

محمود الجمل
خديعة مرسي ..؟
بقلم : محمود الجمل
كان رهان المتمردون الجدد هو ان تحدث المواجهه الدامية بين مختطفي الجنود , هؤلاء التكفيريون القادمون من القرون الوسطي , وبين القوات الخاصة , نخبة الجيش المصري , فتحدث المجزرة غير معروفة النتائج , حدها الأدني القضاء علي الجميع , خاطفون ومخطوفين , وتنتهي المعركة وساحة القتال مكتظة بالأشلاء , ووكالات الأنباء تنقل للعالم صور القتلي والصحف المستقلة تصدر وعناوينها الرئيسية تقول : معركة خاطفة لقوات الصاعقة المصرية تنتهي بمصرع الارهابيين واستشهاد الجنود السبعه . وعنوان اخر : وانكشفت تمثيلية مرسي .. العملية كانت مدبرة وتدخل الجيش افسد الأتفاق مع الأرهابيين ؟
الي اخر العناوين التي يمكن تخيلها , كانت جميعها سوف تمعن في انتقاد الرئيس الذي تم في عهده قتل ستة عشر من الجنود البسطاء وهم صائمون في رمضان الماضي , وهو الرئيس الذي فشل وفشلت اداراته في استرجاع الضباط الثلاثة المخطوفين ومعهم امين الشرطة منذ قرابة العامين والنصف . وبالتالي فأن من انتظروا وروجوا واستحسنوا فكرة القتال المتلاحم مع هؤلاء الارهابيين الأشرار , لا للثأر للكرامة المصرية المهدرة علي يد مجموعه خارجة عن القانون , بل من اجل مزيد من التسخين , فالمعركة كانت بلاشك سوف تسفر عن قتلي وجرحي من الجانبين , وماسوف يستتبعه ذلك من تغطية محمومة صحفية وتلفزيونية تتحدث عن الدماء المصرية المهدرة في ولاية الرئيس مرسي ّ" الرئيس صاحب الشرعية القانونية المفتقد للشرعية الجماهيرية " علي حد تعبير الجنرال حمدين ..!
الذين استنكروا فكرة التفاوض مع الأرهابيين لأطلاق سراح المجندين البسطاء , وتحدثوا عن ان الدولة لاتفاوض , الدولة تضرب فقط , لم يكونوا منحازين لفكرة عودة الدولة القادرة القوية , بل كانوا يهدفون لأشعال نيران الثأر والثأر المضاد , لايعني هذا عدم موافقتي الكاملة علي اهمية الضرب بأيادي من فولاذ علي اعناق هؤلاء الأوباش الذين استحلوا الحرمات وسعوا في الأرض فسادا وروعوا الامنين , بل كان يجب - وهو ماتم – تحضير خرائط امنية جديدة , يتم فيها رصد بؤر التطرف ومواقع الارهاب , وان يتم الفصل وبشكل واضح بين عموم القبائل وبين الخارجين من ابنائها علي القانون , وان تعلن هذه القبائل وبشكل واضح تبرؤها منهم , وبذلك ينكشف الغطاء القبلي عن المجرمين , وان تنتهي عمليات الخلط بين من التزموا بالشرعية وبين من ادمنوا الخروج علي القانون .
اذا كانت هناك من ميزة لعملية الاختطاف فهي حالة الاستنفار الهائلة للقوات المسلحة المصرية , والتي كان مجرد التلويح بدخول بعض تشكيلاتها القتالية ارض العمليات, والحديث عن تقدم قوات النخبة المعروفة ب 777 وعن ان الفرقة " سيل " المتخصصة في مقاومة الأرهاب الدولي , قد تقدم افرادها الي سيناء , كل هذا مع الأعلان المكثف المقصود منه ان تصل هذه المعلومات الي الخاطفين ومن يعاونونهم , كان سببا رادعا لهؤلاء الارهابيين الهواه الذين اعتقدوا انهم في نزهة ثم اكتشفوا فجأة انهم يسبحون في الجحيم , فكان قرار الفرار وترك الجنود في العراء , الي ان تم العثور عليهم وماتلي ذلك من احداث عرفها العالم في حينها .
ان من يتحدثون عن ان ماتم مجرد خديعه او تمثيلية دبرها الرئيس بمعاونة فريقه المقرب , تبدأ بالأختطاف ثم الاستنكار ثم الاستنفار ثم الحشد من اجل استخلاص الجنود من بين ايدي خاطفيهم , خديعة انطلت علي قادة القوات المسلحة وقيادات الشرطة ورجال المخابرات العامة والحربية , خديعه متكاملة الأركان بلاثغرة واحدة , من يروجون هذا يرون في عموم المصريين شعب من البلهاء , وعلي هؤلاء الملايين السذج تصديق هذه الحكايات الركيكة . ثم ان من يروجون فكرة الخديعة , وهم في المبتدأ والختام من خصوم الرئيس مرسي , ويسعون عبر حملة توقيعات غير قانونية او دستورية سحب الثقة من الرئيس المنتخب , هؤلاء يضيفون للرئيس من حيث لايدرون ملامح قوة متجاوزه , فالرجل قادر علي التخطيط وعلي التنفيذ وعلي تحديد التوقيتات واستخدام الوسطاء , ثم ان الجميع تحت امرته , جيش وشرطة واجهزة مخابرات , وبدون حالة خروج او تذمر او تشكك واحدة . لقد ارادوا قتل الرئيس فاذا بهم جميعا داخل دائرة التصويب