عاجل
الثلاثاء 26 أغسطس 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
البنك الاهلي
تمرد الأنا الحاضر ورفض الواقع

تمرد الأنا الحاضر ورفض الواقع

بقلم : د. عصمت نصار

4) من التفسير والاستيعاب إلى إثبات الذات والحضور الفاعل



لا ريب أن التصورات السابقة على الرغم من تميزها عن بعضها إلا أن هناك ما يجمع بينها ويجعلها في نسق واحد ألا وهو الاعتراف بوجود الزمان والمكان باعتبارهما من خلق الله كما هو الحال في النسيج الأسطوري والديني أو معلولين بطريقة مباشرة أو غير مباشرة بداية من أفلاطون إلى هيجل ، ذلك فضلا عن النسق الحسي التجريبي الذي أعلى من شأن الآن والأين باعتبارهما وقائع مدركة ويمكن التأكد من وجودهما عن طريق الاستقراء كما هو الحال عند لوك وهويم.

وإذا ما انتقلنا من الطور النسقي إلى اللا نسقية سوف نتوقف أمام ايميل بوترو (1845 – 1921)  و"هوسرل" (1859 – 1930 م) فكلاهما نظر إلى مقولتي الزمان والمكان نظرة مغايرة عن تلك التي أدركهما بها الطبيعيون والفلاسفة المثاليون والعلماء الوضعيون ، فالزمان عند هوسرل وما بعد الحداثيين ليس إدراكا لشيءٍ مادي ، فالزمان والمكان لم يصبحا الساعات والدهور والجبال والبحار أو حركة الأفلاك وما يحويه هذا الكون من مجرات وكواكب ونجوم ولم يعد الإنسان كذلك ذلك الموجود المدرك للعالم الطبيعي الذي يدور من حوله. بل أضحى الزمان هو الثقافة وأحداث التاريخ وما يدور في العالم من وقائع وأصبح المكان هو المجتمع بكل معانيه البيت والوطن والعالم بكل ما يسكنه من أجناس وموجودات ، وانتقل الإنسان من موقعه في الهامش إلى نقطة المركز فالإنسان هو الفرد والشخص والمخيلة المبدعة القادرة على إعادة تشكيل الواقع وهو الإرادة الواعية الفاعلة الناقدة والثائرة والرافضة لكل ما لا تنتمي إليه ويشعرها بالغربة والاغتراب وهو القادر كذلك على إعادة قراءة الماضي والمعارف الموروثة وإعادة توظيفها أو استبعادها وذلك لخدمة الحاضر. ويعد "هوسرل" أول من وضع شروط لهذا التعريف فالإنسان لا يدرك الأشياء إلا من ثلاث زوايا مجتمعة هي الحس والوعي والشعور وأن أي خلل في هذا الإدراك ينقل المدرك من دائرة الوجود الحقيقي إلى هامش الشعور ، ولا يعني ذلك أنه ينكر أن الزمان والمكان موجودان في العالم المحسوس بيد أنه يرى وجوب وضعهما بين قوسين لاختبار وجودهما في دائرة الوعي والشعور وبالتالي في الذات فوجود العالم ليس ضروريا لوجود الوعي الخالص فمفهوم القصدية إذاً يرتبط بفكرة التعالق بين فعل الوعي وموضوعه ارتباطا وثيقا فالشعور القصدي يتألف من ذوبان الذات والموضوعي في بوتقة الشعور والوعي القصدي يحمل في ذاته الارتباط بالموضوع فالذات الواعية هي التي تتحكم في الشيء وتصنعه. وعلى نفس الدرب يمضي "هنري برجسون" (1859 – 1941 م) فيستفيض في الحديث عن الزمان والمكان ليس باعتبارهما من المقولات الميتافيزيقية أو الفيزيقية بل بوصفهما مقولتين نفسيتين ، فالزمان (المدة الحقيقية – الكثرة الكيفية – المتتالية غير المتجانسة في الذات الباطنة المتغيرة دوما تبعا لتحولات النفس غير الممتدة ، وهو أيضا النفوذ المتبادل بين الأنا والآخر الحاوي للتلقائية والحرية والتطور الخلاق النابع من الشعور والروح ) أما المكان فهو (الامتداد المعدود المتجانس المعين المدرك المحسوس الممتد وهو مرتبط بالزمان الفيزيقي). ويتفق في ذلك مع أوغسطين في أن الزمان هو الآن الحاوي للماضي والحاضر والمستقبل ، فهو الحاضر دوما في الذاكرة وفي الشعور بالواقع ، أما المستقبل فهو التصورات المتأثرة بطبيعة الحال بالشعور والذاكرة معا وبالتالي فالحدس النفسي لا يعبر عن التنبؤ أو قراءة الغيب بمعزل عن خبرة النفس أو الذات الواعية وهي اللحظة المبدعة ، وعليه لا يمكن الفصل بين الماضي والحاضر والمستقبل. والزمان لا ينقسم أو يتعدد إلا إذا ارتبط بالمكان فهو متصل دوما في النفس أي بالداخل أي أن الماضي يمكن أن تعيشه الذات على أنه حاضر فلا حدود فاصلة بينهما في الشعور النفسي المبدع دوما وهو منفصل في الخارج أي الزمان الطبيعي المتصل بالمكان الذي نعبر عنه بالساعات والسنين ويدركه الفيزيقيون والفلكيون وذلك لأنه متصل بالحركة التي تنتقل فيها الموجودات من مكان إلى أخر في زمن ما لا يمكن استرجاعه وذلك لأن الزمان الخارجي يسير في اتجاه واحد لا يتوقف وذلك على النقيض من الزمن الداخلي الشعوري ، وعليه فالذات الإنسانية تدرك الزمان على نحو مفارق لا نطلق عليه الوقت والفترات والأحقاب أي أن للنفس أو الذات الداخلية عالمها الخاص وهو متميز في طابعه ومدركاته عن العالم الطبيعي الفيزيقي. ويؤكد برجسون أن عالم المشاعر لا يمكن النفوذ إليه من الخارج  على الرغم من تأثر الذات المدركة للأحداث الكائنة في الواقع. فكل الواقعات والأحداث الخارجية لا يمكن إنكار أثرها على النفس المدركة لها غير أننا لا نستطيع تحديد ذلك الأثر أو مدى واقع الحدث على المشاعر الذاتية بالداخل ، ومن هذا المنطلق يرى أن الإنسان حر طليق في مشاعره الداخلية وأحاسيسه وأحلامه وطموحاته فيمكنه رسم في مخيلته المكان الذي يجب أن تتحقق فيه والوقت الذي يعيش فيه بأفكاره بغض النظر عن الزمان والمكان الخارجيين الطبيعيين فالزمان أو الديمومة هي التقدم المتصل بالماضي أو هي الغد المنطلق غير المنفصل مع الأمس في الأنا العميق الحر الخيّرة المدفوعة بنقاء الروح إلى الفضيلة في أسمى معانيها حيث الديانة الثيوصوفية التي تؤمن بوجود الله والعلم والفلسفة وسمو الحياة الروحية ، وعلى العكس من ذلك يمضي الزمان والمكان الفيزيقيان مع الذات الخارجية المقيدة ، تلك التي لا تستطيع إدراك الحاضر أو استدعاء الماضي عن طريق الذاكرة إلا بقدر الانتفاع به في المجتمع ، ومن ثم – وهي في هذه الحالة المنفصلة عن الذات تعيش سجينة الواقع والثقافة السائدة والعقل الجمعي وأخلاق الغريزة وشهوة الجسد ولا تدين إلا بما تتلقنه الأنا وتتوارثه الذات من التعاليم المقدسة في الديانات السماوية أو الوضعية -.

والجدير بالإشارة أن مفهوم ذاتية الزمان والمكان كان قاصما مشتركا بين معظم الوجوديين ، فنجد "باول تيليش" (1886 – 1965 م) يرفض التصور الميتافيزيقي للزمان ويعتبر أن الذات الإنسانية هي القادرة على إدراكه ، فالعقل لا يستطيع إدراك إلا وجها واحدا من الزمان والمكان ألا وهو الوجه المحسوس. أما الزمان الحقيقي فهو شعوري نابع من الأنا الواعية (فالزمان قدرنا وأملنا ويأسنا وهو المرآة التي نرى فيها الأبدية ، فنحن قد جئنا من ماض مجهول وسائرون نحو مستقبل لم يأتي بعد أما الحاضر الذي نعيشه فهو دائم المراوغة فلن نفلح في الإمساك به ، ولا فرار من هذا العبث إلا بالذات المؤمنة بخلاص المسيح فهو الحقيقة الأبدية الكامنة في الأنا فمنه البداية وإليه النهاية). وهو يساير في ذلك "برديائيف" (1874 – 1948 م) الذي ذهب -قبله- إلى أن الله قوة مؤثرة في الزمان والمكان مع أنه ليس سيد أو رئيس العالم بل هو حقيقة العالم وهو الروح والحرية وهو الحب الذي يربط بين الإنسان والحياة ، وبها يتجلى الله في الإنسان فترتفع الأنا وتسمو على كل غرائزها فتصبح في حضور روحي حقيقي ، ومن هذا المنطلق يرى باول تيليش متأثرا بـ "كيركجارد" (1813 – 1885 م)  أن الذات المؤمنة هي التي تستطيع أن تحقق للأنا الحضور المركزي في العالم وتمنح النفس أيضا طمأنينتها من المجهول أي المستقبل إذ أن الدين والأخلاق والإرادة الفاعلة هي التي تحدث الأنا عن البعث والحياة بعد الموت فتنقذها من قلق الخوف من المجهول وتجعل الذات الحرة الواعية حاضرة دوما مكتملة الوجود بعد خلاصها من أغلال الشهوة.

وهذا على العكس من "هيدجر" (1889 – 1976 م) "وجان بول سارتر" (1905 – 1980 م) فكلاهما جعل اليقين نابع من الذات الحرة غير المقيدة بإيمان أو مستندة على وجود ذات إلهية تستمد منها العون أو الحقيقة. فيبين هيدجر أن صفة الكائن الحي لا تساوي صفة الوجود فأن الطبيعة قد وهبت لجميع الكائنات الموجودة في هذا الكون صفة الحياة بصور مختلفة ولكن الجدير بصفة الوجود هو الإنسان باعتباره المدرك الواعي الأول المتأمل لكل ما يدور من حوله وبالتالي هو الذي يعطي كل الأشياء صفة الوجود أو العدم ، وعليه فإن صفة الحضور أيضا لم تعد تعني نقيض الغياب فالجمادات والأماكن والكائنات حاضرة في المكان وتتغير وتتحول بفعل الزمان دون أن يكون لها دخل في هذا الحضور. وبتأثير من أوغسطين يعرف هيدجر الحاضر بأنه الزمان الحقيقي وذلك لأن ((الحاضر فقط موجود أما القبل والبعد فإنهما غير موجودين ، الحاضر الواقعي هو نتيجة الماضي وهو مليء بالمستقبل ، ونتيجة لذلك فالحاضر الحقيقي هو الخلود)) ، والخلود عنده لا يعني البقاء الحسي بل هو القدرة على الاستمرار في دائرة الوجود وتحقيق الذات بل في مركز تلك الدائرة ، فذلك الموجود هو الإنسان الفرد القادر على الاتصال بالعالم الخارجي والتواصل معه انطلاقا من إرادة حرة واعية فاعلة مستقلة والاتصال بالذات الداخلية بنفس الفاعلية والقوة التي تمكنه من نقد الأنا دون أي مؤثر يجعلها تنحاز إلى غير الحقيقة التي تدركها ، فالزمن باعتباره الماضي والحاضر والمستقبل لا يكون كذلك إلا بقدر تأثيره في الأنا الواعية كما أن حضور الإنسان فيه متوقف على فعله تجاهه أي تجاه الآن الذي يحوي ذكريات الماضي واستشرافات المستقبل ، فالهوية الحقيقية لا تكتسب صفة الوجود إلا بإدراكها لهذه الأبعاد ، والمكان كذلك حاضر بقدر انتماء الأنا له وانضوائها تحت ثقافته الحرة وهو على النقيض من ذلك إذا ما شعرت الأنا بالاغتراب فيه أو أدركت أن ما فيه من سلطات يقيد ما تطمح إليه من رغبات. ومع ذلك كله نجد هيدجر في كتابه (الوجود والزمان) يصرح بأننا لا نستطيع تصور الوجود الخارجي بغير زمان ومكان بل يمكننا القول بأن الزمان هو النافذة التي نطل منها على المكان ، ذلك على الرغم من أن وجود الزمان نسبي فالماضي لم يعد له وجود والمستقبل لم يأتي بعد في حين أن المكان أقدر من الزمان على البقاء بيد أنه يعد ذلك التصور كله من التصورات الحسية الشائعة. ويعود ويؤكد أن الزمان والمكان الحقيقيين لا يدركهما إلا الأنا الحاضرة الكامنة في الذات الداخلية فهي التي تمنحهما صفة الوجود وتتفاعل معهما في عالم خاص أي أن الزمن الحقيقي عند هيدجر يكمن في اللحظة التي تكتمل فيها الهوية وتصبح وجودا حقيقيا واعيا فاعلا شاعرا ناقدا أما الفترة السابقة على تلك اللحظة فهي في نظره ليست حقيقية أو إن شئت قلت خارجية وكذا الفترة التالية على اكتمال هوية فهي الأخرى لا يتحقق وجودها الحقيقي إلا إذا نجحت الذات في تحقيق مآربها ومقاصدها وتفعل فيها كل ما تقتنع به إرادتها الحرة وبالتالي فحضور الأنا الكامل غير موجود لأنه لم يحقق طموحاته ويستثمر إمكانياته دون معوقات بعد وعلى رأس تلك المعوقات الموت وهو المعضلة التي لا فكاك منها شأنه. في ذلك شأن "ميرلو بونتي" (1908 – 1961 م) الذي نظر للزمن على أنه طريق الموت ((إننا مثل برتقالات خضراء أنضجها الزمن للقطاف وكذلك الزمن أنضجنا للموت)).

وصفوة القول إنه على الرغم من حرص الفلاسفة غير النسقيين في مرحلة ما بعد الحداثة على التخلص من المعاني التقليدية للزمان والمكان -سواء على المستوى الميتافيزيقي أو الفيزيقي- وإعطاءهما دلالة خاصة نابعة من الأنا المتمركزة في العالم الشعوري ، إلا إننا نلاحظ أن الأنا الفرد أو الذات الواعية أو الشخصية الفاعلة أو الروح الحرة لم تستطع التخلص من الثنائيات الموروثة (الأنا الإنسانية الموجودة والله الخالق) (الذات الواعية وسلطة المجتمع) (الأنا الحر وقلق الموت) ، أضف إلى ذلك أن حديثهم عن الأنا الحاضرة جاء خطابيا ويبدو ذلك في تأكيدهم جميعا على أن الأنا الحر لا تستطيع إدراك هويتها على النحو الذي يجعلها في مركز دائرة الوجود إلا في عالم الشعور أو في اليوتيبيات وأحلام المصلحين أو في المجتمع الافتراضي أو في أحاديثهم عن نهاية التاريخ. وهذا التصور الأخير لا نجد اتفاقًا عليه بين الفلاسفة بمنأى عن الأنساق أو الأيدلوجيات التي اعتنقوها ، فنهاية التاريخ عند "كانط" تبدو في خيرية العالم والسلام الدائم ويقظة الضمير ، وعند "هيجل" في التقدم والوعي الجمعي والعبقرية والإبداع ، وعند "ماركس" (1818 – 1883 م) في انتصار الأنا الثائرة على كل أعداء العدالة ، وعند "برنارد لويس" (1916 - ؟ م) صراع الحضارات وانتصار الليبرالية الأمريكية ، وعند "صامويل هينتجتون" (1927 – 2008 م) في العولمة وسيادة الديمقراطية الأمريكية ، وعند "ريمون آرون" (1905 – 1983 م) و "دانيال بيل" و "جاك دريدا" (1930 – 2004 م) في موت الأيدلوجيا والتحرر من أوهام الماضي ، وعند "فرانسيس فوكوياما" (1952 - ؟ م) هو الحرية الفردية في ظل حكومات ديمقراطية رأسمالية ، وعند الميتافيزيقيين هو عودة هرمجدون أو المسيح أو المهدي المنتظر والحرب الشاملة بين الأديان ودمار العالم المحسوس وأهوال يوم القيامة ثم البعث والخلود في النار أو الجنة.

وخليق بنا أن نتساءل قبل الشروع في قراءة واقعنا المعيش: هل استطعنا التخلص من التصور الأسطوري للزمان والمكان؟ ، وهل في إمكاننا معالجة النكوص النسقي الذي وقع فيه أفلاطون وأرسطو ومن سار على نهجهما من المثاليين والوضعيين؟ ، وهل تعرفنا على الأنا وقدراتها وميزنا بين حضورها وغيابها ؟

ونتساءل من جديد هل ندرك زماننا ومكاننا أم ارتضينا العيش في أن نكون موجودات تاريخية في زمان ومكان ما غير عابئين بوضعنا ومبلغ تأثيرنا وتأثرنا بالأحداث التي تمر من حولنا؟ وهل استطعنا قراءة الماضي واستيعابه أم اعتبرناه حملا ثقيلا من الذكريات؟ وهل الآن بالنسبة لنا نقطة بداية لجمع شتات الأنا وتكوين الهوية وإعدادها لتصبح حرة واعية فاعلة قادرة على صنع المستقبل؟ وهل حريتنا المنشودة وذاتنا التي مازلنا نبحث عنها في مرآة الضمير وعيون الأغيار سوف تظل في صراع دائم بين الأنا الأعلى والأنا الذي يرتدي عباءة الأخر؟ ، هل فكرة الله والقدر تعوق اكتمال وجودنا وحضور ذواتنا أم حقيقة الموت هي التي تقعدنا عن الاستمتاع بالحاضر والتخطيط للمستقبل؟

هل نجح فلاسفة ما بعد الحداثة في التخلص من سجن الأيدولوجيا؟ ، وهل الأنا الإنسانية هي التي تتربع في مركز العالم المتوهم أم الذات الفردية أم الشخص المهمش؟ وهل أضحى للحضور معنى أم شأنه شأن الغياب (نسبي ومتنازع حوله)؟ ، وهل القراءات الحرة للزمان والمكان نجحت في الانتقال من طور التأمل الذاتي إلى طور الإبداع ؟ وهل أعادت قراءتنا للزمان في ضوء العلم يمكنها إيقاظنا من أحلام اليوتيبيا حيث الزمان الأنسب والمكان الأفضل؟ ، وهل حديث الفلاسفة المعاصرين عن نهاية التاريخ ينبأ عن فشلهم في قراءة الحاضر وعجزهم عن استشراف المستقبل أو التخطيط له أم هو إعلانا صريحا عن عصر العبث وموت الأيدولوجيا وانعدام النسقية؟ ، وهل سوف تظل مقولة "نيتشة" (أن الزمان والمكان من الوقائع التي اصطنعها الأنا الأعلى ولا يدركهما سوى الأقوياء) هي الحقيقة التي لا فكاك منها؟

وإذا ما أجبنا عن هذه التساؤلات نتمكن حين إذ من إعادة القراءة والبحث عن مكان الأنا المصري وتحديد زمانها الشعوري ومكانها على مائدة ثقافة العالم. أما إذا لم نحسن القراءة فسوف نظل على حافة الهامش بل إن شئت قل على حافة الهاوية ، ومن ثم لم يصبح لدينا اختيارات فلزاما علينا أن نتعلم كيف نقرأ ومتى نفعل.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز