جمال عبدالصمد
"الأب" نصف المجتمع
إذا كانت المرأة تمثل نصف المجتمع فمن المؤكد أن الرجل يمثل النصف الآخر، الأسرة التي تعد نواة المجتمع لا تقوّم ولا تبنى إلا بوجود ومشاركة "النصفين معًا"، الكل يعلم أهمية الأم، ولا يستطيع أحد أن ينكر دورها المحوري الذي تقوم به في مجتمعاتنا عامة وداخل أسرتها خاصة، وقد طغت علينا الأحاديث والأقاويل عن دور الأم وقيمة الأمومة في الأسرة والمجتمع.
لذلك لا يجوز أن نغفل أو نتغافل عن الإشادة بالدور الأساسي الذي يقوم به الأب وفضله على أفراد الأسرة، بالإضافة إلى المسؤولية الملقاة على عاتقه باعتباره المؤسس الأول للأسرة، فضلا على أته السد المنيع لكافة التحديات التي تواجه أفراد أسرته. كما يجب ألا نتناسى دوره في بناء أسرة صالحة مترابطة نشأت على التربية السليمة والأخلاق الحسنة.
"الأب" هو الرجل الذي يعمل في صمت من أجل الأسرة بأكملها دون كلل أو ملل، هو السند ودرع الأمن والأمان، هو حائط الصد في وقت الأزمات، وغيرها من أدوار ومهام عظيمة، إذا تركت عنان قلمي المتواضع لكي يسهب في وصف ورصد واستعراض قيمة وأهمية "الأب"، أعتقد أن القلم لن يتوقف عن سرد الخصال الحميدة التي لا تنتهي.
من الخطأ أن نرمي مسؤولية تربية ورعاية الأبناء على كاهل الأم وحدها وأن يكون تعليل وتبرير ذلك هو: "نظرا لانشغال الأب في السعي وراء لقمة العيش ومن أجل توفير حياة كريمة آمنة لأسرته"، ولكن في الحقيقة بدون الأب لا يحدث التكامل والتوافق والتوازن الأسري فهو القدوة ودرع الحماية والرعاية للأم والأبناء.
دعت كافة الرسالات السماوية الأبناء إلى ضرورة الاهتمام ورعاية الوالدين "الأم والأب" وبرهما والإحسان إليهما.
على الأبناء رد الجميل، لأن هذا ما يعكس سمو أخلاقهم وتربيتهم الطيبة. قال الله تعالى، في كتابه الكريم "وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانًا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أفٍ ولا تنهرهما وقل لهما قولًا كريمًا" [سورة الإسراء: الآية 23].
أيام قليلة وتحتفل مصر ومعظم الدول العربية بعيد "الأب" يوم الأربعاء الموافق ٢١ يونيو الجاري، ويأتي الاحتفال تكريمًا وتقديرًا لدوره ومواقفه النبيلة تجاه الأسرة بأكملها.
الجدير بالإشارة أن الاحتفال بيوم الأب العالمي مناسبة اجتماعية إنسانية تهدف إلى تكريم الآباء والاعتراف بما يقدمونه لأسرهم من عطاء مستمر، ويختلف تاريخ الاحتفال بعيد الأب من دولة إلى أخرى، حيث تحتفل مصر به يوم ٢١ يونيو من كل عام، وتعود هذه الفكرة إلى الشابة الأمريكية "سونورا لويس سمارت دود" التي توفيت والدتها وتركت خلفًا لها ستة أطفال، الأمر الذي جعل والدهم يتحمل مسؤوليتهم "هي واشقائها الستة" ويلعب دور الأم والاب معًا، فأرادت سونورا أن ترد له الجميل فقامت بتقديم عريضة تطالب فيها بتكريم الأب من خلال تخصيص يوم من كل عام للاحتفال به واعترافًا بفضله وأسوة بدور المرأة "الأم"، وأيدت هذه العريضة الكثير من الجهات المختلفة التي دعمتها، وأخيرًا توجت جهود الأبنة بالنجاح، عندما احتفلت مدينة سبوكين بأول عيد أب في 19 من يونيو عام 1910، ثم انتشر الاحتفال بهذا اليوم بعد ذلك عالميًا.
في النهاية إذا كنا ننادي بأن المرأة هي نصف المجتمع بكونها الجدة والأم والأخت والزوجة والابنة والخالة والعمة، فعلينا أن ننصف الرجل ونحاول أن نعطيه جزءًا من حقه من خلال وصفه بالنصف الآخر للمجتمع حتى تكتمل الصورة المجتمعية، بما أن الرجل هو الجد والأب والزوج والأخ والخال والعم والابن، وهنا السؤال.. بعد أن أصبحت المرأة نصف المجتمع.. هل حان الوقت لأن ننصف الرجل.. ونصفه بأنه النصف الثاني للمجتمع؟
















