

جورج أنسي
قنابل موقوتة!
بقلم : جورج أنسي
مع كل أزمة يكون أحد أطرافها (مجاهدين ) وافدين من المنطقة العربية، كما حدث من قبل فى أفغانستان فى مواجهة الغزو السوفيتي والذين عرفوا وقتها بالافغان العرب، وما تلاها من حرب التطهير العرقى التى مارسها الصرب والكروات فى البوسنة والهرسك ، تثار مشكلة عودة هؤلاء المجاهدين الى أوطانهم الأصلية وما يترتب عن ذلك من آثار سلبية يدفع ثمنها البسطاء والحكومات .
واليوم تستعد مصر وتونس لاستقبال آلاف من المناضلين المجاهدين العائدين من سورية والعراق وليبيا ، والذين انضموا لصفوف التنظيمات الإرهابية كجبهة النصرة وتنظيم الدول الاسلامية فى العراق والشام والمعروف إختصارًا ب ( داعش )، ليشكلوا قنبلة موقوتة معدة للانفجار بالتعاون مع دواعش الداخل الذين يناصرون ويساندون نفسيًّا وعاطفيًا - وربما فعليًّا- أولئك العائدين، لتغيير شكل المجتمع وتغيير الأنظمة الكافرة - من وجهة نظرهم - بهدف إقامة دولة الخلافة التى يحلمون بها بعد أن اندحرت وتلقت هزائم على الأرض فى سورية وفى الطريق هزائم أخرى بالعراق .
وربما تحظى تونس بنصيب الأسد من هؤلاء العائدين المجاهدين ، فوفقًا لتقرير نشره خبراء فى الأمم المتحدة قبل أكثر من عام، فإن هناك أكثر من 5500 تونسي - تتراوح أعمار أغلبهم بين 18 و35 عاما - انخرطوا فى صفوف تنظيمات جهادية، خصوصا في ليبيا وسوريا والعراق ، لكن الحكومة التونسية - وعلى لسان رئيس وزرائها يوسف الشاهد - أكدت أنها ليست مع عودة التونسيين المنتمين إلى تنظيمات إرهابية والموجودين في بؤر التوتر - خصوصا في ليبيا وسوريا والعراق- إلى تونس. وقال أن "الذين سيعودون سيتم إيقافهم فورا حال وصولهم إلى التراب التونسي ومحاكمتهم ، وسيتم تطبيق قانون مكافحة الإرهاب بحقهم"، مشيرًا الى أن السلطات التونسية ستبدي حزما في تعاملها مع مسألة عودة الجهاديين إلى بلادهم،مؤكدًا أنه سيتم "إيقافهم فورا" ومحاكمتهم بموجب قانون مكافحة الإرهاب.
وأعلن الشاهد إن الدولة التونسية تملك قوائم بأسماء جميع الإرهابيين (التونسيين) الموجودين في بؤر التوتر والذين يشاركون في تنظيمات إرهابية،" ونحن نعرفهم واحدا واحدا ونملك كل المعطيات الخاصة بهم ".
وجاءت هذه التصريحات مع تصاعد الجدل في الآونة الأخيرة بشأن مسألة العودة الجماعية لآلاف الجهاديين التونسيين إلى تونس، وحتى الآن فإن هناك 800 جهادي عادوا إلى تونس بحسب ما أعلن الجمعة الماضي وزير الداخلية الهادي المجدوب، الذي قال أمام البرلمان "عندنا المعطيات الكافية واللازمة عن كل من هو موجود خارج تونس في بؤر التوتر، وعندنا استعداداتنا في هذا الموضوع".
ولاشك ان تونس تواجه لأول مرة اليوم عملية عودة مواطنين تونسيين انخرطوا فى صفوف جماعات ارهابية خاصة بعد سقوط نظام زين العابدين بن على الذى كان واحدًا من أشرس الحكام العرب فى التعامل مع الجماعات الجهادية الدينية فى الداخل وبطبيعة الحال فى الخارج ، الا أن المشكلة فى فى مصر ستكون اكبر - فى ظل سابق معاناتنا من عودة آلاف الشباب من أفغانستان والبوسنة والهرسك واليوم من سورية والعراق - مع وجود بيئة خصبة فى مصر لإحتضان هؤلاء المجاهدين إما عن جهل وعدم معرفة او بسبب إيمان بأفكار جهادية تدعو لتغيير المجتمع والدولة الكافرة بقوة السلاح والذى بدأت بشائره الفترة الماضية .
إن الدولة المصرية وأجهزتها الأمنية مطالبة بأخذ موضوع عودة هؤلاء الجهاديين بمحمل الجد والإستعداد جيدًا لاستقبالهم ومراقبتهم جيدًا وتطبيق القانون سريعًا على كل من يثبت استمراره فى التخطيط للإضرار بأمن وسلامة المجتمع ، خاصة أنه ثبت عمليًا أن فكر دواعش الألفية الجديدة وأسلوبهم يختلف تماماً فى خطورته وإرهابه عّن مجاهدى الثمانينيّات والتسعينيات !.