عاجل
الأربعاء 22 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
"موقعة" الدرب الأحمر ودلالاتها

"موقعة" الدرب الأحمر ودلالاتها

بقلم : محمود حبسة

يبقى حادث الدرب الأحمر الإرهابي واحدا من الحوادث الإرهابية المهمة التي يجب أن نتوقف عندها كثيرا لنستخلص منها الدلالات والعبر، المؤكد أن الحادث الأخير ليس هو الحادث الأول وبالتأكيد لن يكون الأخير، والأهم أنه ليس الحادث الأكبر أو الأكثر دموية في تاريخ العمليات الإرهابية من حيث عدد الضحايا، لكن حادث الدرب الأحمر يكشف عن عدد من الدلالات التي يجب أن نتوقف عندها ونقرأها بدقة لنقف عند معانيها ورسائلها.



أولا نجاح وزارة الداخلية بالتعاون مع القوات المسلحة في التصدي لجريمة الإرهاب ومحاصرتها وتقليل آثارها إلى أضيق الحدود لما أصبح يتمتع به رجالها الأبطال من ضباط وأمناء شرطة من شجاعة وروح قتالية عالية وحرفية وقدرة على التصدي للإرهابيين وتعقبهم وإحباط مخططاتهم، وهو أمر يبعث على الفخر، أمر يبعث على الاطمئنان بأن مصر بها ضباط أمن من هذه النوعية من الرجال الذين يتمتعون بهذا القدر العالي من الحرفية والمهنية، فقد تم تعقب الإرهابي ومحاصرته بعد أيام قليلة من تنفيذه عملية إرهابية من خلال الاعتداء على قول أمني بجوار مسجد الاستقامة بمحافظة الجيزة عقب صلاة الجمعة قبل الماضية، فرغم هروبه إلى منطقة شعبية شديدة الزحام وداخل حارة في منطقة متشعبة تم تعقبه وتحديد مكانه بدقة عالية، عملية ناجحة وتعقب أمني ناجح للإرهابيين ومحاصرتهم في تواصل لأداء أمني ذكي وتصدى فعال لجريمة الإرهاب وكشف الداعمين لها، وهناك العديد من العمليات المماثلة التي مكنت وزارة الداخلية من توجيه ضربات استباقية ناجحة لفلول الجماعات الإرهابية بعد تعقبهم وبناء على معلومات أمنية دقيقة حددت أماكن تواجدهم بدقة في عدد من المناطق الصحراوية والنائية من العريش في شمال سيناء إلى أسيوط في الجنوب قضت عليهم داخل بؤرهم، وبذلك نجح رجال الداخلية من خلال هذه العمليات في تجنيب مصر مخاطر كبيرة إذا لا قدر الله نجح هؤلاء الإرهابيون في تنفيذ مخططاتهم.

ثانيا تلك الروح القتالية وهذه الشجاعة لهؤلاء الرجال الذين يؤكدون أنهم لا يخافون الموت ولا يهابونه وأنهم يحملون أرواحهم على أكتافهم دفاعا عن الوطن يقدمون الشهداء شهيدا بعد الآخر فداء له ودفاعا عن أبنائه، رجال يعلمون حجم الخطر ورغم ذلك لا يتقاعسون عن الدفاع عن الوطن وحماية أبنائه من هؤلاء الخونة المأجورين، تلك الروح التي رأيناها بوضوح ونحن نتابع تفاصيل الحادث الإرهابي من خلال الإصرار على الإمساك بالإرهابي، مهما كانت المخاطرة ومهما كانت التضحية، تلك الروح تجعلنا على يقين بأن مصر ستبقى بإذن الله في أمن وأمان طالما بقى بها هؤلاء الرجال المخلصون، فتحية لشهداء حادث الدرب الأحمر الأبرار ولمن سبقوهم إلى الشهادة ولمن سيلحق بهم من زملائهم.

الدلالة الثالثة التي يجب أن نتوقف عندها هي الإرهابي نفسه الحسن عبد الله، شاب عمره 37 عاما ابن لطبيب كبير يعمل بالولايات المتحدة وهو نفسه حاصل على الجنسية الأمريكية يفترض أن مثل هذا الشخص يمتلك من مقومات الحياة الكثير، السؤال: ما الذي يدفعه إذا للموت؟ ما الذي يدفعه لمعاداة وطنه وحمل السلاح على الدولة؟ كيف سلم نفسه لجماعات الشر تعبث به إلى هذه الدرجة كيف وأين حدثت عملية غسيل المخ هذه؟ ما قناعاته وكيف فهم الإسلام كيف تصور أن الإسلام الدين الذي يدعو إلى الحياة والعمل والإخلاص لله ونشر الحب بين الناس كل الناس هو نفسه دين القتل وترويع الآمنين ونشر الفوضى وإسقاط الدول؟ كيف فهم أن قتل فرد أمن لا حول له ولا قوة جهاد في سبيل الله في الوقت الذي يترك فيه المسلمون يذبحون ويقتلون وينفون من الأرض من بورما إلى فلسطين دون عمل واحد من هؤلاء المدعين الكاذبين يناصرهم؟

كيف ترعرع الحسن هو وأقرانه السذج المغيبون في حضن الإرهاب وأين كانت أجهزة الدولة؟ أين كان الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف وأين كان الوعاظ في المساجد؟ أين كانت وزارة التعليم ومدارسها والتعليم العالي وجامعاتها؟ ماذا درس من الدين هل تعلم النشء منهما شيئا عن الإسلام وسماحته وقيمه ودعوته للحوار والتعامل مع الآخر؟ أين كانت وزارة الشباب والرياضة متى تحاورت مع الشباب وماذا قدمت له بعيدا عن مباريات كرة القدم ومراكز وساحات لا يذهب إليها أحد؟ أين كانت وزارة الثقافة وكل هذا الكم من قصور الثقافة الجماهيرية؟ وأخيرا أين كانت الأحزاب وأين الحوار المجتمعي الذي دعت إليه وشاركت فيه؟ أين كان كل هؤلاء على امتداد أكثر من 50 عاما من سبعينيات القرن الماضي على الأقل؟ أين كان كل هؤلاء وهؤلاء الشباب يقعون فريسة سهلة في يد الجماعات الإرهابية تستغلهم كما شاءت تصنع منهم قنابل موقوتة ضد الدولة المصرية ومؤسساتها وهي تبث الكره داخل نفوسهم للمجتمع بأسره.

على الجميع أن يراجع نفسه، الكل مقصر والكل مذنب في حق مصر، ألم يثبت أن عددا من المتورطين في اغتيال النائب العام السابق المستشار هشام بركات من أعضاء جماعة الإخوان من طلبة جامعة الأزهر، أين كانت الجامعة إذا ويفترض أنها تدرس الإسلام الصحيح الوسطي المعتدل الذي نزل على محمد خير البشر وأفضلهم وأرحمهم، النبي الذي بكى لوفاة يهودي؟ كيف مكنت الجامعة بتقاعسها وضعفها جماعة الإخوان من نشر دعوتها الخبيثة بين طلابها؟ لماذا لم ترد على فكر الخوارج وتفند منهج العنف والتطرف وتبطله بالأسانيد الشرعية؟ أسئلة كثيرة يجب أن نتوقف أمامها جميعا في وقفة صادقة مع النفس من أجل مصر وشباب مصر.  

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز