عاجل
الثلاثاء 14 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
الثورة المفترى عليها

الثورة المفترى عليها

ما إن تأتي ذكرى ثورة الخامس والعشرين من يناير ٢٠١١، إلا وتشحذ وتسن لها السكاكين والخناجر لذبحها وطعنها والإجهاز عليها، بل ومحاولة دفنها حتى لا تقوم لها قائمة أو ذكرى بعد ذلك، رغم اعتراف الدستور المصري، الذي أقره الشعب بها في ٢٠١٤.



ولعل أسوأ الاتهامات التي تكال لثورة يناير أنها كانت مؤامرة كبرى استهدفت الجيش والشرطة والشعب والدولة المصرية، مع أن الذي قام بها الشعب، وساندتها وحمتها القوات المسلحة، ولولا ذلك لما تغير الوضع في مصر إلى الأفضل. 

والحقيقة أن ثورة يناير لا تختلف كثيرًا عن ثورة يوليو المجيدة، فالثورتان قامتا لنفس الأهداف تقريبًا (عيش، حرية، عدالة اجتماعية). 

وقد نالت الاتهامات أيضًا ثورة يوليو المجيدة، ووجدنا من يدعي، بكل فخر، وبعد ٧١ عامًا من قيامها، أن أيام الاحتلال الإنجليزي والملكية، والإقطاع، وسيطرة رأس المال على الحكم، ومجتمع النصف في المائة، كانت أفضل مما حققته ثورة يوليو. 

لم يخرج المصريون إلى الشارع في 25 يناير إلا بعد سدت أمامهم كل القنوات الشرعية لإحداث التغيير المطلوب، وإنهاء شرعية التوريث، وزواج السلطة بالمال، وضعف الحياة السياسية، وتزوير الانتخابات، وغياب العدالة الاجتماعية وتوزيع الثروة، وانعزال القيادة السياسية عن الشعب وهمومه وإحباطاته "خليهم يتسلوا"، وهو ما كشف عنه وتنبأ به اللواء عبد الفتاح السيسي، رئيس المخابرات الحربية آنذاك، في تقرير وتقدير موقف خطير رفعه للمشير طنطاوي وزير الدفاع، وحذر فيه مما يمكن أن يحدث، لكن القيادة السياسية أصمت أذنيها، وأعمت بصرها، فخرج الملايين من أبناء هذا الشعب ليسقطوا النظام الذي هرم. 

ثورة يناير هي الثورة المفترى عليها، وما إن نجحت برعاية القوات المسلحة، إلا وانتهزت القوة السياسية الوحيدة الفرصة لتنقض على مكتسباتها، وتسرقها وتستولي عليها من دون أي غطاء شرعي أو شرعية، وهذه القوة الوحيدة آنذاك هي تنظيم الإخوان المسلمين الإرهابي، الذي اندرج تحت لوائه كل القوى الدينية الأخرى، من سلفيين وجهاديين وجماعات دينية مختلفة.

وكان أول قرار، كان له الأثر البالغ في تقويض ثورة يناير، هو استفتاء ١٩ مارس، الذي وضعت وثيقته لجنة الإخوان والجماعات الدينية، وهو الاستفتاء الذي أتى بهم إلى الحكم، وكشف أطماعهم الخبيثة في السيطرة على مؤسسات الدولة التشريعية والتنفيذية والقضائية.

وحتى الشرطة والجيش لم يسلما من محاولات الأخونة، لولا عقيدة المؤسستين الثابتة، التي حالت دون وقوع حرب أهلية بين "الإخوان" والقوى المدنية، بإرخاء الحبل لهم على الغارب، ليلتف حول رقبتهم، بعد استمرائهم السلطة دون أن يدروا أن هذا الحبل سيخنقهم للأبد. 

ثورة يناير هي الثورة المفترى عليها، لأنها بريئة من محاولة إسقاط الشرطة والجيش، وبريئة أيضًا من دم شهداء الشرطة والجيش، ولم يكن لدى ثوار يناير "تار بايت" عند الشرطة والجيش. الإخوان وأتباعهم فقط هم من تلطخت أياديهم بدم أبنائنا من الشرطة والجيش، والعداء بين الإخوان والجيش قائم منذ درس ١٩٥٤، لكنهم لم يعوا الدرس في ٣٠ يونيو ٢٠١٣، وأيضًا فالعداء بينهم وبين الشرطة طويل، منذ أن أخرجهم الرئيس الراحل أنور السادات من القمقم، ومن المعتقلات، ليواجه بهم الناصريون واليسار المعارض، فدفع حياته على أيديهم ثمنًا لذلك، وظنوا أن فرصة الانتقام حانت في يناير ٢٠١١.

وأخيرًا.. ثورة يناير هي ثورة شعبية حقيقية وليست فوضى، وهي غير مسؤولة عن كل تداعيات ما بعد ٢٥ يناير، وكفاكم افتراء على ثورة يناير وشهدائها وتضحياتها. 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز