عاجل
الجمعة 5 سبتمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
البنك الاهلي
أزمة رموز الكرة

أزمة رموز الكرة

في مشهد يعكس حجم الفوضى والتخبط الذي يعيشه الوسط الكروي المصري مؤخرًا؛ تحولت الساحة الرياضية إلى ما يشبه ساحة صراع مفتوحة بين من يصفون أنفسهم بـ«رموز اللعبة»، لتتصدر مشاهد الجدل والاتهامات المتبادلة المشهد العام، تاركة خلفها تساؤلات عديدة حول غياب الانضباط والاحترافية في إدارة الأزمات.



القصة بدأت بهدوء نسبي قبل أن تتحول إلى أزمة مكتملة الأركان، وبدلًا من تركيز هؤلاء النجوم على النقد الفني البناء لانطلاق مسابقة الدوري الممتاز الضعيفة والسلبية، التي لم تنجح في إفراز لاعب واحد صالح للتمثيل الدولي وسط حالة من الإحباط الجماهيري، انشغل الوسط الرياضي بأحاديث مثيرة للمدير الفني للمنتخب الثاني حلمي طولان ضد نظيره في المنتخب الأول حسام حسن.

ورغم أن الخلافات الفنية بين الأجهزة المختلفة أمر معتاد في كرة القدم، فإن ما حدث هذه المرة خرج عن المألوف تمامًا، إذ ظهر معاونا طولان عصام الحضري، الحارس الدولي السابق ومدرب حراس مرمى المنتخب الثاني، إلى جانب أحمد حسن الشهير بـ«الصقر» ومدير المنتخب الثاني، في مقطع فيديو أثار جدلًا واسعًا.

الفيديو حمل رسائل مبطنة وتلميحات ساخرة بحق حسام حسن، في مشهد اعتبره كثيرون انحدارًا غير مسبوق للخطاب الرياضي ووصفوه بـ«كيد العوالم»، لما تضمنه من أسلوب استفزازي بعيد عن المهنية.

الأزمة تصاعدت بشكل أكبر بعدما حاول أحمد حسن الإيحاء بأنه «العميد الأصلي» للكرة المصرية، متجاهلًا التاريخ الذي يؤكد أن هذا اللقب يحمله حسام حسن عن جدارة منذ سنوات طويلة، بل وتم تكريمه رسميًا من قبل رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم آنذاك جوزيف بلاتر، في احتفالية رسمية تقديرًا لمسيرته الثرية وإنجازاته الكبيرة داخل المستطيل الأخضر.

هذا الموقف استفز شريحة واسعة من الجماهير التي اعتبرت تصريحات «الصقر» تقليلًا من قيمة رمز بحجم حسام حسن، فيما رأى آخرون أن الأزمة لا تعدو كونها انعكاسًا لبيئة رياضية مرتبكة تعاني من الفوضى.

ورغم احتدام السجال في الإعلام وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، فضّل التوأم حسام وإبراهيم حسن التزام الصمت، مركزين كامل جهودهما على قيادة المنتخب الأول في المرحلة الحاسمة من التصفيات المؤهلة إلى كأس العالم 2026.

هذا الموقف اعتبره متابعون مؤشرًا على نضج التوأم وخبرتهما الطويلة، فيما رأى البعض أن الحملة الإعلامية التي يقودها خصومهما ليست سوى محاولة متعمدة لتشتيت تركيز الجهاز الفني وزعزعة استقرار المنتخب في توقيت حساس.

في المقابل، لم يقف الإعلامي أحمد شوبير مكتوف اليدين، إذ خرج عبر برامجه التلفزيونية مدافعًا بشدة عن حسام حسن، ومهاجمًا ما وصفه بـ«المهاترات الصبيانية» التي تسيء إلى سمعة الكرة المصرية محليًا ودوليًا.

لكن ردود «الصقر» عبر صفحاته في مواقع التواصل الاجتماعي لم تتأخر، حيث صعّد حدة الخطاب ليحوّل القضية إلى مسرح يومي يتابعه الجمهور بدهشة واستياء، وكأنها منافسة على الأضواء أكثر منها خلافًا رياضيًا طبيعيًا، ليقرر الاشتباك مع شوبير.

هذا الجدل المستعر لا يكشف فقط عن أزمة شخصية بين نجوم سابقين، بل يفضح غياب منظومة إدارية قوية قادرة على ضبط الإيقاع وإدارة الأزمات بحكمة، فبدلًا من أن تتكاتف الجهود لدعم المنتخب الوطني في مشواره نحو المونديال، تُستنزف الطاقات في معارك جانبية لا طائل منها سوى الإضرار بصورة الكرة المصرية وإرباك استعدادات المنتخب.

ويبقى السؤال الأهم: إلى متى ستظل كرة القدم المصرية أسيرة لمثل هذه الصراعات الشخصية التي تتكرر بين الحين والآخر؟ فالجماهير التي تنتظر بلهفة رؤية منتخبها في كأس العالم لا تحتمل أن ترى حلمها مهددًا بفعل «حروب كلامية» لا مكان لها في كرة القدم الحديثة.

المطلوب اليوم وقفة حاسمة من المؤسسات المسؤولة، لوضع ضوابط واضحة تعيد الانضباط والاحترافية إلى المشهد، قبل أن تتفاقم الأزمة وتطيح بما تبقى من استقرار في منظومة الكرة المصرية.  

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز