

محمد نجم
قليل من الأدب !
بقلم : محمد نجم
أزعجنى جدًا ما سمعته عن وجود فيلم “صبيانى” على فيسبوك ينتقد بعض أفرع القوات المسلحة لعرضها كعك العيد فى منافذ التوزيع.
ومن حسن حظى.. أننى لم أشاهد هذا العمل السخيف، ولكني تابعت ما نشره الأصدقاء من صور للشباب الخايب الذين أعدوا هذا الفيلم، ولاحظت أنهم يفتقدون الرجولة وتتسم ملامحهم بقلة الأدب والسلوك العبثى ويبدون كالمغيبون ليس لديهم انتماء لأى شىء.
وليعلم هؤلاء وغيرهم أن قواتنا المسلحة عبارة عن تاريخ ممتد من الوطنية والرجولة والتضحية لحماية الوطن واستقرار المجتمع وضمان أمن المواطنين، أنها كالمحيط الهادر لن يعكر نقاء مائه.. حجر صغير يلقيه فيه طفل عابث قليل التربية عديم الانتماء.
ألا يعلم هؤلاء الصبية أن أفراد قواتنا المسلحة هم الآباء والأبناء والأحفاد لكل أسرة مصرية، فإلى من يسيئون..! إذا كانوا يعلمون أو يفهمون!
ألم يدرس البعض منهم فى مقررات التاريخ المدرسى بطولات جيشنا على مدى العصور، وأنه كان دائمًا مدرسة الوطنية المصرية ممتدة الجذور.. ألم يقرأوا ما وصفوا به من أنهم «خير أجناد الأرض» وأنهم تصدوا للتتار ودحروهم وحموا البلاد والشعوب العربية من شرورهم بعد أن أحرقوا بغداد وملأوا نهرى دجلة والفرات بدماء أهلها!.. ألم يسمعوا عن «حطين» وتحرير القدس وصد الهجمات الصليبية!
وهل نسوا حروب إبراهيم باشا وتوسعاته شمالًا وجنوبًا وشرقًا وغربًا! وماذا عن حرب 56 ونصر أكتوبر فى 1973! عيب.. لا يجب أن يصل الاستخفاف ببعض الشباب المتهور إلى العيب والمساس بأحد ركائز الوطن ودرعه الأساسى.
لقد تربينا.. أجيال ورا أجيال على احترام القوات المسلحة وطاعة أوامرهم وتعليماتهم.. وكنا عندما نتظاهر - فى فترة الشباب - ونجوب الشوارع بهتافات مستنكرة لبعض القرارات أو السياسات.. سرعان ما نتوقف وننسحب إلى منازلنا بمجرد سماعنا لنزول أفراد القوات المسلحة إلى الشوارع لإعادة الانضباط وتسهيل حركة الناس فى الشارع، وخير مثال على ذلك أحداث 18 و 19 يناير 1977.
ثم من الذى حمى شباب ثورة يناير من عنف فلول الحزب الوطنى، وكذلك الإخوان ومعهم أفراد من حماس وكتائب القسام؟.. ومن الذى أنقذ البلاد والعباد فى ثورة 30 يونيو؟ وألا ينظر هؤلاء حولهم ماذا حدث للأشقاء فى بعض الدول العربية عندما غابت جيوشها وتخلت عن واجبها المقدس فى حماية البلاد وضمان أمن المواطنين!
أنهم شباب مصابون بالعمى فى النظر وغباء فى الفهم وخلل فى العقل، ولو كنت مسئولًا لألحقتهم فورًا بإحدى الوحدات العسكرية - قبل المحاكمة - ليتعلموا الرجولة ويفهموا معنى الإنتماء والاستعداد للتضحية من أجل الوطن.. مصر التى ذكرها الله سبحانه وتعالى فى القراآن الكريم خمس مرات.
qqq
ثم ماذا فعلت القوات المسلحة سوى مشاركة المجتمع فرحته بالعيد ومساندة القطاعات المدنية بتوفير مستلزماته.
ألا يعلم هؤلاء أن القوات المسلحة بها جهاز الخدمة المدنية لتوفير بعض المنتجات والخدمات للمجتمع؟..
ألم يتابعوا ما تقوم به الإدارة الهندسية بقيادة المقاتل المغوار اللواء كامل الوزير.. من بناء مساكن وشق طرق فى الجبال.. واسترداد الأرض المنهوبة وتوفير مياه الشرب النقية وخطوط الصرف الصحى لبعض أهالينا فى المحافظات النائية!
