

د. إيمان الجمال
الجيش في مصر القديمة انتصارات لا حدود لها
مجموعة من الأفراد يتدربون عسكرياً للدفاع عن الدولة، في احتراف للجندية واعتبارها عملاً مستديماً، مجموعات منظمة تتكون من وحدات حربية تحت قيادة ضباط محترفين تفرغوا للأعمال الحربية
كان للجيش سلاح وملابس لكل فرقة مثلما عثر في مقبرة مسحتى في أسيوط، عرفت مصر بيت السلاح، ومن وظائفه تجهيز الجيش بالسلاح والملابس والمؤن في القلاع.
الملك هو القائد الأعلى للجيش، وكان الجيش ضخم مزود بالعربات الحربية ومسلحاً، عرفوا الرماة والمشاة، ونقلوا العتاد بعربات يجرها ثيران مثلما فعل تحتمس الثالث في تفكيك السفن ونقلها. والجدير بالذكر أن مونتجمري أخذ فكرة تفكيك السفن في الحرب العالمية الثانية من القائد العظيم تحتمس الثالث، وهو أول قائد يشاور جيشه قبل الحرب ويهاجم براً وبحراً ليفاجئ العدو، وقاد تحتمس الثالث سبع عشرة حملة عسكرية من أهمها معركة مجدو.
من وصاياه لجنوده:
لا تقتلوا أعزل.. لا تقتلوا امرأة.. لا تقتلوا طفلاً.. لا تقتلوا شيخاً كبيراً.. لا تقتلوا أسيراً سلم نفسه.. لا تقتلوا جائعاً أعطوهم ليأكلوا فيعلموا أنكم جنود رحماء.. اجدادنا عظماء ومصر عظيمة برجالها وشعبها.
لم يقتل ملوك الأعداء، بل أحضر أولادهم إلى مصر ليتعلموا ويرجعوا لبلادهم فيحكموا بحكمة مصر وحضارتها.
كان يسبق الملك فرقة من المشاة ومعه نافخو الأبواق وعربة حربية تحمل قرص الشمس، وبعد الانتصار يتم حساب عدد القتلى عن طريق إحصاء الأيدي المقطوعة.
شيد المصري القديم الحصون في الأماكن المعرضة للغزو، وكانت تعرف الحصون بأبواب المملكة، ومن الحصون حصن العرابة المدفونة أبيدوس، وعرف المصري صناعة الأسلحة كالأقواس والسهام والنبال والسيوف، والخناجر، والدروع، والرمح.
كما عرف البوق ليتم النفير استعداداً لبداية المعركة وهي آلة تصنع من المعدن، وما زال المصري يستخدم وسام الدبانة الذي عرف بمصر القديمة.
المشاهد الحربية
شن كل من ستي الأول ورمسيس الثاني معارك عظيمة لتمكين حدود مصر لما كانت عليه في عهد الأسرة الثامنة عشرة، وازدهرت الثقافة في عهده، وبداية المعارك كانت منذ عهد الملك مينا وسنفرو وفي الأسرة السادسة الملك بيبى الأول ضد الآسيويين ومعارك سنوسرت الثالث، ثم جاءت المعركة الكبرى ضد الهكسوس بقيادة البطل سقنن رع، وكان له في جهاده شريكة قوية وهي إياح حتب أم الأبطال كاموس وأحمس.
رسم جسم عربة تحتمس الرابع والذي يمثل الفرعون المنتصر واقفا في عربة يجرها الخيل بحجم كبير، وبجانبه عربات تتضاءل في الحجم مهاجما عربات العدو بسهام وتفر أمامه مهزومة والقتلى على الأرض والسهام بأجسام العدو، وتم رسم المنظر في كتلة واحدة وغير مقسمة إلى صفوف، والأشكال فيها مزدحمة والجياد تركض وتقفز بسرعه وفي رسم الأسرى مكبلين في الأغلال، وقد طرحهم الفرعون أرضاً.
معركة قادش:
يمثل المنظر الأول الحوادث التي وقعت في المعسكر، في استجواب الجواسيس والمنظر الثاني يمثل الموقعة التي دارت في الحصون حتى إحضار الأسرى وصور تعداد الأيدي التي قطعت من الجنود وصورت مناظر هذه الموقعة على جدران معبد الأقصر في البوابة العظيمة، وفي معبد الرامسيوم على البوابة وعلى الجدران الداخلية للردهة الثانية، وفي العرابة المدفونة على جدران معبده الملحق بها وفي أبو سمبل على الجدران الداخلية.
صورت كل احداث الموقعة بسلسلة من المشاهد، رسم في المعسكر جالسا على عرش من ذهب يحيط به حرسه الخاص، وبجانبه كبار رجال الدولة وعظماء الحاشية مؤنباً اياهم على إهمالهم عدم تفقد جيوش العدو، في حين مشهد الأسرى يضربون بالعصى لتنتزع منهم الاعترافات.
وفي مشهد المعركة نراه في العربة تقودها الجياد مرسلاً على الأعداء وابلاً من سهامه ونجد العدو يقاتل مقتحماً معسكر رمسيس، حتى إن الأمراء فروا هاربين وعندها استدعى فيلق الإله بتاح.
ومنظر ما حرزه من نصر في ساتورنا وهى موقعة وقعت بعد حصار بلدة في وسط سهل مقفز وحصار بلدة دابور، وفي الحصار مشهد الخطوات المميزة للقتال، وفيها صور رمسيس يطارد الأعداء ثم يقفز من عربته لا يحميه درع ويفوق سهامه على الأعداء، والمحاربين يقاتلون بجانب أبناء رمسيس وكانت تحميهم دروع في مهاجمتهم أبراج الحصن ونشاهد المعاريج مطروحة على الجدران ليعرج عليها جنود آخرون للاستيلاء على الحصن عنوة والمدافعون يجاهدون لحماية أنفسهم بإلقاء المقذوفات والأحجار على المهاجمين.
بوابة معبد الاقصر الذي أقامه رمسيس الثاني
على جدار البرج الايمن من جهة الشمال نشاهد الفرعون جالسا على عرشه عاقداً مجلسه وعلى البرج الأيسر صور القتال والملك ينقض على الأعداء ويرمي سهامه عليهم والساحة مغطاة بالقتلى والجرحى والجنود يولون الأدبار في ارتباك متجهين نحو قلعة قادش المحاطة بالمياه وفي شرفاتها المدافعون والبوابة الرئيسية للمعبد على جدرانها نقوش دينية وحربية البوابة الاولى للرامسيوم الجدار الشمالي للردهة الثانية من الرامسيوم.
يقع معبد الرامسيوم على الضفة اليمنى من النيل ليكون معبدا جنائزيا وتخطيطه مثل تخطيط المعابد الكبرى احتوى على بوابة عظيمة والردهة الأولى مكشوفة والثانية مزينة بصفين من الأعمدة حولها والقاعة الثالثة كانت قاعة العمد العظيمة المسقوفة وخلفها أربع حجرات يتلو بعضها بعضا ويكتنفها من كل جانب حجرات صغيرة جانبية.
فعلى البوابة العظيمة التي كان عرضها عشرين متراً مناظر حملته على خيتا موقعة قادش في السنة الخامسة من حكمه على البرج الشمالي في السنة الثامنة من حكمه نشاهد الأسرى يساقون ومناظر الحرب وتستمر على البرج الجنوبي نشاهد الجيش المصري يتابع السير والمعسكر المصري في صورة سور من الدروع وعربات الامتعة الثقيلة تحملها الحمير والجنود يتجاذبون أطراف الحديث وعلى اليمين الفرعون يعقد مجلساً حربياً مع الأمراء وتحت هذا المنظر نرى جاسوسين يعذبان ليعترفا بمكان العدو والنصف الأيسر من جدار البرج الجنوبي للبوابة صور عليه موقعة قادش التي صورت على بوابة الأقصر.
الجدار الشمالي لمعبد ابو سمبل من اعظم المعابد ويعتبر اضخم بناء بناه الإنسان في زمانه اهداه على آمون رع وحو آختى يتكون المعبد من ردهة أمامية قطعت في الصخر أمام المعبد الأصلي وكانت محاطة بسور من اللبن والحجرة الاولى وهي قاعة العمد العظيمة ويرتكز على سقفها اعمد مربعة الشكل يستند فيها صورة الملك على هيئة أوزوريس وسقف الطريق الوسطى محلى بعقبان طائرة، اما الطريقان فيحلى سقفاهما بالنجوم
وفي النصف الايمن من جدار المعبد الملك وهو يضرب الاعداء في حضرة رع حور آختي الذي يقدم له السيف المعقوف وعلى الجدار الجنوبي الملك يهاجم قلعة سورية والحاضرين يطلبون الرحمة وفي النهاية يعود الملك ومعه الأسرى.
معبد أبو سمبل يظهر منظر رمسيس الثاني وفي يده السيف والقوس ممتطيا عربته على مهل، ومعه جيش يسير في ركابه وبجانبه جواده وأسده الأليف يتبعه ويسير امام العربة أحد اتباع الفرعون يحمل قوساً وعصا نعلى الفرعون وسيق امامه صفان من الأسرى السود مكبلين في الأغلال
وفي مشهد آخر رمسيس وبيده القوس يقود صفين من الأسرى السود يقدمهم إلى ثالوث طيبة وهم آمون وحوت وخنسو وفي الجدار الشمالي حملة الملك على خيتا والتي صورت في معبد الرامسيوم والعرابة وفي النصف الاسفل من الجدار صور سير الجيش والذي يحتوي على مشاة وخيالة ومنظر جاسوسين يؤخذ منهما الاعتراف وفي المنظر الأخير على اليمين العربات مشتركة في المعركة وفي المنظر على النصف الاعلى الواقعة مصورة بكاملها، فنرى الملك منقضا بعربته على العدو الذي احاط به ونشاهد قادش محاطة بالنهر والمدافعون يرقبون سير القتال وعلى الجدار الخلفي نجده يقود صفين من الأسرى وعلى اليسار صفين من العبيد.
وختاماً عاشت مصر عظيمة منتصرة قوية.