عاجل
الجمعة 3 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي
رحل راهب الصحافة

رحل راهب الصحافة

بقلم : جيهان ابو العلا

وسقط عامود آخر من أعمدة البيت الصحفي، الذي عاش راهبًا في محرابها سنوات طويلة كان فيها أستاذ الأساتذة.



تلاميذ تلاميذه أصبحوا نجومًا يملأون الساحة، فهو "كشاف النجوم" بخبرته وحسه الذي لا يخطئ، كان يعرف مصير من يقف أمامه هل سيكمل ويصبح نجمًا في سماء الصحافة أم مجرد ضوء خافت لن يكون له أثر!

كان كشافًا للنجوم ليس على مستوى الصحافة فقط، ولكن في مختلف مجالات الإبداع الأخرى، بدأها وهو صحفي شاب عندما أيقن أن دور الصحافة ليس مجرد تلميع أو تدعيم المبدعين الموجودين على الساحة وفقط، ولكن الأهم هو اكتشاف المبدعين وتقديمهم ودعمهم.

لهذا طاف الصعيد الجواني في القرى والنجوع تمامًا كالجواهرجي الذي يستخلص ذرات الذهب من ترابه.. وقدم العديد من الأسماء من شعراء ورسامين ومطربين وفنانين على صفحات مجلة صباح الخير.

رحل أستاذنا، لويس جريس، عن عمر يناهز الـ90 عامًا، عاش جلها في المحراب عاشقًا.. فحياته كلها يمكن أن نضع لها عنوانا واحدا (حكاية عشق) فقد عاش عمره ما بين عشقين لا ثالث لهما الصحافة وسناء جميل.

الأولى أخذت لبه وقلبه وعقله منذ نعومة أظافره، وهو في الرابعة عشرة من عمره وهو ما زال في بلدته أبو تيج أسيوط.

والتي كان يقابلها كل خميس عقب وصول قطار الصحافة في المحطة ليسرع إليه ليحتض كل ما يمكن أن تلتقطه يداه من قصص ومجلات وصحف.. فقد أخذته الصحافة ونجومها وقتها إلى عالم آخر غير الذي يعيش فيه وتخيل نفسه مع أحمد بهاء الدين وإحسان عبد القدوس وصلاح عبد الصبور، فانطلق إلى عالم السينما والكتب الأجنبية، وحلم بالسفر للخارج، وقد كان ودخل إلى بلاط صاحبة الجلالة عاشقًا متيمًا وعاش بها ومعها مهمومًا بها حتى أواخر أيامه.

أما عشقه الثاني سناء جميل أو معشوقته الأبدية التي رحلت منذ ستة عشر عامًا،  إلا أنه كان دائمًا يقول لنا إنها معه ولم تمت. فكتب لها رحلت ولم تودعني.. رحلت دون استئذان.. تركتني وحيدًا أعاني ظلام الليل والوحدة القاسية. كثيرًا ما أسمع صوتها في منتصف الليل.. كانت أمي التي تربت على كتفي وكانت أختي وصديقتي وصديقي أحيانًا.. أفتقد حنانها وعشقها وإبداعها وأفتقد صوتها وضحكتها الدامعة وأغفو كل يوم على أمل أن أجدها بجواري في الصباح الباكر.

هكذا قال عن معشوقته التي سبقته وها هو يرحل إليها.. لتحتضن الأرواح العاشقة بعضها بعد طول انتظار للقاء.

ولكن أبناء معشوقتك الأولى (صاحبة الجلالة) سيفتقدونك.. فقد تركتنا وأنت كبيرنا وأستاذنا.. سنفتقد الأب والأستاذ والكبير الذي نلجأ إليه عندما تعتصرنا المشاكل والأزمات.. بالتأكيد سنفتقد البوصلة عندما يضل بنا الطريق. وداعًا.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز