عاجل
الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
سكورسيزى ولوتش  بطارية الإبداع قابلة للشحن!

سكورسيزى ولوتش بطارية الإبداع قابلة للشحن!

تستطيع أن تقرأ العديدَ من التفاصيل فى مهرجان (كان)، لديكم- مثلاً- مارتن سكورسيزى المُخرج الأمريكى الذي تخطى الثمانين بعامَيْن؛ استطاع أن يدير مؤشر الاهتمام إلى فيلمه (قتلة زهرة القمر)، ولم يشأ أن يشارك فى التسابق حتى يَمنح الفرصة للأجيال التالية، يكفيه أن حصل على (أوسكار) مَرّتَيْن، وأعتقد أن فيلمه الأخير سينافس بقوة ليمنحه العام المقبل ( الأوسكار) الثالثة.



كما أنه نال سعفة (كان) وهو فى مطلع الثلاثينيات من عمره عن فيلمه (سائق تاكسى)، ورُغْمَ إلحاح المدير العام للمهرجان تيرى فريمو؛ فإنه كان واثقًا أنه سيسرق الاهتمامَ من الجميع من دون انتظار (سعفة) قد تأتى أو لا تأتى، بينما المُخرج البريطانى كين لوتش- 86 عامًا- شارك بفيلمه (شجرة البلوط القديمة) وكان ينتظر أن يحصل على (السعفة) الثالثة، والتي نالها مَرّتين، (الريح التي تهز الشعير) 2006، ثم (أنا دانيال بليك) 2016، والغريب أنه رُغْمَ تفرُّد فيلمه الأخير (شجرة البلوط)؛ فإنه لم يأتِ ذِكرُه فى أى فرع، عند إعلان الجوائز مساء السبت الماضى للدورة التي تحمل رقم 76، إلاّ أنه أثبت من خلال الشاشة؛ أنه المبدع الكبير القادر على اختراق حاجز الزمن.

وهو ما يَطرح سؤالاً دائمًا ما يتردد عن العمر الزمني للموهبة، كلما استمعنا إلى أغانى تلك الألفية شعرنا بحنين لزمن ولّى ولن يعود، نكتشف أن عَددًا ممن قدّموا لنا روائع الماضى لا يزالون بيننا أحياءً يُرزَقون، إلاّ أنهم مستبعدون لا يُبدعون، هل يصبح الحل والحسم بأيديهم، بمجرد عودتهم سينضبط حال مقامات (السيكة) و(النهاوند) و(البياتى)، وستختفى إلى غير رجعة أغانى (المهرجانات)، وهو ما يتكرّر أيضًا فى ملعب الدراما، نعتقد موقنين أن عودتهم للميدان تكفى لضبط الحال وتعديل البوصلة للمسار الصحيح.

كثيرًا ما أقرأ شكوَى الكبار الجالسين على (دكة) الاحتياطى، خارج الملعب؛ لأنهم لم يشاركوا خلال السنوات الأخيرة فى أعمال فنية، هل يتعرضون لإقصاء متعمد، أَمْ أن إيقاعهم بات خارج الزمن؟

هل قانون العَرض والطلب يكفى لضمان تطبيق قاعدة البقاء للأصلح؟ لا أتصور أن هناك مؤامرة على جيل الكبار، وهناك مَن يقول لهم نكتفى بهذا القدر، إلاّ أن بعضهم اكتفى فِعْلاً بهذا القدر، بعد أن استقر على مقعد الناقد وأحيانًا الناقم، الذي يُطل على الحياة الفنية بقدر لا ينكر من التعالى، ثم نكتشف مع أول تجربة أن بطارية إبداعه أصابها العطبُ، وأن هناك فروقًا شاسعة فى التوقيت بينه والجمهور.. ورُغْمَ ذلك؛ فإن لدينا نماذج عديدة ظلت قادرة على التواجُد، لديكم الراحل وحيد حامد غادر الحياة وهو متعاقد على مسلسل (الجماعة) الجزء الثالث وفيلم (الصحبة)، أيضًا عادل إمام لا يزال هو الورقة الرابحة دراميًا وهو صاحب قرار الغياب عن الاستوديوهات، عمرو دياب تجاوَزَ السّتين بعامَيْن؛ لا يزال محتفظًا بالمقدمة، فهو الأعلى سِعرًا فى الحفلات الغنائية؛ لأنه لم يتعالَ على ما يجرى فى الحياة، يتابع بدقة الشارع، حتى ما يكتب على عربات (التوك توك) المنتشرة فى الأحياء الشعبية، جورج وسوف رُغْمَ أحزانه العميقة فإنه لا يزال قادرًا على إحالة الألم إلى نغم، محمد منير على مدَى أربعة عقود من الزمان على الخريطة الفنية يحمل لقب (المَلك)، هؤلاء وغيرهم عاصروا على الأقل ثلاثة أجيال، الجد والأب والحفيد، ولا يزالون فى نفس المكانة لأنهم فَكّوا شفرة (الزمن) وما نطلق عليهم جيل (زذ) الذين وُلدوا نهاية التسعينيات، وهم القوة المؤثرة فى توجيه بوصلة الفن بكل أنماطه.

 العمر الزمني ليس هو الفيصل، يكفى أن أقول لكم من واقع متابعتى لمهرجان (كان) أن المُخرج البرتغالى مانويل دى أوليفيرا (1908 - 2015) ظل يشارك بأفلامه فى المهرجان، ويحظى بالجوائز والتصفيق حتى بعد أن تجاوز 100 عام من العمر، المهم أن تظل بطارية الإبداع قابلة للشحن!

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز