عاجل
الجمعة 17 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

د. إيمان ضاهر تكتب: رحلت شمس الإنسانية.. فاستوطنت ظلمات البربرية

د. ايمان ضاهر
د. ايمان ضاهر

الجميع يشتكي من الهمجية لكن الجميع يعمل مثل البرابرة وكل على طريقته الخاصة. وهل بإمكاننا الغوص في اعماق الهمجية؟ مالبثت سمة عالمية اليوم مع كل ضربة للشعوب الضعيفة المحتلة نشهد سقوط في القاع للقيم الدولية الاساسية، وغياب أعمى للمعايير البشر الأخلاقية. اليست البربرية قبضة الشيطان على الإنسان؟ أليست القسوة هي فعل عبودية المحتل لانها تشهد على همجية نظامه القمعي المتأصل في جذوره؟ أليست البربرية الموطن الثاني لوحشية الحكم الصهيوني منذ ولادته؟ فالحضارة المتطرفة تولد الهمجية الخطيرة، والبربري يؤمن قبل أي شيء بالهمجية، والجميع يسمي البربرية ماليس من  عادته. وفي استحقاق الفضيلة يبدو لي أن التعصب والعنصرية أولي خطوات نحو الهمجية، وألسنا منذ عقود شهود عيان على الهمجية التي تتجدد باستمرار ودون نهاية في أرض فلسطين؟ سبعة عقود وحقائق الوضع الانساني المأساوي في الأراضي المحتلة لم يتغير، داخليا وخارجيا، فالمزايا الانسانية تراث المجتمع المقدس تعاني من زمن بعيد من جدار تناقض هائل كالأرض بين الذات الانسانية والمطامع المادية للدول ذات المسؤولية الامبراطورية الاخلاقية. وهذه هي أول الحواجز  لتطور فكرة الانسان والحفاظ على هويته الشرعية. فأين هوية الفلسطيني الإنسان في حرب غزة؟ ألم يغتصبها الفجورالصهيوني منذ عقود طويلة؟ والجواب، نعم في ظل بربرية متحضرة لم يعرف  لها مثيل في العصر الحديث.  ماذا ترك وراءه جيش العار المقهور؟ خراب واسع، دمار شاسع، اموات بلارحمة وخسائر فادحة، فلا سلام ولاارض ولا حقوق. لقد خاض نتنياهو المهزوز  الحرب البربرية ضد أهل غزة مستهدفا المدنيين الابرياء فهدم البنية التحتية، منازل ومستشفيات ومساجد وكنائس بأسلحة الدمار الفوسغوري. .. وفي ظلمات الهمجية انتزع جيش العار المتوحش للاحتلال الصفة السامية لإنسانية شعب فلسطين واراد ومازالت ارادته الغاشمة تعمل لابادته بشكل جماعي.  لكن المحتل الإسرائيلي نسي أن يحدد الطرف البربري في هذه الحرب المقيتة.  فالإنسانية المتحضرة رأيتها في نفوس اهل غزة الشرفاء والأقوياء والرحمة مازالت بينهم فهم المدافعون بحياتهم عن أرضهم المحتلة وكرامتهم المغتصبة. مازالت  اليوم وأكثر من اي وقت مضى، النظرة الاستعمارية الصهيونية تعيد ولادة تاريخها وفي مواثق العالم المتحضر، بخطاب حضاري لامهرب منه، لكنه بربري يهيمن بجبروته   ومعونة حلفائه الخاضعين على الصراع الصادم في الساحة العالمية، وخاصة على الجغرافيا العربية الاسلامية. التاريخ يدين منذ زمن بعيد السياسة العقيمة الظالمة لإسرائيل، التاريخ يدعوها الى الوعي والوعي بالمعاناة التي يعاني منها شعب مناضل "قهراواستبدادا وموتا. " والتاريخ  يمضي متسائلا بالحاح: "ماهي نوعية الجدلية الهمجية التي ينتقل منها هذا المحتل  من وضع الضحية الى وضع الجلاد، وهنا تكمن المفارقة ليهود اسرائيل الذين اذلوا واحتقروا واضطهدوا الفلسطينيين منذ أكثر من سبعة عقود...ألم تتعب إسرائيل من تكرار تاريخ محرقتها؟ اليهود الذين كانوا ضحايا لنظام نازي لايرحم يفرضون نظامهم اللانساني القاسي على كل فلسطيني. أليست حرب غزة الوحشية الفظيعة سياسة انتحارية لايمكن إلا أن تعرض فرص اسرائيل للخطر في البقاء في الشرق الاوسط؟ هل سيتمكن العالم نسيان الإجرام الصهيوني على غزة؟ من حيث العدالة والقانون وحقوق الانسان لم يعد لهذا الصراع الاليم صواب ويقين فهو حرب "الأشرار" ضد "الصالحين" ويمثل خللا في التوازن العالمي الى حد لايطاق وكأن شعب فلسطين "فائض عن الحاجة". فلا تحزن ولاتستسلم، أيها الشعب المناضل،لن يتمكن أحد ما هزمك والتخلص منك. 



 

وماذا اخبرت فلسطين العالم؟ أخبرتهم أنها سلسلة من التلال العمالقة عالقة في حلق العالم ولن يتمكن لاحد ابتلاعها والا سيختنق". وأليس التاريخ صيغة نصها الفائزون بيد أن المهزومون فيسعفهم صوتهم حتما لكن ليس  أحلامهم؟ كتب الإصلاحي الشيخ التاجي الفاروقي مؤلف كلمات النشيد الوطني الفلسطيني المستقبلي مقالة رائعة نشرها في بلدتي الأم طرابلس وقال في الجوهر: "إن هدف الصهيونية هو جعلنا غرباء في وطننا. هذا هو جوهر الدراماويتم التحضير لها لشعب فلسطين بأن يصبح شريدا في أرضه وأن لاينعم باستقلاله وسيادته...."واستشهد هنا بمقولة أحد الشعراء الفرنسيين الغيورين على هذه القضية النضالية في كتابه "أسير في الحب" أعظم الكتب عن كفاح شعب فلسطين واعترافه: "إن الفن يبرر نفسه اذا دعا الى ثورة نشطة او على الاقل اذا ادخل الشك والقلق  في روح الظالم بسبب ظلمه فهو يجسد  مقاومة عادلة وملتزمة بحق المظلوم." وردا على سؤال نطرحه كل يوم :" هل يحق لنا ان نسلب شعب وطنه . من كان هناك قبل  الاخر الشعب الفلسطيني او اليهودي؟ وسرعان ماترافقت مع نتيجة طبيعية، بدعة  تاريخية غالية على قلب القومية في كل بقاع الدنيا، اثاراللحظة الاصلية " تاريخ الصفر" ميلاد الشعب الفلسطيني في هذه الحالة. وفي معجم حب فلسطين، اسأل نفسي من أكون؟سؤال اطرحه على الآخر وليس له اي إجابة، من أنا؟ انا قصيدة عربية معلقة منذ ٧ عقود وستبقى حتى يستعيد  شعب فلسطين حقوقه وتحريره بالكامل. وأخيرا،  فلنصغي لما يقوله اديب فلسطين الياس صنبر:"هناك السلام الحقيقي الذي نتمناه ونعمل لاجله، سلام الاعتراف الجوهري الذي لايحتاج لضمانات دولية ولا مراقبات حقوقية او معاهدات، سلام يدعى المصالحة الانسانية أعلى مراتب السلام حيث يتحول الى قيمة حضارية لانه يضيف  الى اختبار العقل خيارالقلوب." فهل فات الآوان لتحقيق ذلك؟ وأنهي مقالتي بكلمات شاعر العصر الحديث علي محمود طه:" ياأيها البطل الصنديد جئت بما تحدثت عنه ادهار واقوام هزت فلسطين أنباء يطير بها برق على جنبات الليل بسام عادت لها ذكريات وانبعثت بها صحائف من نور واقلام  خصصة في الأدب الفرنسي واللغات  والفن الدرامي من جامعات السوربون في  باريس.  

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز