الجمعة 19 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
بوابة روز اليوسف

أماطت الكشوف خلال السنين الأخيرة عن تعديلات مهمة في فكرتنا عن الهرم، فالهرم ليس مجرد كومة من الأحجار مشيدة فوق قبر ملكي لها شكل هندسي خاص أو هو بتعريف أدق، قبر ضخم له قاعدة مربعة ذات أربعة جوانب مثلثة متساوية تلتقي عند القمة بل إنه يبدو الآن أكثر من ذلك، إذ إنه يشرف على جبانة واسعة فيها- بخلاف الهرم- ثلاثة عناصر مختلفة، منها واد مبني بنسب متوافقة، ثم هناك ممر مسور يبلغ طوله أكثر من ربع ميل صاعدًا لأعلى إلى المعبد الجنائزي المتاخم للهرم من الناحية الشرقية، ثم هناك مركب من الخشب كبيرة على جوانب الهرم موسدة داخل فجوة مغطاة والمفترض أنه يمكن للملك أن يرتحل عبر السماء في موكب إله الشمس.

لقد كان الشكل الهرمي من غير شك من مميزات الملكية من ناحية الحجم ومن ناحية المظهر الخارجي إن هو قورن بجلاء المصاطب ذات السقوف المستوية وليس هناك من رمز خير من ذلك يستطيع أن يمثل الصلة التي تدعو إلى المهابة بين حاكم بالغ القوة الذي يوصف بأنه الابن العظيم أو الإله الطيب.

 

الشكل الهرمي لمقبرة الملك كان له أعظم معنى مقدس، فكان الملك يدفن تحت رمز إله الشمس الذي كان في قدس الأقداس في معبد الشمس، وعندما كان الهرم يرتفع كالجبل فوق الوادي، وكان الناس يرونه من مسافة أميال عديدة، كان هو أعلى المباني التي تحيي إله الشمس في جميع أنحاء البلاد، والهرم ليس مجرد صورة من الرمز الشمسي فقط، فكثيرًا في متون الأهرام وصف للملك وهو يصعد إلى السماء على أشعة الشمس.

 

فالهرم اعتبر في كل الأزمان أثبت شكل هندسي في البناء، فقد كان الملك الراقد تحت هذا الجبل الضخم من الأحجار المنيعة يتطلع إلى خلود جسمه وشخصيته التي كانت مرتبطة به ارتباطًا وثيقًا. القبر الهرمي قد أقيم فوق جثمان الملك ليحيي مطلع الشمس التي كان الملك من سلالتها وفي اختيار الشكل الهرمي- الذي يعد رمزا شمسيا لقبر الملك-برهان على سيادة المذهب الشمسي في البلاط الملكي.

 

يذكر "محرم كمال" أن البعض يقول إن الأهرام كانت أسوارا أو متاريس، وأن الهرم الأكبر إنما هو أثر ذو قيمة مترولوجية مقياسية عجيبة، الأهرامات مقابر، وليس لبنائها من غرض سوى هذا مطلقًا.

 

شيدت أهم جبانات الأسرة الرابعة فوق هضبة الجيزة، تطل عليها أهرام خوفو وخلفائه، وتنتظم من حولها طرقات تصطف على جانبيها مصاطب الموظفين والأعيان في موكب مهيب، يصاحبون سيدهم إلى العالم الآخر. وكان مصير "خوفو" فريدا في بابه K واسم "خوفو" اختصار لاسمه الكامل "خنوم خواف وى" "أي الإله خنوم يحميني"، واعتبر هرمه منذ العصور القديمة رمزًا حيًا لملك حكم مصر حكمًا مطلقًا.

 

هرم الجيزة الأكبر الذائع الصيت، يشغل مساحة أكثر من 13 فدانًا، وكان يصل إلى ارتفاع 146 م تقريبًا، وقد فقد منه جزؤه العلوي البالغ ارتفاعه حوالي 9 م، وتوجه جوانبه الأربعة المائلة بزاوية 52.51، الجهات الأربع الأصلية تمامًا، وقد بني جزؤه الداخلي من الحجر الجيري، من أجود محاجر طرة، ولكن لم يتبق من هذه الكسوة الخارجية إلا جزء بسيط ويقع مدخله الوحيد على الجانب الشمالي، على ارتفاع 16 م فوق سطح الأرض.

 

يقول "أحمد فخري" في وصف الهرم الأكبر: "يدخل زائر الهرم الآن من الممر المعروف باسم "مدخل المأمون" أو "ثقب المأمون" وهو الكسر الذي أحدثه عمال هذا الخليفة في القرن التاسع الميلادي للوصول إلى داخله، وقد قطعوه في المدماك السادس وهو أوطأ من المدخل الأصلي، ثم ينحرف قليلًا إلى جهة الغرب، وبعد مسافة قدرها 36 مترًا يتصل هذا الممر بالممر الأصلي والممرات الأخرى للهرم، ويستمر الممر الأصلي في انحداره إلى أسفل بزاوية مقدارها 28ْ حتى يصل إلى حجرة في الصخر لم ينته العمال القدماء من إتمام العمل فيها، وهذه الحجرة هي حجرة الدفن الأصلية التي أعدت في التصميم للهرم ليدفن فيها الملك، ويوصل هذا الممر إلى ممر آخر أفقي 35م وارتفاعه 1,75 مترً، وينتهي بما يسميه الناس خطأ باسم "حجرة الملكة".

 

في الجهة الشرقية من الهرم شيد "خوفو" معبده الجنائزي، ولكن لم يبق منه إلا مكان بعض أساسات الجدران واضحة فوق الصخر، وكان يحيط بالهرم الأكبر سور لم يبق منه إلا أجزاء من أساساته، وكان جانباه الشمالي والغربي على مسافة 23,60 مترً من قاعدة الهرم، أما في الناحية الجنوبية فكان على مسافة 18,50 متر من القاعدة. وتم العثور على سفن بجوار الهرم وتسمى عادة بمراكب الشمس، وإلى الشرق من الهرم الكبر نرى ثلاثة أهرام صغيرة. 

 

 

تم نسخ الرابط