

محمد نجم
تعالوا.. إلى كلمة سواء
بقلم : محمد نجم
يخطئ من يعتقد أن الصحفيين ضد الدولة أو يسعون إلى الصدام مع مؤسساتها المختلفة.. فنحن جزء من الشعب.. نهتم بقضاياه ونعبر عن آماله وطموحاته.. ونتبنى أفكاره وندافع عن حقوقه.
كذلك مخطئ من يظن أننا نعتقد أنه «على رأسنا ريشة» كأشخاص أو صحفيين أفراد.. هنا ينطبق تماما القول «إن بعض الظن إثم» فنحن نحترم القانون ونلتزم بالعادات والتقاليد والأعراف السائدة فى المجتمع.. ولكن طبيعة المهنة تدفعنا للاعتزاز بها، ومن ثم نبذل كل جهودنا من أجل ثقة قرائنا فيما نقدمه لهم من أخبار وتحليلات وآراء.
إننا نعمل فى مهنة «البحث عن المتاعب».. من أجل قارئ نسعى لإرضائه.
ومرة أخرى.. أؤكد أنه لا يمكن أن نعمل ضد الدولة أو نسعى إلى خصومة مع مؤسساتها المختلفة، وإنما هناك مجموعة من الحقائق قد تغيب عن البعض.
l منها أن النقابة ليست مبنى يجمعنا فى المناسبات المختلفة، إنما هى رمز وحصن وملاذ، وقد توارثنا حبها والاعتزاز بها جيلا بعد آخر، وقد يصل هذا الاعتزاز بالنقابة إلى درجة اعتبارها «كالأم» حيث لا يجوز المساس بها.. بل يجب حمايتها من كل اعتداء وإلا كنا مقصرين فى حقها!
l ومنها أيضا أنه جرى العرف باللجوء إلى مبنى النقابة عندما يتعرض عضو فيها إلى أزمة ما، وقد يصل هذا اللجوء إلى درجة الاعتصام داخل المبنى «الملاذ» حتى تنتهى مساعى النقيب أو أى من أعضاء المجلس فى إنهاء المشكلة أو حل الأزمة التى يعانى منها الزميل عضو النقابة.
ومن ثم لا يملك النقيب أو عضو المجلس أن يطرد الزميل المعتصم خارج المبنى.. وإلا لحقه «عار» يلازمه بقية حياته.. فضلًا عن الغضب العارم من أعضاء الجمعية العمومية.
وكثيرا ما تعرضت النقابة لمثل ما حدث فى الأيام القليلة الماضية، وكنا نسارع بإجراء الاتصالات الضرورية بالطرف الآخر فى أزمة الزميل المعتصم للاتفاق على الإجراءات الواجب اتباعها، وإذا كان الزميل مطلوبا للتحقيق كنا نصطحبه فى سيارتنا إلى الجهة المختصة، ونحضر معه التحقيقات طبقا لما يلزمنا به قانون النقابة، ولم نكن «أبدا» نتدخل فى قرارات جهة التحقيق التى كانت تصدر أحيانًا بحبس الزميل احتياطيا لمدة معينة، وفى تلك الحالة كنا نكلف محامى النقابة بمتابعة الإجراءات والدفاع عن الزميل إذا انتهت التحقيقات بالإحالة إلى المحاكمة.
هكذا كانت تجرى الأمور.. وهكذا كانت تتصرف النقابة بما يمليه عليها القانون وواجبها تجاه أعضائها، وكثيرا من الصحفيين حبسوا وكثيرون أيضا صدرت ضدهم أحكام بالحبس أو الغرامة، وكثيرون قضوا العقوبة التى قضت بها المحكمة المختصة عليهم.
فلسنا ضد القانون.. ولسنا على رأسنا ريشة فى هذا المجال.. والتجارب السابقة خير دليل وكل شىء معروف ومعلن.. فنحن نعمل فى مهنة كل شىء فيها يتم علنا وكأننا على الهواء مباشرة!
والمعنى أن هذه واجبات النقابة.. وحقوق الأعضاء فيها عليها.. خاصة عندما تتعلق القضية المتهم فيها الزميل بقضايا النشر.
ويمنعنى احترامى لقرار النيابة العامة بحظر النشر عن الحديث فى القضية المتهم فيها الزميلان والتى كانت سببا فيما حدث واعتبارناه اعتداء على النقابة.
لقد كنا فى غنى تمامًا عما حدث من مواجهة بين النقابة ووزارة الداخلية التى نحترم تضحية أبنائها، ونقدر جهودهم فى حماية المجتمع ضد كل من يخرج عن القانون، وليس سرا أننا فى دار المعارف أعددنا موسوعة بعنوان «شهداء الواجب» ضَمَناها السيرة الذاتية لكل من استشهد من أبناء الداخلية لتخليدهم ولكى تتعرف الأجيال اللاحقة على تضحياتهم.
ومن أعد هذه الموسوعة صحفيون من أعضاء النقابة أى أننا نساند الداخلية وأبناءها فى مواجهتهم للإرهاب والعنف المسلح.. بل نشيد بما يقدموه ونعمل على تخليد تضحياتهم.
وما أشرت إليه.. مجرد مثال فقط.. وكلنا كصحفيين وأيا كانت المطبوعة التى نكتب فيها أو المؤسسة التى ننتمى إليها.. دائما ما نكون فى الصفوف الأولى للمجتمع ضد كل من يعمل على اختراق أمنه أو العبث باستقراره.
ومن ثم كان «العتاب» والزعل من وزارة الداخلية أو من بعض القائمين على الأمر فيها.
فماذا يضير الداخلية أو منفذى أى أمر ضبط وإحضار.. إذا أخطروا النقابة بسرعة تسليم من يلجأوا إليها فى أى قضية؟.. وهل يمكن أن يمتنع أحد عن تسليم «متهم» مطلوب طبقا لأمر قضائى واجب النفاذ؟.. مع علمه بمخالفة ذلك الامتناع للقانون؟
مدى علمى - وكنت عضوا بمجلسها - أن نقابة الصحفيين دائما ما تلتزم بالقانون ولم تسع أبدا لمخالفته فى كافة الظروف والأوقات.
qqq
من جهة أخرى.. لست مع كل ما صدر عن اجتماع النقابة مساء الأربعاء الماضى، ويجب ألا يزايد أحد على ذلك، فكلنا كمجتمع صحفى نعرف بعضنا البعض تمام المعرفة.
نعم.. نغضب.. ونعترض.. ونطالب بما نعتبره حقا لنا.. ولكن لا يجوز التصعيد فى هذا التوقيت بالذات.
فنحن الصحفيين أعلم بما يحاك بمصر خارجيا من مؤامرات.. وكان علينا أن نخاطب رئيس الجمهورية - باعتباره حكما بين السلطات أن يتدخل لرأب الصدع الذى حدث..
وهنا أطلب من زميلى وصديقى يحيى قلاش نقيب الصحفيين سرعة دعوة شيوخ المهنة وأعضاء مجلس النقابة السابقين لاجتماع خاص للتفاهم فيما حدث والتشاور فى كيفية الخروج من هذه الأزمة.. بهدوء وحكمة وبشكل يحافظ على وحدة النقابة ويصون كرامة الصحفيين.. وأيضا بشكل يحافظ على هيبة الدولة واحترام مؤسساتها المختلفة.
نعم.. نحن مع هيبة الدولة ونحترم مؤسساتها، ونحن أيضا نحب نقابتنا ونقف صفا واحدا ضد ما نعتبره اعتداء عليها..
حفظ الله مصر.. ووقاها من كل فتنة.