عاجل
الأربعاء 13 أغسطس 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
البنك الاهلي
وماذا بعد التعويم؟
بقلم
محمد نجم

وماذا بعد التعويم؟

بقلم : محمد نجم

حسنا فعل البنك المركزى بمنحه الحرية للبنوك العاملة فى مصر بتسعير النقد الأجنبى، وعلى رأسها الدولار الأمريكى من خلال التعاملات البينية (الإنتربنك).



حيث استعاد بهذا الإجراء تداول النقد الأجنبى بيعا وشراء من خلال القنوات الشرعية وقضى تماما على ما يسمى بالسوق السوداء للاتجار فى العملة خاصة عندما سمح للبنوك بفتح فروعها حتى التاسعة مساء.

 

وكذلك أيام العطلات الأسبوعية للقيام بعمليات البيع والشراء وصرف حوالات المصريين العاملين فى الخارج، حيث لم يعد المجال مفتوحا لشركات الصرافة للتلاعب ولن تقوى على منافسة البنوك والتى تمتلك الدولة ما يزيد على 50% منها!

وقد تزامن مع الإجراءات السابقة رفع سعر الفائدة على الإيداعات للعملة الوطنية إلى 14.75%، وكذلك سعر الإقراض إلى 15.75% فقط.

ولم يكتف المركزى بما تقدم، ولكنه أعاد التأكيد على ضمانه لأموال المودعين- وأيا كانت عملتها- بالجهاز المصرفى، وعدم وجود قيود على عمليات السحب والإيداع للعملات الأجنبية للأفراد والشركات باستثناء الشركات العاملة فى مجال استيراد السلع والمنتجات غير الأساسية، حيث يسمح لها بسحب يومى بواقع 30 ألف دولار فقط مع إيداع 50 ألف دولار خلال الشهر.. وهو إجراء مقصود لترشيد استيراد السلع غير الضرورية فى الوقت الحالى.

ذلك مع عدم فرض أى شروط للتنازل عن العملات الأجنبية والتى كان يحتفظ بها البعض لأمر فى نفس يعقوب!

هذا.. مع التذكير بأن الاتجار فى النقد الأجنبى خارج القنوات الشرعية مجرم قانونا وسوف يعاقب جنائيا من يقوم بذلك، وأن المركزى لن يسمح لأى من الجهات التابعة لإشرافه (بنوك وشركات وصرافة) بعرقلة تطبيق المنظومة الجديدة، وأنه ملتزم بتوفير النقد الأجنبى المطلوب لاستيراد السلع الغذائية الأساسية، وأعتقد أنها معروفة للجميع ومنها القمح والأدوية والزيوت ومستلزمات الإنتاج.

هذا هو ملخص بيان البنك المركزى الذى شرح حيثيات وأهداف ما يسمى بتعويم الجنيه، وترك التداول فيه لقوى العرض والطلب الحقيقية استهدافا لاستقرار أسعار الصرف ومعدلات التضخم واستقرار الأسواق.

 

وتفسيرا وتوضيحا لما تقدم.. فإن أوضاع سوق الصرف لم تكن تعمل بشكل منضبط، إنما كان يغلب على تعاملاتها المضاربات العشوائية مع تعمد البعض بالتلاعب فى الأسعار، وهو أمر لا يتحمله الاقتصاد ولا المجتمع، حيث نزيف من الخسائر الاقتصادية وارتفاعات متتالية فى أسعار السلع الضرورية.

كما أن استقرار أسعار الصرف لم يكن مطلب صندوق النقد وحده حتى يوافق على برنامج الإصلاح الاقتصادى المصرى، إنما كان أيضا مطلبا ملحا للمستثمرين المحليين والأجانب، فلا يمكن العمل مع عدم استقرار الأسواق، فضلا عن أضراره البالغة على ارتفاع عجز الموازنة وتضخم حجم الدين العام.

فالحمد لله أن تم الإجراء المطلوب والذى تأخرنا فيه طويلا لأسباب خارجة عن إرادة الجميع، ولكنه تم فى النهاية ولابد أن تتضافر الجهود لإنجاح المنظومة الجديدة، لأن البديل صعب وكارثى، وهو مالم يحدث إن شاء الله.

إذن علينا جميعا كأفراد وشركات ومصريين فى الخارج أن نساعد اقتصادنا وبلدنا للخروج من الأزمة، حيث إنه على اتحاد الغرف التجارية الاستمرار فى مبادرته بالتوقف مؤقتا ولمدة ثلاثة أشهر على الأقل- عن استيراد السلع الضرورية، وعلى المصريين فى الخارج أن يعودوها بتحويلاتهم إلى القنوات الشرعية أى من خلال البنوك، حيث سعر التداول الحالى والذى لا يقل عن 15جنيها للدولار معقول ومجزى.

وأيضا على شركات السياحة والشركات التجارية العاملة فى التصدير سرعة تحويل عوائد أنشطتها إلى الداخل وعدم الاحتفاظ بها فى الخارج!

وعلينا كأفراد ألا نحتفظ بما يزيد على حاجتنا الضرورية من النقد الأجنبى، وأن تقتصر تعاملاتنا فيها من خلال البنوك وفروعها مفتوحة طوال اليوم وفى الإجازات والعطلات الرسمية وأن يتوقف بعض الدراويش من المصريين عن القيام بخمس عمرات فى السنة وكأنها فرض واجب وأيضا يجب الاكتفاء بحجة واحدة كل خمس سنوات والله أعلم بما فى القلوب.

نعم الحج فريضة ولكنها فرضت على من استطاع إليه سبيلا!

وعلى كافة الجهات المعنية كالجامعات والمدارس والمستشفيات والنوادى عدم التعامل بالنقد الأجنبى وأن يقتصر التعامل فى السوق المحلى على الجنيه المصرى فقط.

وعلى البنوك العاملة فى السوق المصرى سواء كانت عامة أو خاصة سرعة تلبية احتياجات المستوردين والصنَّاع ومن خلال ما يسمى بفتح الاعتمادات المستندية.. وإلا تطلب منهم تدبير ما يغطى طلباتهم من السوق!

وأخيرا على البنك المركزى أن يسارع بتغطية الحسابات المكشوفة فى البنوك وحجم المطلوب ليس كبيرا وفى قدرته القيام بذلك مما لديه من احتياطات وما يرد إليه من رسوم المرور بالقناة وعائد الصادرات والتحويلات الرسمية.

خاصة أنه منح البنوك قرضا ميسرا لمدة خمس سنوات (قرض مساندة) قدره 30 مليار جنيه لتعويض خسائرها فى الشهور القليلة الماضية ولكى تحافظ على جودة مؤشراتها وجدارتها الائتمانية المطلوبة.

 

مرة أخرى.. الموضوع جد ولا يحتمل التردد والانتظار أو المراهنة حيث يتعلق بالاستقرار الاقتصادى المطلوب الجاذب للاستثمارات الجديدة التى يحتاج  إليها المجتمع، خاصة بعد القرارات العديدة والجريئة التى صدرت بالتزامن- مع إجراءات المركزى- عن المجلس الأعلى للاستثمار.

هذا مع ضرورة التطبيق الحازم للقانون على كل مخالف وأيا كان وضعه أو مركزه!

حفظ الله مصر.. والقادم أفضل بإذن الله.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز