جمال عبدالصمد
عامل الناس بأصلك الطيب.. وتعطر بأخلاقك
"لو تعطر الإنسان بالأخلاق فلن يجف عطره حتى ولو كان تحت التراب".. هذه الجملة الرائعة بما تحمله من معانٍ سامية أرغمتني على أن أتوقف أمامها، وأتأمل وأغوص بين ثنايا ومعاني مفرداتها، لكي أتنفس وأستنشق عبير الأخلاق والمعاملة الطيبة.
إذا كان الإرث مالًا فلن يبقى للأبد، لأن له وقتًا وينتهي ويصبح ليس له قيمة، لكن إذا كان الإرث السمعة الطيبة، والأخلاق الكريمة والحميدة فإنها تدوم ولا تنتهي حتى ولو بعد الممات.
حسن المعاملة أسلوب يعكس أسمى العلاقات الاجتماعية، ويرسم ملامح الشخصية الطيبة النقية. بالاضافة إلى أن التواصل والتعامل مع الأخرين فن لا يجيده إلا الجيد، وللأسف يفتقده الكثيرون الآن.
قال الله تعالى في كتابه العزيز: في الآية رقم (٨٣) بسورة البقرة _ "وقولوا للناس حسنًا"، في الآية رقم (٢٣) بسورة الإسراء _ "وقل لهما قولا كريما"، وفي الآية رقم (٢٨) بسورة الإسراء _ "فقل لهم قولا ميسورا "، في الآية رقم (٥) بسورة النساء_ "وقولوا لهم قولا معروفا".. وغيرها من آيات قرآنية جاءت بمثابة توجيه رباني لتنظيم العلاقة بين الناس، وحثهم على ضرورة الاهتمام بكيفية اختيار وانتقاء أفضل الألفاظ وأحسنها في التعامل مع الآخر، والانتباه إلى ما يصدر من أفواهنا من كلمات. وينبغي علينا ألا نجعلها تخرج كالحجارة تقذف شمالا ويمينا، الأمر الذي يؤدي إلى خدش حياء ومشاعر الآخرين.
كما يجب ألا تكون كلماتنا مؤذية وجارحة أو تخرج بشكل فج.
ماذا لو كل فرد منا تعامل مع الآخر كما يحب هو أن يعامل، بالكرم والجود والأصل الطيب الذي تربى عليه. لذلك من الواجب والضروري ان نحرص على حسن معاملة الآخرين، وألا تجعل معاملة الآخرين لك تجبرك على أن تعاملهم بالمثل فتصبح مثيلاً لهم بل عاملهم بطيب أصل تربيتك واخلاقك حتى وإن لم يستحقوا منك تلك المعاملة. الكلمة الطيبة صدقة، تصلح الأحوال بين المتخاصمين وتجعلهم أحباء لا توجد بينهم ضغائن أو مشاحنات.
كما أن تبسمك فى وجه أخيك صدقة، الابتسامة تكسب بها المحبة والأخوة وتحقق السلام النفسي، وتنشر الطاقة الإيجابية، ويعم الفرح داخل النفوس. فلا تكن غليظ القلب لانفضوا من حولك، علينا بالإحسان والرحمة مع بعضنا البعض حتي يرحمنا القدير، وأن نجبر الخواطر ونتمنى الخير للغير، ونجيب السائل ونساعد المحتاج ، فمن منا لا يحتاج إلى يد تمد له تعينه وتدعمه وتشد من أزره فى المواقف الصعبة التي نمر بها، فالاحتياج ليس بالضرورة أن يكون ماليا أو ماديا فقط، فقد نحتاج إلى نصيحة أو كلمة طيبة أو مشاعر نبيلة، أو سند نتكئ عليه ويشعرنا بالأمان، وأن الدنيا ما زالت بخير.
لذلك من الواجب علينا أن نعلم ونغرس فى أولادنا حسن معاملة الغير، ونعلي من قيمة التسامح والعفو عند المقدرة وعن طيب خاطر، وأن ننصرف عن القيل والقال، ونتعامل بكل بساطة وتواضع "من تواضع لله رفعه".
أما عن مقولة المعاملة بالمثل فهي مقولة خاطئة، لا نجني منها سوى البغض والعداوة، لو أنك تعاملت مع كل إنسان بالمثل لأصبحت صورة مشوهة لا تشبه معدنك الطيب وتضم العديد من العيوب، خاصة إذا كانت هناك شخصيات تحمل صفات سيئة، أو تشوبها علامات الاستفهام والاستغراب، وتحاول ان تظهر أسوأ ما فينا.
إذا وصلت المعاملة ولغة الحوار إلى هذا الطريق، أعتقد أنك وقعت في خطأ كبير وتحولت إلى صورة طبق الأصل للمعاملات الخاطئة التي ينفر منها الكثيرون.
و تتسبب في إحداث ألم نفسي شديد لمن يحيطون بك ويتعاملون معك.
فقد خلقنا الله على الفطرة السليمة فكن من أصحاب الأثر الطيب.
أخيرًا وليس آخرًا، أتمنى أن يتعامل الإنسان مع الناس بأصله وتربيته الطيبة، وأن يحرص كل منا على أن تكون ألسنتنا رطبة بالكلام الطيب، وأن نجعل حسن الكلام مع الناس مفتاحا يفتح أبواب الخير والمحبة الصادقة.
















