عاجل
الأربعاء 8 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
مختارات من الاصدارات
البنك الاهلي
قرار رئيس التحرير بشطب أسماء كبار الصحفيين!

ممنـوعات الجـريدة: عـدم السؤال عن موعد صرف المرتبات

قرار رئيس التحرير بشطب أسماء كبار الصحفيين!

ومن أمتع وأجمل ما كتبه الأستاذ «أنيس منصور» هو ذكرياته مع رؤساء التحرير الذين عمل معهم فى بداية مشواره الصحفى الباهر!



وكان الكاتب الكبير الأستاذ «مصطفى أمين» يصف منصب «رئيس التحرير» بأنه خازوق، وعندما أصبح أنيس منصور رئيسًا لتحرير مجلة «الجيل» فى خمسينيات القرن الماضى، وكتب مصطفى مهنئًا أنيس بقوله:

«اعزف ونحن نعزف معك، أو ارفع صوتك ونحن نردد وراءك، أنيس مبروك أنت الآن تجلس على أعظم خازوق فى مصر»!

ويقول أنيس منصور: ولا بد أننى استفدت أو عارضت رؤساء التحرير الذين عملت معهم!

أول رئيس تحرير رأيته وعرفته ولم أجده رئيسًا للتحرير أو حتى رئيسًا لأى شيء هو الدكتور «على الرجّال» رئيس تحرير جريدة الأساس لسان حزب السعديين وكان أيامها محمود فهمى النقراشى رئيسًا للوزراء، وكان المشرف على جريدة الأساس حامد جودة رئيس مجلس النواب.

وكنا نلتقى بالدكتور «الرجّال» ذاهبًا إلى أين؟ لا نعرف! قادما من أين؟ لا ندرى! ولكننا نجده فى الطرقات يضحك، أو يروى لنا حكاياته وبطولاته فى المحاكم فهو محامٍ ومدرس فى كلية الحقوق! أما الكل فى الكل فهو الأستاذ «محمد صبيح» وكان سكرتيرًا للتحرير، فلم تكن مثل هذه الوظائف قد اختُرعت بعد: نائب رئيس التحرير، ونائب مساعد مدير التحرير، أو نائب النائب أو مساعد المساعد!

فقد جمع «محمد صبيح» كل هذه الصفات!

ويحكى أنيس منصور هذه الواقعة الغريبة فيقول:

وربما كان المنصب الذي لا يشغله الدكتور «على الرجّال» هو الذي شجع المحررين عليه، ومن بين الذين تشجعوا عليه زميل جديد هو «محمد المعلم» الذي صار ناشرًا كبيرًا بعد ذلك! ولا أحد يعرف بالضبط ماذا حدث فى ذلك اليوم، ولكن قالوا لنا ونحن فى فزع أن محمد المعلم ضرب رئيس التحرير! ضربه؟! وقيل إنه ضربه بأشياء كثيرة بيده! قيل فى وجهه وقيل فى بطنه، الحادث فى ذاته أخافنا.. أفزعنا!

وانقلبت وزارة الداخلية وجاء «عبدالرحمن عمار» وكيل وزارة الداخلية وامتلأت الجريدة برجال الأمن، إن محررا لا هنا ولا هناك.. قد ضرب رئيس التحرير الذي هو «هنا وهناك» عضو مجلس الأمة وأستاذ فى الجامعة ورئيس تحرير جريدة الحزب! ولم نجد أحدا نسأله: وأذكر أن «محمد المعلم» وقف بالقميص والبنطلون وظهره للحائط ولونه أصفر وفى الغرفة أناس كثيرون هل كانوا يسألونه؟ هل يستعطفون رئيس التحرير هل يكدرون المحرر؟!

 

وتمضى ذكريات أنيس منصور مع واحد من أهم وألمع نجوم الصحافة بغير منازع وهو الشاعر والكاتب الصحفى الكبير «كامل الشناوى» فيقول:

«كامل الشناوى هو ثانى رئيس تحرير أعمل معه سنة 1950 فى «الجريدة المسائية» الوفدية التي يملكها «أحمد باشا حمزة» و«سيد بك ياسين» وكان من الزملاء «مرسى الشافعى» رئيسا لقسم الترجمة، وبعد ذلك رئيسا لروزاليوسف، والشاعر الغنائى «مأمون الشناوى»، وكان «عبدالمنعم الصاوى» سكرتيراً للتحرير وصار بعد ذلك وزيراً للإعلام، وكان «مصطفى محمود» و«صلاح حافظ»!

كان مقر الجريدة المسائية فى نفس المبنى الذي شغلته جريدة الوفد فى جاردن سيتى، أما المطابع فهى فى شركة الإعلانات الشرقية - الجمهورية الآن - وكانت المواد والمقالات تنتقل من هنا إلى هناك على ظهور «البسكليتات» وكثيرًا فى مفارق الطرق ما طارت المواد فى الشارع وحاول الناس أن يجمعوها، وراحت صفحات كثيرة، وكانت الرقابة شديدة فى ذلك الوقت، وكان الرقيب - من باب الرأفة بنا - يعكف على كتابة ما يراه لملء الفراغ الذي تخلف عن الصفحات التي ضاعت فى الطريق!

ويوم صدر العدد ظهر الملحق قبل صدور العدد، وكان الباعة ينادون على الملحق مستخدمين الكلمة الإيطالية «سوبلمنتو.. السوبلمنتو».. لماذا؟!

لقد اصطدم العامل الذي يحمل المواد بإحدى السيارات فسقط على الأرض وكان اهتمام الناس به أكثر من اهتمامهم بالورق الذي طار.. وظل الساعى يبكى فى الشارع حتى أدركناه عند موعد الصدور.. وحملناه فى تاكسى إلى المطبعة لنجلس جميعاً نكتب أى شيء لنملأ الفراغ، فقد كان ممنوعاً فى ذلك الوقت أن يظهر أى فراغ فى الصحيفة ليدل على أن هناك رقابة حذفت أو تدخلت فى حرية النشر!

وبعد 44 عدداً أغلقت الجريدة المسائية وانتقلنا مع «كامل الشناوى» إلى العمل فى جريدة الأهرام، وبعضنا نقله كامل الشناوى إلى مجلة «النداء» التي يملكها ياسين سراج الدين!

وكان «ياسين سراج الدين» مثل الحب والعفاريت: سمعنا عنها ولم نرها، ولم تكن هناك ضرورة لرؤيته، فقد كنا نسمع عنه دائما من مدير التحرير «صلاح عبدالجيد» وهو سمير وجليس «ياسين بك» فالكلمة كلمته.. والرأى رأيه.. ولا راد لقضائه فكل شيء ينسبه لـ «ياسين بك» فلا مناقشة بعد ذلك!

وفى يوم صدر قرار بعدم ظهور الإمضاءات، فكل مقالات «سلامة موسى» و«حلمى مراد» و«مصطفى محمود» و«صلاح حافظ».. وأنا.. لماذا؟

لا معنى للسؤال ولا ضرورة له!!

وفى يوم صدر قرار بعدم نشر بقايا المقالات وكنا نتناوب الإشراف على الصفحة الأخيرة وبقية المقالات تجىء فى الصفحة السابقة، والقرار لا بقايا، وعلى ذلك يجب أن تكون المقالات قصيرة بعد ذلك! أى أننا نكتب على حريتنا وهو يحذف على حريته! وهذا درس لنا جميعاً!

بمن فينا الأستاذ «سلامة موسى»، ولما وجدنا «سلامة موسى» لا يعترض فكيف نعترض نحن الصغار؟!

وفى يوم صدر قرار بخفض المرتبات لنا جميعاً.. لماذا؟ ياسين بك عاوز كده، وفى يوم تشجعنا فى اجتماع عام وتساءلنا عن ذلك.. ولم ينطق «ياسين بك» بكلمة وإنما «صلاح عبدالجيد» هو الذي قال:

- أنتوا فاكرين نفسكم إيه طه حسين؟ وإيه يعنى لما يتحذف نصف المقال أو المقال كله!

كله كلام فارغ ثم إن ياسين بك يتعب فى الإتيان لكم بالفلوس.. ولولا أن له صديقة غنية تموت فيه ما قبضتم مرتباتكم الشهر ده!!

ولا أحد يرد لا نحن ولا ياسين بك! فإذا جاء موعد القبض سمعنا من ينادى فى الطرقات: ياسين بك جه! ادخل يا جدع أنت وهو.. ويدخل الجدعان الغرف ويغلقون الأبواب لأن «ياسين بك» لا يحب أن يرى أحدًا!

ويتهامس المحررون والسعاة، وتتعالى أصوات السعاة، ثم صمت تام!

لقد خرج «ياسين بك» والقبض غدًا، ويجىء الغد ولا صوت ولا خبر مفيش قبض لأن ياسين بك قد اصطدمت سيارته بسيارة أخرى ومزاجه قد تعكر.. والأمل عظيم فى أن يتعدل المزاج غدًا أو بعد غد! وللذكريات بقية!

 

نقلاً عن مجلة صباح الخير

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز