الجمعة 19 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

خفاجي: تاريخ مصر القديمة ليس داخل متحف وإنما فجر الضمير العام للإنسانية

الملكة كليوباترا
الملكة كليوباترا

نواصل عرض الدراسة الفريدة من نوعها على مستوى الوطن العربى للفقيه المصري المستشار الدكتور محمد عبدالوهاب خفاجى  نائب رئيس مجلس الدولة المصري - المتخصص علمياً فى تاريخ أنظمة الحكم فى مصر القديمة وتراث الشعوب - غاية فى الأهمية بعنوان "مسؤولية شبكة نتفليكس أمام القضاء الأمريكى بتعويض مصر عن تزييف تاريخها القديم للملكة كليوباترا دراسة فى ضوء المعايير الأمريكية المهنية والأخلاقية عن الأفلام الوثائقية" وهو موضوع حديث الساعة ويحتل المرتبة الأولى عالمياً نظرا لما ستعرضه  شبكة نتفليكس “Netflix  10 مايو 2023 لفيلم وثائقى باسمQUEEN CLEOPATRA الملكة كليوباترا، يتضمن مغالطات تاريخية وظهورها سوداء, يكشف فيه الفقيه المصري عن مفاجاَت وقضايا خطيرة تخص شبكة نتفليكس بالأدلة الأمريكية وحقوق مصر تجاهها فى التعويض وسوف نعرض للجزء الثاني من  تلك الدراسة الخطيرة فيما يلي: 

 

أولاً: وشهد شاهد من أهلها - دراسة أمريكية : على صانعي الأفلام الوثائقية الأمريكية توخى الحقائق دون زيف ومراعاة المعايير الأخلاقية:

 

قال الدكتور محمد خفاجى إنه فى أحدث دراسة أمريكية لاستطلاع الرأى بين منتجي ومخرجي الأفلام الوثائقية فى الولايات المتحدة الأمريكية قامت بها الدكتورة "بيتر جايزي" أستاذ القانون بكلية الحقوق بالجامعة الأمريكية بواشنطن بالمشاركة مع الدكتور "بات أوفديرهيد " مدير مركز التأثير الإعلامي والاجتماعي بالجامعة وقدمت هذه الدراسة خريطة للتحديات الأخلاقية المتصورة التي حددها صانعو الأفلام الوثائقية - المخرجون والمنتجون - في الولايات المتحدة الأمريكية في ممارسة مهنتهم من خلال  نتائج 45 مقابلة مطولة طُلب فيها من صانعي الأفلام وصف التحديات الأخلاقية الأخيرة التي ظهرت في أعمالهم , للتمكين  من صياغة معايير ناشئة عن الخبرة والقيم المشتركة  لصناع الأفلام الوثائقية لما يتضمن بعضها من مخاطر تغيير الحقيقة وأحيانا التلاعب بها.

 

وفى البداية اعترف صانعو الأفلام الوثائقية الذين جرت بشأنهم المقابلات – وليس من بينهم شبكة نتفليكس - على أنفسهم أنهم فنانون مبدعون يمثل السلوك الأخلاقي بالنسبة لهم جوهر عملهم الفني رغم الضغوط المالية غير المسبوقة على صانعي الأفلام لخفض التكاليف وزيادة الإنتاجية، وأفاد صانعو الأفلام بأنهم يجدون أنفسهم بشكل روتيني في مواقف يحتاجون فيها إلى موازنة المسؤوليات الأخلاقية مقابل الاعتبارات العملية. 

 

ويضيف الدكتور محمد خفاجي أنه يمكن تلخيص نتائج دراسة استطلاع الرأى الأمريكية من  تعليقات من شاركوا فيه أنهم أكدوا القرارات الأخلاقية الظرفية لكل حالة على حدة، وتشاركوا في وضع القيود العامة دون تفصيلات من حيث ثلاثة محاور , المبادئ والموضوعات والمشاهدين، ففيما يتعلق بالمبادئ أكدوا "عدم إلحاق الضرر" وفيما يتعلق بالموضوعات انتهوا إلى "حماية الضعفاء لا نصرة قوى الشر "، وفيما يتعلق بالمشاهدين أكدوا احترام ثقة المشاهد بعرض الحقائق دون تزييف.

 

وأشار إلى أن دراسة استطلاع الرأي الأمريكية اعترفت أيضاً بأن صانعي الأفلام الوثائقية فى تسعينيات القرن الماضي في الولايات المتحدة كانوا يحظون باحترام واسع، ومعترف بهم كأصوات مستقلة في تأثير القيم المجتمعية على عكس الاَن من بدايات عقود القرن الحادى والعشرين، حيث تراجعت ثقة الجمهور في وسائل الإعلام الرئيسية وفي نزاهة العرض ما كان له تأثيره على صانعي الأفلام الوثائقية، سواء كانوا ينتجون تاريخًا أو برامج الطبيعة أو الأفلام الوثائقية السياسية المستقلة التي لوحظ بعضها يقوم بالتشويه للشخصيات والأحداث لأهداف سياسية وهو الأمر الذي ينبغي أن يبتعد عنه الفن.

 

وشدد على أن الدراسة الأمريكية بين أهل الفن انتهت إلى أنه في مجال صانعي الأفلام الوثائقية خاصة الشخصيات التاريخية فى الحضارات المختلفة يجب أن تتطور أي مدونة أخلاقية وثائقية لتتمتع بالمصداقية باحتوائها على مجموعة واسعة من الممارسات من فهم مشترك للقيم والمعايير والممارسات الإبداعية.

 

وأوضح دكتور خفاجي الرأي عندى أنه مهما واجه صانعو الأفلام الوثائقية ضغوطًا لتضخيم الدراما أو الصراع بين الشخصيات فلا يجوز لهم إزاء الشخصيات التاريخية التي أضافت رصيدا للإنسانية  فى تاريخ الحضارة أن يقوموا بتغيير الحقيقة فى الصفات الجوهرية للشخصية أو تزييف الأحداث بما يعرض الحضارة لطمس الهوية , واعترف بعض صانعي الأفلام الوثائقية بأمريكا – كفيلم كليوباترا الذي تعتزم شبكة نتفليكس بثه - أن عملهم يقوم على سوء النية المباشرة والخداع الصريح، بعدم قول الحقيقة كاملة وإخفاء "دوافعهم السياسة الحقيقية"، حيث يطغى الضرر الذي يقع على أصحاب الحضارة التي تم تزويرها على حقوق البث ويتعداه بمراحل مفجعة تصيب الأجيال السابقة والمعاصرة واللاحقة، وهنا يكون مكمن الخطر فيتحول الفيلم الوثائقى من عمل "مبدع" إلى عمل "مضلل" للجمهور بتزوير الحقائق ما تبرز معه أهمية مسألة المعايير الأخلاقية فى العمل الإبداعى للحفاظ على ثقة المشاهد في دقة العمل ونزاهته.

 

ثانياً: تاريخ مصر القديمة ليس داخل متحف وإنما هو فجر الضمير العام للإنسانية وأمريكا انكوت بنار الأخبار المزيفة منذ 125 عاما مع إسبانيا.

 

وذكر  الدكتور محمد خفاجي إن تاريخ مصر القديمة ليس داخل متحف وإنما هو فجر الضمير العام للإنسانية فهو تاريخ يستكشف الماضي لنبصر به الحاضر فلا يجب أبدا أن يقوم على الأخبار المزيفة ولا يجب استخدام القصص الكاذبة لتوجيه الرأي العام العالمي بالأخبار المزيفة عن أعظم حضارة فى الإمبراطوريات الشرقية القديمة. 

 

ويضيف إن صناعة الأخبار المزيفة في الأفلام الوثائقية أو العمل الصحفي ذاته انكوت بناره أمريكا ذاتها، فمنذ 125 عاماً، ساعدت وسائل الإعلام في بدء حرب بين الولايات المتحدة الأمريكية وإسبانيا وكانت كاليفورنيا التي يقع فى دائرتها الاًن مقر شبكة نتفليكس - المصدر المسبب لها، حيث يُنظر إلى الناشر "ويليام راندولف" بصحيفة هيرست في كاليفورنيا على أنه الأب الروحي "للصحافة الصفراء"، وهو نوع من الصحافة المصممة لزيادة التداول عن طريق إثارة الأحداث الإخبارية المهمة وتزييفها عمدًا - ويوازيها حديثاً "الشبكات الإلكترونية الصفراء "-  ففي عام 1898، بدأت صحيفة "هيرست" حملة لإذكاء نيران الهستيريا المعادية للإسبانية خلال ثورة كان ذلك البلد يخوضها في كوبا.

 

والقصة باختصار أن الصحفيين اختلقوا قصصًا مروعة عن الفظائع الإسبانية ضد الكوبيين، ودعوا الولايات المتحدة الأمريكية إلى التدخل في الصراع عندما انفجرت البارجة الأمريكية "يو إس إس مين" في ميناء هافانا - والبارجة أو دارعة (Battleship) ‏هي سفينة حربية كبيرة مدرعة ببطارية رئيسية تتكون من مدافع من عيار كبير خلال أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين - وادعت "هيرست" دون حقيقة أو دليل ، أن الكارثة نجمت عن طوربيد إسباني. وهكذا ادعت الصحف الأمريكية -المنخرطة في الصحافة الصفراء لزيادة عدد مبيعاتها- مسؤولية الإسبان عن تدمير السفينة، وقد أصبحت عبارة «تذكر البارجة "مين !" فلتذهب إسبانيا إلى الجحيم (Remember the Maine! To  hell with Spain!) صيحة استنفار للحرب على الرغم من أن انفجار سفينة "مين " لم يكن سببًا مباشرًا للحرب، إلا أنه كان بمثابة المحفز الذي أسرع من وتيرة الأحداث بتلك الحرب؛ بسبب اختلاق الأكاذيب دون مصادر موثوقة لتحقيق أهداف قليلة الأهمية بالنظر للمضار التي وقعت بين دولتين مثل أمريكا وإسبانيا.

تم نسخ الرابط