الخميس 18 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
بوابة روز اليوسف

تُعدُّ العلاقات العامَّة وموظَّفوها على مختلف مُسمَّياتهم ومناصبهم مفاتيح الاستقرار والازدهار الاقتصادي والأمني لكُلِّ بلدٍ وبالعكس لكون موظفي العلاقات العامَّة لهم دَوْر أساسي وجوهري بالتعرف على الشركات الرصينة والتي لها باع طويل في مجال الاستثمار والتنفيذ بمختلف مجالات الحياة الاقتصاديَّة، ولكون السفارة تُعدُّ واجهة وباب الدولة بالخارج لذلك يقع على عاتقها الثقل الأكبر في هذا المجال بحيث ترفد البلد بأفضل ما يكون من المعلومات الاقتصاديَّة والصحيَّة والأكاديميَّة والعسكريَّة والأمنيَّة.. وغيرها من المجالات التي يحتاجها كُلُّ بلد استنادًا إلى الأمور الصادرة من هرم الدولة إلى وزارة الخارجيَّة وإلى السفارة وبالعكس، وهذا لا يتداخل أبدًا مع الدبلوماسيَّة الاقتصاديَّة التي من سِماتها رفاهيَّة الشَّعب وتحقيق أهدافه ضِمْن جدول زمني معيَّن.

تتفاخر المدارس الدبلوماسيَّة على مختلف جنسيَّاتها بتدريب وصقل مهارات موظفي العلاقات العامَّة الذين هم الـ(دينامو) والمحرِّك الأساس لأنشطة وفعاليَّات الجهة الراعية لهُمْ، وكثير من المعاهد والكُلِّيَّات التي تدرس أُسُس ونظريَّات العلاقات العامَّة والتي تَعدُّ موظفي العلاقات هم المفاتيح الذهبيَّة لكُلِّ شركة أو وزارة أو جهة أخرى؛ لأنَّ باستطاعتهم التمحور في عدَّة جهات بمختلف الأوقات والأماكن لغرض تحقيق الأهداف الاستراتيجيَّة والتكتيكيَّة التي رسمَتْ لهُمْ. وفي بعض الأحيان موظف العلاقات العامَّة يشقُّ طريقه بأفكاره ولا ينتظر من أحد أن يفرشَ له السجَّادة الحمراء ليثبتَ كفاءته ومهارته بهذا المجال ليس لتحقيق أهداف شخصيَّة، وإنَّما لتحقيق مكاسب مخطَّط لها مسبقًا وإنْ لَمْ تتحقَّق بسب ظرف معيَّن.

موظفو العلاقات ليسوا حصرًا على قِسْم أو دائرة العلاقات العامَّة، وإنَّما يبدأ من هرم السَّفارة إلى أقلِّ موظف موجود؛ لأنَّ إقامة علاقات خارجيَّة في مختلف المجالات مطلوبة مع الحذر الشديد من الانزلاق في أمن وسيادة البلد بسبب تصرفات مريبة. سِمات العلاقات العامَّة ليست حصرًا على الكادر الدبلوماسي فقط، وإنَّما تشمل جميع دوائر العلاقات بالوزارات الحكوميَّة والقِطاع المختلط والخاصّ؛ لأنَّه هو النشاط المستمر والفعَّال لتوجيه السياسات والأهداف والأعمال ذات العلاقة بالأفراد والجماعات التي تعمل في المؤسَّسة للحصول على ثقتهم؛ وتاريخ العلاقات العامَّة ظهر في أواخر القرن التاسع عشر ولينضج بالأفكاروالنظريات في منتصف القرن العشرين، إلا أنَّ الدبلوماسيَّة الإسلاميَّة كانت هي أولى المدارس في إنشاء وتأسيس هذا العِلم من خلال إرسال المبعوثين من قَبل سيِّد المرسلين محمد (عليه أفضل الصلاة والسلام) إلى ملوك وأباطرة العالَم يدعوهم للإسلام وتنمية العلاقات العامَّة الاجتماعيَّة والثقافيَّة والاقتصاديَّة.. وغيرها من المجالات في تلك الفترة.

تعرَّف العلاقات العامَّة بأنَّها نشاط يهدف إلى تحقيق التعاون والتفاهم وتبادل المصالح ذات المنفعة العامة بَيْنَ طرفيْنِ، سواء على مستوى الدولة أو الشركات أو الأفراد، والعمل على تطوير رقعة هذا التعامل بشكلٍ متين ورصين بعيدًا كُلَّ البُعد عن الضبابيَّة والنيَّات الخفيَّة والريح الصفراء. هناك تعاريف كثيرة بَيْنَ المدرسة البريطانيَّة والأميركيَّة ولكن الجميع يلتقون في نقطة وهدف واحد ألا وهو تحقيق الاستقرار الاقتصادي والأمني واحتياجات الجماهير ذات العلاقة بمبدأ التخطيط والتنفيذ والمتابعة والتطوير. إنَّ الأهداف المتحققة تأتي من خلال خبرة مهنيَّة الكادر المحنَّك الأكاديمي المستند إلى أُسُس علميَّة حديثة خلال تحرُّكاته مع التزوُّد بأوامر من الجهات العُليا ذات العلاقة بالموضوع، على سبيل المثال، لا يمكن لموظف العلاقات أن يبدأَ تحرُّكاته وإقامة علاقات مع الشركات الطبيَّة لغرض جلبها للبلد دُونَ عِلْم مديره؛ لأنَّ هناك أولويَّات بالتحرُّك واحتمالًا كبيرًا لا توجد خطط مسبقة من قَبل الدولة أو السفارة بهذا الاتِّجاه؛ وبالتَّالي قد ضيع وقته وجهدًا بشيءٍ ليس بجدول أعمال الجهة الراعية. ندرج أهمَّ سِمات ومهارات موظفي العلاقات العامَّة وهي: لدَيْهم مهارات وخبرات وأفكار يُمكِن أن تسهمَ في تحقيق الأهداف، العلاقة الطيِّبة والحميميَّة بَيْنَ الموظف ورئيسه، لدَى الموظف خبرة كافية بالإدارة الحديثة، العمل بكفاءة عالية ضِمْن وقت معيَّن وبأقلِّ تكاليف، أن يضعَ خططًا بديلة تبدأ من الداخل حيث الموظفون إلى الخارج، وحيث الجماهيرـ على درايَّة كاملة بفنِّ المفاوضات ولغة الجسد، امتلاك قاعدة معلومات ومصادره مختلفة ومتوافرة بجميع الأوقات، على معرفة كاملة بالإتيكيت الحكومي، استعمال العِبارات والجُمل المحفِّزة للإبداع والعصف الذِّهني لتحقيق الأهداف، المعرفة الكاملة بإتيكيت حضور المؤتمرات ونظام الأسبقيَّة، اعتماد مبدأ التكريم لمكافأة الموظف المتميِّز والعقاب للموظف المسيء، الحفاظ على سريَّة المعلومات، الالتزام الكامل بأوامر رئيس الفريق وتنفيذ ما يطلب منه دُونَ مناقشة اعتمادًا على مبدأ (نفِّذ ثمَّ ناقِش)، أن يكُونَ متسلِّحًا بدرجة عالية بمفاهيم البروتوكولات والإتيكيت؛ لأنَّها أساسُ وجوهر العلاقات العامَّة.

دبلوماسي سابق والرئيس التنفيذي للأكاديمية الدولية للدبلوماسية والإتيكيت  

تم نسخ الرابط