عاجل
الثلاثاء 5 أغسطس 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
«فاريا ستارك» والإخوان (10)

«فاريا ستارك» والإخوان (10)

بقلم : د. فاطمة سيد أحمد

«البنا» وطلباته الثلاثة من الحكومة



[Shemo Elhosary]حاول «البنا» أن يسد ثغرة الخلاف بينه وبين حكومة (محمود فهمى النقراشى) ولكنه لم يجد منهم أدنى استعداد، فقد كان الخلاف له جذور ترجع بتولى النقراشي رئاسة الحكومة. فى المرة الأولى بعد اغتيال (أحمد ماهر) فذهب له البنّا معزيًا وطلب منه راجيًا أن يطلق له حرية العمل ولكن النقراشى لم يستجب له وفرض عليهم قيودًا فى نشاطهم وكان يسمح لهم بعقد اجتماعات عامة أو مؤتمرات فقط، وقتها أعلن البنّا أن أعضاء الجماعة فى مصر وحدها نصف مليون ولن يسكتوا، وأتاحت الظروف للإخوان أن تحل حكومة النقراشي الأولى ويأتى (إسماعيل صدقى) وسط غليان الحركة الوطنية برفضه، فما كان منه إلا القيام بزيارة مقر جماعة الإخوان فى الحلمية الجديدة بهدف أن يتحالف معهم ضد القوى الوطنية المكونة من كل فئات الشعب إلا الإخوان الذين انشقوا عن هذا الجمع وشكلوا بالاتفاق مع صدقى والقصر ما أسموه (اللجنة القومية) ولكن فرحة الإخوان لم تدم، فقد استقال صدقى نتيجة الضغوط الشعبية وتألفت وزارة النقراشى مرة ثانية، فبادر البنّا بكتابة مقال دعا فيها الحكومة الجديدة إلى إنهاء المفاوضات مع الإنجليز التى لا طائل منها وكان ذلك بإيعاز من(فاريا) التى ذهبت للبنا وقالت له هذا مطلب الحكومة البريطانية،

ولكن ذلك أدى الى حرب معلنة بين (النقراشى والإخوان) ولذلك طلب البنّا وساطة (كريم ثابت) المستشار الصحفى للملك لإيقاف حل ومصادرة الجماعة. وذكر البنّا فى تقريره ضرورة عدم حل الجماعة لأنها تكون عونًا كبيرًا للملك والعرش فى مقاومة الشيوعية، وبالتالى يحدث انقسام فى معسكر القوى الشعبية، ولَم يتردد الإخوان لحظة فى أن يكونوا ضد الشعب المصرى طالما هذا سيحقق لهم مصالحهم، ولكن إصرار النقراشى على رفض الجماعة وأساليبها وعدم جدوى وساطة القصر جعلت البنّا يجن جنونه… وهنا بدأ البنّا فى تنفيذ مخطط آخر باستخدام ضربته الثانية والتى بدأها بتعديد الممارسات والأفعال التى ارتكبتها حكومة النقراشى وخاصة قيامها باعتقال الإخوان ووقف نشاطهم واعتقال من سماهم بـ(المجاهدين فى حرب فلسطين)، وأوعز إلى الضابطين الإخوانيين اللذين كونا حركة الوصل مع حركة الضباط الأحرار (عبدالمنعم عبد الرءوف ومحمود لبيب) ليشيعا بأن القصر والحكومة وكبار قادة الجيش هم وراء صفقة الأسلحة الفاسدة لتقوم بقتل خيرة شباب مصر فى حرب فلسطين عن عمد وقصد وليس إهمالًا أو خيانة بريطانية ولَم تظهر الجماعة فى الصورة لتترك النار تشتعل بين صفوف الجيش الذى لم يكن يعلم أن الجماعة هى المضلوع الأول فى تلك القضية وخيانتها للجيش والشعب.

وعن طريق إثارة قضية الأسلحة وجدت الجماعة ضالتها فى تبرير سلسلة الاغتيالات التى انتوتها بعد أن عبأت الشعب على الحكومة والقصر بسبب موت أبنائهم بالأسلحة الفاسدة وليحولوا دفة الصحافة التى كانت ضدهم وتتحدث عن إرهابهم للانشغال بالأسلحة الفاسدة وحتى حركة الضباط الأحرار كانت تلك القضية من مقدمات الإسراع للقيام بالثورة لتطهير الجيش والتخلص من القصر والفساد. وبعد يوليو 52، فتح ملف الأسلحة مرة أخرى للمحاسبة وأخذت دورتها القضائية وأحيلت إلى المستشار (أحمد كامل ثابت) الذي نظر القضية فى ديسمبر 52 ليصل إلى قناعة ببراءة كل المتهمين من التهم التى ألصقها الإخوان بهم وتم تغريمهم 100 جنيه لإهمالهم الذى يصل الى حد سوء النية ولكنهم لم يكونوا على علم بأن الأسلحة فاسدة ولَم يتقاضوا عمولة عن الصفقة ولكنهم أهملوا تجربتها قبل إرسالها ميدان المعركة. ويروي اللواء (صالح حرب) رئيس جمعية الشبان المسلمين وقتذاك جانبًا مهمًا من الأحداث عندما التقى البنا بعد قرار حل الجماعة حيث قال له ( إنى خيرت المسئولين فى واحدة من ثلاث هى إما أن يطلقوا سراح كبار الإخوان لنعمل معا جادين مخلصين حسب توجيه الحكومة حتى تطمئن ويزول ما فى النفوس وتهدأ الخواطر، وإما أن يختاروا قرية ألجأ إليها ولو كانت مكان قفر، وإما أن يسمحوا لى بمغادرة القطر إلى أَى بلد عربى أو إسلامى ، فلم يستجيبوا إلى أَى واحدة من الثلاثة).

وكان نتيجة ما أشاعه الإخوان عن تعنت الحكومة معهم أن قام أحد شباب الجماعة باغتيال (النقراشى) بطريقة محكمة تماما فى حين خرج الإخوان ببيان يقولون فيه (لقد اندفع أحد الشباب المتحمس الغيور على دينه) وهى الشعارات التى يصبغونها بالدِّين وهو براء منها، ولكن الشاب الذي جنده الإخوان وهو أحد ضحاياهم للخلاص من النقراشى عندما كان متوجهًا إلى وزارة الداخلية فاقترب منه هذا الشاب الذى ارتدى ملابس ضباط بوليس وحياه تحية عسكرية ثم أخرج مسدسه وصوبه إلى رئيس الحكومة فأرداه قتيلا فى الحال، وألقى القبض على الشاب وتبين أنه طالب بكلية الطب البيطري بجامعة القاهرة واسمه (عبد المجيد أحمد حسن) وعمره اثنان وعشرون عاما.
 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز