عاجل
السبت 8 نوفمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
مصر للبترول
مصر للبترول
مصر للبترول
مصر للبترول
البنك الاهلي
الترنح ... بين الماضي والحاضر

الترنح ... بين الماضي والحاضر

بقلم : د. داليا مجدى عبدالغنى

دائمًا ما يترنح الإنسان بين ماضيه وحاضره ، فالماضي يفرض أفكاره على الحاضر ، بصوره وشكله وقيمه ، وكل ما فيه ، فهو يخلق حالة من فرض السيطرة ، فالإنسان عادة عينيه تبحث عن الماضي ، فإن خشي من أمرها ، يُرجع خوفه إلى حدث في الماضي ، وإن تصرف برعونة ، فيكون مصدر رعونته راجعًا إلى الماضي ، الذي بث فيه الشعور بأن هذا التصرف لا خطر فيه ، أما الحاضر ، فلا خلاف على أن جميع تصرفات الإنسان في الماضي تنصب حول رغبته في حماية حاضره ، ومُحاصرته بسياج من الأمان .



وهكذا ، الإنسان حائر دائمًا ، بين الماضي والحاضر ، ولا يمكنه التنصل من أي منهما ، فالماضي رغم أنه أصبح ذكرى ، إلا أنه ذكرى غالية الثمن ، ولها قدسيتها ، وهي التي تُشكل الوجدان ، والكيان ، والخبرة ، ولولاها ما كانت تصرفات الحاضر ، وكذلك الحاضر ، فهو رد فعل لماضي ، ونتاج له ، ولكن هل نختلف على أننا أحيانًا نتعمـد بحاضرنا مُخالفة ماضينا ، فأحيانًا يتعمد الإنسان الإتيان بتصرفات مُعاكسة ، ومُغايرة تمامًا لماضيه ؛ خشية الانزلاق في ذات الأخطاء ، والغريب أننا أحيانًا نخشى من ماضي الآخرين ، ونضع أنفسنا في موضعهم ؛ خوفًا من أن تكون نهايتنا كنهايتهم . للأسف الإنسان ، مهما تحرر ، فهو سجين ماضيه ، وماضي غيره ، حتى في الماضي ، فهو يظل حبيسًا لفكرة خوفه على المستقبل الذي يتحول إلى حاضر يعيشه فيما بعد ، وهكذا ينقضي عُمْر الإنسان بين ذكريات الماضي التي تُسدل ستائرها على الحاضر ، وبين الحاضر الذي أضاع بسببه ماضيه ؛ من أجل التفكير فيه وفي حمايته .

ولكن ، هل الحياة تستحق أن نرهق أنفسنا بالتفكير في ماضيها وحاضرها لهذه الدرجة ، فياليت الإنسان يدرك أن ماضيه ولى ، وأن حاضره سيصبح ذكرى بعد لحظات ، فما الداعي إلى قتل الأيام واللحظات والساعات ، بأفكار لن تُؤتي ثمارها ، فالماضي والحاضر والمستقبل ، ما هم إلا أيام وُجِدْت لكي نحياها كما هي ،  وأفكارنا قد تُغير من الواقع ، ولكن لكي يحدث هذا التغير ، لابد أن نرحم أنفسنا من حالة الترنح التي تُسيطر على عقولنا ، وأنفسنا ، فهي كفيلة بأن تقتل أي متعة قد تحملها لنا الأيام .

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز