عاجل
الأحد 21 سبتمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
البنك الاهلي
الترنح ... بين الماضي والحاضر

الترنح ... بين الماضي والحاضر

بقلم : د. داليا مجدى عبدالغنى

دائمًا ما يترنح الإنسان بين ماضيه وحاضره ، فالماضي يفرض أفكاره على الحاضر ، بصوره وشكله وقيمه ، وكل ما فيه ، فهو يخلق حالة من فرض السيطرة ، فالإنسان عادة عينيه تبحث عن الماضي ، فإن خشي من أمرها ، يُرجع خوفه إلى حدث في الماضي ، وإن تصرف برعونة ، فيكون مصدر رعونته راجعًا إلى الماضي ، الذي بث فيه الشعور بأن هذا التصرف لا خطر فيه ، أما الحاضر ، فلا خلاف على أن جميع تصرفات الإنسان في الماضي تنصب حول رغبته في حماية حاضره ، ومُحاصرته بسياج من الأمان .



وهكذا ، الإنسان حائر دائمًا ، بين الماضي والحاضر ، ولا يمكنه التنصل من أي منهما ، فالماضي رغم أنه أصبح ذكرى ، إلا أنه ذكرى غالية الثمن ، ولها قدسيتها ، وهي التي تُشكل الوجدان ، والكيان ، والخبرة ، ولولاها ما كانت تصرفات الحاضر ، وكذلك الحاضر ، فهو رد فعل لماضي ، ونتاج له ، ولكن هل نختلف على أننا أحيانًا نتعمـد بحاضرنا مُخالفة ماضينا ، فأحيانًا يتعمد الإنسان الإتيان بتصرفات مُعاكسة ، ومُغايرة تمامًا لماضيه ؛ خشية الانزلاق في ذات الأخطاء ، والغريب أننا أحيانًا نخشى من ماضي الآخرين ، ونضع أنفسنا في موضعهم ؛ خوفًا من أن تكون نهايتنا كنهايتهم . للأسف الإنسان ، مهما تحرر ، فهو سجين ماضيه ، وماضي غيره ، حتى في الماضي ، فهو يظل حبيسًا لفكرة خوفه على المستقبل الذي يتحول إلى حاضر يعيشه فيما بعد ، وهكذا ينقضي عُمْر الإنسان بين ذكريات الماضي التي تُسدل ستائرها على الحاضر ، وبين الحاضر الذي أضاع بسببه ماضيه ؛ من أجل التفكير فيه وفي حمايته .

ولكن ، هل الحياة تستحق أن نرهق أنفسنا بالتفكير في ماضيها وحاضرها لهذه الدرجة ، فياليت الإنسان يدرك أن ماضيه ولى ، وأن حاضره سيصبح ذكرى بعد لحظات ، فما الداعي إلى قتل الأيام واللحظات والساعات ، بأفكار لن تُؤتي ثمارها ، فالماضي والحاضر والمستقبل ، ما هم إلا أيام وُجِدْت لكي نحياها كما هي ،  وأفكارنا قد تُغير من الواقع ، ولكن لكي يحدث هذا التغير ، لابد أن نرحم أنفسنا من حالة الترنح التي تُسيطر على عقولنا ، وأنفسنا ، فهي كفيلة بأن تقتل أي متعة قد تحملها لنا الأيام .

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز