية وإعلامية فاشلة ومستهلكة من أجل أن يشيعوا وينشروا أوهامهم برحيله واستبداله بخدام الماسونية المخلصين من الإخوان مدعمين ببقية أذناب الماسونية الخونة من 6 إبريل والثوريين والليبراليين والشواذ والمخنثين سياسيا ونفسيا ، ولم يعتبروا بفشلهم منذ أسابيع مضت ، فحشدوا أو أشاعوا أنهم قد حشدوا واستعدوا لإسقاط الدولة بلا رحمة أو هوادة قبل نهاية إبريل 2016م ، لعل ذلك يؤتي ثماره ولو بتعطيل خطوات هم يعلمون أنها سوف تفاجئهم خلال أيام قليلة قادمة بما لا قبل لهم به ، فهم يعلمون جيدا أن إعلاناتهم الصارخة هي أوهام لن يبلغوها ، ولكنهم يتوهمون ولا يملكون سوى الهرتلة والتشتت والتشبث بأحلام كأوهام إبليس في دخول الجنة ، فما شاءه الله من تصحيح لمسيرة البشرية على يد مصر كنانته في أرضه لا رد له ولا مانع إلا هو سبحانه .
واستعراضا لأحداث بعينها مضت مثل تفجير القنصلية الإيطالية عقب إعلان الشركة الإيطالية لاكتشاف حقل الغاز العملاق ، إلى تفجير الطائرة الروسية لضرب السياحة التي كانت قد بدأت تزدهر ، إلى صناعة أزمة الدولار بخطوات وتخطيط خارجي وداخلي ، إلى ظهور جثة ريجيني الإيطالي صبيحة زيارة الوفد الاقتصادي الإيطالي إلى تفجير مشكلة جزر العقبة والتي أعقبها الزحف المنتظم لزعماء العالم لزيارة مصر في غضون أسابيع قليلة ، وتدفق غير مسبوق لاستثمارات أوروبية فرنسية وألمانية وعربية سعودية وخليجية ، هذه الأحداث وغيرها تؤكد أن هناك سباقا محموما ما بين قوى عالمية معاصرة وجديدة واعدة تتصارع من أجل السيطرة والهيمنة ، وما بين كل هذه الأحداث لا يمكن أن نغفل أو نتجاهل أن مصر كانت الأسبق في صناعة الحدث التي تفاجئ به الماسونية دوما ، فمغيب ولا يعي ما يحدث حوله من يظن أن مشكلة جزر العقبة ليست فعلا مصريا محسوبا وأحد الضربات الاستباقية الحاسمة التي قصمت ظهر اللوبي الصهيوني الماسوني واضطرته للتعجيل بعشوائية ردود الأفعال الإعلامية والتظاهرية ومحاولة إشاعة قدرتهم على قلب نظام الحكم وعودتهم للاستيلاء عرش مصر ، وغافل من يظن أن موضوع هذه الجزر يتوقف عند حدود الملكية أو الاستفادة الاقتصادية أو الأمنية ، فالموضوع أكبر من ذلك بكثير ، بل أكبر من أن نسوقه كلاما للتداول ، فليس كل ما يعرف يقال بل نتركه لتفصح عنه الأيام ويسجله التاريخ .
وأخيرا .. يكفي أن نتوقف عند ما صرح به ضابط المخابرات الانجليزية المتقاعد (دوايت يورك) في لقاء مسجل على قناة سارومان الأرضية البريطانية في برنامجها الشهير (ذا هانج اوفر) منذ أيام قلائل بقوله إن مصير العالم أجمع الآن تحدده مصر ، فمصر هي التي أذاقتنا الأمرين في عالم المخابرات مؤخرا ولم تفلح معهم أي مؤامرة ، ثم يستطرد (يورك) أما بالنسبة لمصير العالم فبعد عودة جزيرتي تيران و صنافير إلى السعودية لا يمكن لإسرائيل و أمريكا أن يمنعا التسليح والسيطرة والاستخدام المصري لهذه الجزر لان السعودية غير خاضعة لاتفاقية كامب ديفيد و هذا ما كنا نخشاه منذ بداية وصول الجنرال السيسي إلى الحكم فهو رجل حكيم و محنك و ذو خلفية مخابراتية عريضة لا يستهان بها ويعلم تماما الأهمية الجغرافية والمغناطيسية للجزيرتين فهما أخطر جزيرتين في العالم ، ثم اختتم يورك حديثه بقوله (أناشد الجنرال السيسي من رجل مخابرات إلى رجل مخابرات مثله ، أرجوك جنرال لا تستخدم قوتك المفرطة في ما هو قادم ، تبا للعالم فهذا الرجل يعلم الكثير خاصة فيما أقول) ، وهو ما جعلني أتوقف عند تهديد السيسي الأخير (اللي هيقرب منها هاشيله من على وش الأرض) ، فلم يكن الرجل يهذي ولا يهرتل بتهديد وما تعودنا منه هذا ، والمعنيين بالتهديد ليسوا شراذم الإرهاب في سيناء أو من الحدود الجنوبية أو الغربية أو من تركيا أو قطر أو إيران ، بل الأمور أبعد من كل هذا بكثير وخلف الكواليس وما نغرق فيه من عبث وجدال هناك ما يشيب له الولدان ولا يقال ،
ومن لا يصدق فليسأل الرئيس الفرنسي ولماذا تتحول أوروبا سريعا لتصبح ظهيرا لمصر ، ولماذا بدأ انهيار الاتحاد الأوروبي في هذا التوقيت ، ولماذا وكيف فقدت أمريكا هيبتها وهيمنتها ، ولماذا تتخبط الماسونية وتسقط في محاولات ساذجة وعشوائية لسرعة إسقاط مصر ، ولماذا ... ولماذا .. وهي علامات استفهام كثيرة وخطيرة تعيد رسم خريطة العالم بأحداث وحقائق جديدة ربما لن تعرفها الشعوب وعامة البشر إلا كأسرار تعلن بعد عقود أو سنوات كصفحات مجيدة تسطر في تاريخ هذا العالم على يد رجال هذا الوطن الغالي والعزيز ، وأبناء هذه الأرض المحروسة بعين خالقها سبحانه ...
