ليعلم هؤلاء وغيرهم أن كل الجيوش الوطنية والمحترمة لا تتردد فى مساعدة مجتمعاتها فى حالات الطوارئ أو الضرورة، والكل يعلم كيف وماذا قدمت قواتنا المسلحة للمجتمع ومواطنيها فى السنوات العجاف الماضية، وعلى سبيل المثال.. توفير الوقود لمحافظات الصعيد، والخبز البلدى لجميع المواطنين من الأفران التابعة لها، كما فتحت جميع مستشفياتها للعلاج للجميع كما أتاحت «المنافذ» الخاصة بالسلع المدنية لأفرادها أمام المواطنين.
نعم.. ما تقدمه قواتنا المسلحة من خدمات وما تعرضه من منتجات لمواطنيها ليس بدعة ولن تكون كذلك، فهكذا تفعل جميع الجيوش الوطنية.. من خلال بعض الإدارات الخاصة بالخدمات المدنية وبما لا يؤثر إطلاقًا على القدرات القتالية لبقية أفرادها.
وأعتقد أن ما يحدث فى سيناء وعلى حدودنا الغربية خير دليل على ما نقول.. ولست فى حاجة لمزيد من التفاصيل. فالأمر واضح وضوح الشمس إلا من كان في قلبه مرض أو فى نفسه غرض.
qqq
وفى رأيى أن هذا الفيلم السخيف من شباب مستهتر ما هو إلا مجرد «واقعة» انتهت ولكن ما يهمنى فيها أنها كشفت عن «حال» بعض شبابنا سواء كانوا مسيسين أو مستهترين.
فالملاحظ أن بعض الشباب - ولا يجب التعميم - لا يشعرون بالإنتماء الواجب.. لا لأسرة ولا وطن ولا حتى دين، أحيانًا ما نشاهد أو نقرأ عن تجمعات شبابية أمام بعض السفارات الأجنبية طلبًا للهجرة، وأحيانًا تنشر الجريدة الرسمية قرارات بإسقاط الجنسية عن بعض المصريين الذين تجنسوا بجنسيات أخرى بدون اتباع الطرق القانونية المنظمة لذلك، ناهيك عن «قوارب الموت» التى يتم ضبطها على الشواطئ المصرية والتى تحمل فوق طاقتها العديد من الشباب صغار السن والراغبين فى الهجرة غير الشرعية لبعض البلاد الأوروبية.
هذه «الظاهرة» وإن كانت مؤقتة كما يرى البعض، إلا أنه يجب أن ننتبه لها جميعًا وخاصة علماء وخبراء الاجتماع وكذلك الأسر والهيئات والوزارات المعنية.
فلا أعتقد أن المسألة مجرد بحث عن فرصة عمل مناسبة، فبعض القطاعات فى المجتمع حاليًا تعمل كخلية نحل وهناك العديد من فرص العمل المتاحة بأجور مناسبة، وقد رأيت العديد من الشباب يمسك بتلابيب أى فرصة تتاح له مؤقتًا حتى تأتى الفرصة المناسبة مع دراساته ومؤهلاته واستعداده الشخصى، والعمل ليس عيبًا وأيا كان نوعه طالما يتم فى إطار منظم يحترم القائمين به، بل إنه ضرورة فى بعض الحالات.. حتى لا ينتظر الشاب مصروفه من أهله بعد أن أرهقهم فى مراحل التعليم المختلفة!
وفى رأيى أن الموضوع يحتاج إلى بحوث متأنية ومنظمة ولاشك أن الطموحات مرتفعة والرغبة فى الثراء السريع أصبحت ملحوظة بين الجميع،ولا بأس بحماس الشباب ولكن لابد من حسن الاستغلال والتوظيف المناسب لهذه «الموجة» المبالغ فيها من الطموحات المتعجلة.
ولقد كنا نفتخر من قبل أن النسبة الغالبة من السكان فى مصر من الشباب، أى القدرة على العمل والرغبة فيه وتحقيق الطموحات المشروعة والمناسبة، ولكن يبدو أن هناك بعض «الملابسات» أو التعقيدات التى تدفع البعض من هؤلاء الشباب للهجرة الخارجية غير المضمون عواقبها، والأهم أنها تحرم المجتمع من طاقتهم وسواعدهم فى وقت تحتاج فيه لكل يد قوية وراغبة فى المساهمة فى إعادة البناء.
نعم.. نحن مسئولون عن أبنائنا ويجب أن نحسن تربيتهم ونرشدهم إلى بر الأمان، تمامًا كما فعل آباؤنا.. وتلك سنة الحياة.
فهل نفعل أم ننتظر إلى وقت لاحق حيث لا ينفع الندم؟!