

محمد نجم
أين نصيبنا العادل من السياحة الخارجية؟
بقلم : محمد نجم
أعتقد أن مؤتمر الشباب العالمي، الذي عقد الأسبوع الماضي بشرم الشيخ قد حقق أهدافه، حيث رأت وتعرفت نخبة مميزة من شباب العالم على مصر الآمنة.. المستقرة سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا.
كما كان المؤتمر «منصة» لإطلاق رسائل مصرية واضحة لبعض الدول الخارجية وتدخلاتها الإقليمية وأيضا كان «تسويقا» جيدا للسياحة المصرية، ويجب أن يستغل العاملون بالقطاع السياحي ما حدث ويبنون عليه.. لجني الثمار المتوقعة.
فلا يعقل أن تمتلك مصر هذا الحجم من الآثار في العهود التاريخية المختلفة، وهذا التنوع المتعدد في الأنشطة السياحية المتاحة على أرضها، ثم نحتل المرتبة الرابعة والسبعين من إجمالي 136 دولة في مؤشر التنافسية السياحية!
فهل يعقل ألا نسبق- عربيًا- غير الأردن التي احتلت المرتبة «75» وتونس في المرتبة «87» في هذا المؤشر؟ وبالطبع لن نقارن أنفسنا مع دولة مثل إسبانيا التي احتلت المرتبة الأولى، ولا فرنسا التي احتلت المرتبة الثانية، ولا حتى إيطاليا التي احتلت المرتبة الثامنة، لكن سنقارن أنفسنا مع الدول القريبة منا والمنافسة لنا في هذا المجال مثل اليونان، التي احتلت المرتبة الـ24، وأخيرًا المغرب في المرتبة 65.
وإذا تركنا تقرير مؤشر التنافسية العالمي، وانتقلنا إلى الواقع على الأرض، فأرقام عام 2010 تقول إننا استطعنا- وقتها- جذب أكثر من 13 مليون سائح، وبلغت الإيرادات 12 مليارًا و500 مليون دولار.
وبعد ذلك بأربع سنوات، أي في عام 2016 بعد أن تعافينا سياسيًا واقتصاديًا لم يفد إلينا سوى 5.4 مليون سائح، اقتصرت إيراداتهم على 2.7 مليار دولار.. نعم ارتفع الرقم في عام 2017 إلى حوالي 8.5 مليون سائح، وبلغت إيراداتهم 7.6 مليار دولار.
ويتوقع بنهاية العام الحالي، أن يصل الرقم إلى 8.5 مليون سائح، بإيرادات متوقعة تزيد على 8 مليارات، حيث حقق النصف الأول من العام الحالي إيرادات بلغت 4.7 مليار دولار.
ومع ذلك فما زلنا أقل مما تحقق عام 2010!
قد يقال إن السبب في هذا التراجع السياحي يعود بشكل مباشر إلى تراجع السائحين الروس، بسبب أزمة الطائرة الروسية التي سقطت في سيناء منذ عامين، وأيضا بسبب الحرب المستمرة على الإرهاب الداخلي، ولكن ما هي نسبة السائحين الروس بالنسبة لإجمالي السياحة الأجنبية لمصر؟ وما حجم إنفاق السائحين الروس الذين يقتصر تواجدهم في منطقتي الغردقة وشرم الشيخ، مقارنة بحجم إنفاق السائحين الأمريكان والأوروبيين والعرب؟
وأيضًا.. هل نحن الدولة الوحيدة في العالم- التي تمتلك مقاصد سياحية متنوعة- التي تعاني من بعض الحوادث الإرهابية المتفرقة أو المتكررة؟ ألم تعانِ فرنسا وألمانيا من الإرهاب أيضًا؟ وهل كانت تركيا بعيدة عن ذلك؟
ثم ألم يتراجع الإرهاب في مصر في السنوات الأخير،ة مقارنة بما كان يحدث في نهاية التسعينيات أو بعد ثورة ٣٠ يونيو وسقوط وفشل الحكم الإخواني؟
في الحقيقة موضوع السياحة يحتاج لبعض التركيز ومزيد من الجهد الإضافي.. فنحن ما زلنا بعيدين عن نصيبنا العادل من السياحة الخارجية. واعتقد أن الأمر ليس صعبًا.. فعناصر الجذب السياحي معروفة للجميع، ولعل أهمها وجود منتج سياحي متنوع، ونحن ولله الحمد لدينا منه وفرة، حيث السياحة الثقافية «الآثار»، وسياحة الغوص والأنشطة البحرية، والمعارض والمؤتمرات، والاستشفاء والعلاج، والسياحة الخضراء.. مثل مناطق الوادي الجديد والدلتا.
ثم يأتي العنصر التالي، وهي البرامج السياحية المصممة بشكل جيد، والتي تحقق المتعة الثقافية والراحة الجسدية للسائح، ثم تسويق جيد للمنتجات السياحية المتوافرة، ويلى ذلك سهولة الانتقالات الخارجية والداخلية، وأعتقد أن لدينا شركة طيران عريقة، كما سمحنا للطيران العارض والشارتر.. إلخ.
وأيضًا.. الإقامة المريحة والتعامل الحسن والأسعار المناسبة والمتنوعة، حسب القدرات المالية للسائحين الوافدين من المناطق المختلفة.
مرة أخرى.. الموضوع.. بسيط وممكن.. لكن نحتاج للتخطيط الجيد، ثم التنفيذ الفعال للسياسات التي أقرت، وأخيرًا «متابعة» متواصلة للتنفيذ مع تطبيق مبدأ الثواب والعقاب.
وأعتقد أن تلك مهمة المجلس الأعلى للسياحة الذي لم نلمس له دورًا على الأرض حتى الآن.
والطريف أن لدينا وزارة للسياحة، وهيئة لتنشيطها ومكاتب خارجية ملحقة بسفاراتنا في الخارج، كما نشارك في بورصات السياحة العالمية، ونرسل آثارنا في جولات عالمية.. ثم تكون «المحصلة» على غير ما نتوقع!