عاجل
الجمعة 10 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
مشاهد من الإسراء والمعراج

مشاهد من الإسراء والمعراج

بقلم : محسن عبدالستار

رحلة عجيبة ومعجزة خالدة، حيرت العقول وأذهلت الألباب؛ لأنها خارجة عن مألوف البشر جميعًا، فكان الإسراء برسول الله- صلى الله عليه وسلم- من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، في مسافة شاسعة، رأى فيها عظيم آيات الله، وجلال ملكوته سبحانه وتعالى، ثم عاد في نفس الليلة، هي الرحلة التي تحتفل الأمة العربية والإسلامية بذكراها الليلة، الإسراء والمعراج.



إنها أعظم آيات النبوة، وأجلّ معجزاتها، فيها حكم وأحكام ودروس عظيمة وبليغة، رحلة اختص فيها الله نبيه الكريم وخليله وصفيه محمد عليه السلام، من المسجد الحرام إلى بيت المقدس، موطن النبوات وأولى القبلتين، وكان هذا تشريفًا لقدره، وتعظيمًا لمكانته عليه السلام، وتشديدًا لعزيمته.

 إنها معجزة حية ربانية، حملت بشرًا إلى عالم السماء، وأعادته إلى الأرض، فالكون كله في قبضته سبحانه وتعالى، إذا أراد شيئًا يقول له كن فيكون.

تتجلى في هذه الرحلة العظيمة عظمة الإسلام، فهو الخاتم لكل الشرائع والأديان السماوية، ولقد وثقت هذه الرحلة المباركة الأخوة بين الأنبياء كلهم، وأن رسالتهم واحدة، فكلما حلّ الرسول الكريم بسماء يُستقبل فيها بقولهم "مرحبًا بالأخ والنبي الصالح".

إن كل الأنبياء لو أدركوا رسولنا الكريم لوجب عليهم الإيمان به، واتباعه، ونصرته، كما ذكروا لأتباعهم.

لقد اجتمع الأنبياء كلهم خلف النبي- صلى الله عليه وسلم- للصلاة في المسجد الأقصى، لعلو مرتبته وجلال قدره، ولأنه خاتم الأنبياء وأفضلهم.

عُرج بالرسول الكريم إلى السموات العلى، وما نال هذه المرتبة الكبيرة إلا لعظيم شأنه، إذ وصفه ربنا بالعبودية في أعلى مكان وأجل مقام، فقال تعالى في محكم آياته:

"سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إلى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ".

نقرأ في رحلة الإسراء والمعراج ونتعلم منها التأكيد العميق على الارتباط الوثيق بين المسجد الحرام، والمسجد النبوي، والمسجد الأقصى، وفي ذلك إشارة مهمة للأمة بألا تفرط في المسجد الأقصى لمكانته العظيمة.

إن للمسجد الأقصى قدسية كبيرة عند المسلمين، ارتبطت بعقيدتهم منذ بداية الدعوة. فهو قبلة الأنبياء جميعًا، قبل النبي محمد- صلى الله عليه وسلم- وهو القبلة الأولى التي صلى إليها النبي عليه السلام قبل أن يتم تغيير القبلة إلى المسجد الحرام بمكة المكرمة.. فالمسجد الأقصى هو المسجد الثالث الذي تشد إليه الرحال، إذ روي عن النبي- صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "لا تشد الرحال إلا لثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى".

مشاهد من الرحلة:

الثبات على الحق والتزام المبدأ

خلال المعراج بالنبي- صلى الله عليه وسلم- وجد رائحة طيبة كرائحة المسك، وعندما سأل عليه الصلاة والسلام عن ذلك، أجابه جبريل عليه السلام بأنها رائحة ماشطة ابنة فرعون، التي كانت تعمل في بيت فرعون، زمن نبي الله موسى عليه السلام.. وهي امرأة كانت قد تركت دينها سرًا، وعبدت الله وحده، لكن افتضح أمرها عندما سقط المشط من يدها، وقالت "بسم الله".. فقالت لها ابنة فرعون: تقصدين أبي؟ قالت: لا، أقصد ربي ورب أبيك. فقالت لها: أخبره؟ قالت: نعم. وعندما سمع فرعون بذلك أحرقها هي وأبناءها. وقد قيل إن رضيعها كلمها في تلك اللحظة، وطلب منها أن تحتفظ بهدوئها والتمسك بإيمانها. وبسبب إيمانها العظيم، رفع الله مكانتها.

الصداقة.. مبادئ ومواقف

للصديق أبي بكر- رضي الله عنه- في الرحلة المباركة موقف سجلته السير وأظهر ما به من عبر، في صبيحة الإسراء والمعراج، جاءوا إليه ليخبروه بأن صاحبه أُسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى وعرج به إلى السموات العلى ورجع في نفس الليلة، ظنًا منهم أنه سيكذب صاحبه- رسول الله صلى الله عليه وسلم- فقال كلمته المشهورة وقاعدته المأثورة: "إن قال فقد صدق".. على الرغم من أن المشركين أنفسهم يعلمون من سيرة النبي الكريم، أنه الصادق الأمين.. الذي لا يكذب.

لقاء الله سبحانه وتعالى

وكانت أسعد اللحظات إلى قلب النبي- صلى الله عليه وسلم- حينما تشرَّف بلقاء الله والوقوف بين يديه ومناجاته، لتصغر أمام عينيه كل الأهوال والمصاعب التي عاشها ورآها، وهناك أوحى الله إلى عبده ما أوحى، ثم فرض عليه وعلى أمته خمسين صلاة في اليوم والليلة، خُفِّفت بعد ذلك إلى خمس في العمل وخمسين في الأجر.

ويقول شوقي في فضل الرحلة المباركة:

أسـرى بك الله ليلا إذ ملائكـه ..  والرسل في المسجد الأقصى على قدم

لما خطرت بهم التفوا بسـيدهم.. كالشهب بالبدر أو كالجند بالعلم

صلى وراءك منهم كل ذي خطر.. ومن يفز بحـبـيـب الله يأتمم

وختامًا.. تُعلمنا رحلة الإسراء والمعراج، مكانة المسجد الأقصى في الإسلام والثبات على الحق والتزام المبدأ وأهمية الصلاة ومنزلتها، وأن الصداقة الحقيقية مبادئ ومواقف.. كل عام والأمة العربية والإسلامية تنعم بالخير والسلام والمحبة. 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز