عاجل
الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
فن الدبلوماسية .. مهام العلاقات العامة المحلية والدولية

فن الدبلوماسية .. مهام العلاقات العامة المحلية والدولية

تتفاخر الجامعات العالَميَّة ومراكز البحث الأكاديميَّة الدوليَّة بمختلف أرجاء المعمورة بأنَّ نظريَّات وأُسُس العلاقات العامَّة قَدْ بدأت في أواخر القرن التاسع عشر في أوروبا من حيث تطوير طُرق وأساليب وسلوكيَّات العلاقات العامَّة وأهدافها واستراتيجيَّتها ضِمْن الرؤية المستقبليَّة، سواء بالمجال الاقتصادي التّجاري أو في المجالات الأخرى، ومِنْها إقامة العلاقات السِّياسيَّة لغرض تبادل المصالح على مختلف أنواعها ومستوياتها. ولكن نسوا أو تناسوا بأنَّ المدرسة الدبلوماسيَّة الإسلاميَّة ورسولَنا الكريم محمدًا (عَلَيْه أفضل الصَّلاة والسَّلام) هو الَّذي من أرسى قواعد العلاقات العامَّة من خلال نَشْرِ تعاليم الرسالة السماويَّة، سواء على المستوى المحلِّي أو الإقليمي بالجزيرة العربيَّة ـ آنذاك ـ أو على المستوى الدولي من خلال إرسال المبعوثين إلى مختلف بقاع العالَم شرقًا وغربًا ضِمْن أرقى النظريَّات الَّتي تُدرَّس الآن في الجامعات البريطانيَّة وأوروبا الغربيَّة. فكان الشَّخص المناسب يُختار أو ما يُسمَّى الآن السَّفير لِيسلِّمَهم رسالة الإسلام وهُمُ المبعوثون لكُلِّ ملوك الأرض وشعوبها ضِمْن مواصفات خاصَّة لكُلِّ واحد مِنْهم. فعلى سبيل المثال، فقَدْ أرسل إلى هرقل الروم (دحية الكلبي) مبعوثًا عن رسولنا الكريم الَّذي كان يمتاز بصفات: حُسن الهندام الخارجي، وحُسن الوَجْه، فارسًا ماهرًا، بليغ اللُّغة، اجتماعي النَّمط والمجاملة، وعليمًا بالروم. وكذلك أرسلَ رسالة إلى المقوقس حاكم مصر بواسطة (حاطب بن أبي بلتعة) مبعوثًا مخوَّلًا وهو أحَد فرسان قريش وشعرائها في الجاهليَّة، وذُكر أنَّه كان له عِلْم بالنصرانيَّة، وله القدرة على المحاورة والمطاولة بالنِّقاش والإقناع وفنِّ إدارة الحديث وبُعد النَّظر، وغيرهم من سفراء رسولنا الكريم.



 

وبهذه المواصفات نشأت مهامُّ وسِمات وكاريزما موظَّفي العلاقات العامَّة بجميع فروعها، وحصد النتائج الإيجابيَّة للمصلحة العامَّة، وإرساء مبدأ تبادل المصالح؛ رغبةً في الرَّخاء والأمان والازدهار تحت مظلَّة المفاوضات، وهو ما يُسمَّى الآن بفنِّ الدبلوماسيَّة والعلوم السِياسيَّة والعلاقات الدوليَّة لمختلف بقاع العالَم، لذلك فإنَّ المدرسة الدبلوماسيَّة الإسلاميَّة هي الَّتي بدأت هذه العلوم والفنون، سواء بإرسال السُّفراء أو عِلْم العلاقات العامَّة ونظريَّاته وما جاء من تطوير وصقل في القرن التاسع عشر وما خلفه يُعَدُّ تحديثًا وتطويرًا لِمَا بدأ في حضارتنا الإسلاميَّة.

 

تُعرَّف العلاقات العامَّة بأنَّها نشاط يهدف إلى تحقيق التَّعاون والتَّفاهم وتبادل المصالح ذات المنفعة العامَّة بَيْنَ طرفيْنِ، سواء على مستوى الدَّولة أو الشركات أو الأفراد محليًّا أو دوليًّا، والعمل على تطوير رقعة هذا التَّعامل بشكلٍ متينٍ ورصينٍ بعيدًا كُلَّ البُعد عن الضبابيَّة والنيَّات الخفيَّة والريح الصفراء. وهناك تعاريف كثيرة بَيْنَ المدارس الأجنبيَّة على مختلف مسمَّياتها، ولكن يتَّفقون في نقطة وهدف واحد ألا وهو تحقيق الاستقرار الاقتصادي والأمني وتلبية احتياجات الجماهير ذات العلاقة بمبدأ التخطيط والتنفيذ والمتابعة والتطوير.

 

تُعَدُّ العلاقات العامَّة وموظَّفوها على مختلف مُسمَّياتهم ومناصبهم مفاتيح الاستقرار والازدهار الاقتصادي والأمني لكُلِّ بلدٍ وبالعكس؛ لكونِ موظَّفي العلاقات العامَّة لَهُم دَوْر أساسي وجوهري في التعرُّف على الشركات الرَّصينة والَّتي لها باع طويل في مجال الاستثمار والتنفيذ بمختلف مجالات الحياة الاقتصاديَّة، ولكونِ السّفارة تُعَدُّ واجهة وباب الدَّولة بالخارج، لذلك يقع على عاتقها الثقل الأكبر في هذا المجال بحيث ترفد البلد بأفضل ما يكُونُ من المعلومات الاقتصاديَّة والصحيَّة والأكاديميَّة والعسكريَّة والأمنيَّة، وغيرها من المجالات الَّتي يحتاجها كُلُّ بلد استنادًا إلى الأمور الصَّادرة من هرم الدَّولة إلى وزارة الخارجيَّة وإلى السّفارة، وبالعكس وهذا لا يتداخل أبدًا مع الدبلوماسيَّة الاقتصاديَّة الَّتي من سِماتها رفاهيَّة الشَّعب وتحقيق أهدافه ضِمْن جدول زمني مُعيَّن. سِمات العلاقات العامَّة ليست حصرًا على الكادر الدبلوماسي فقط، وإنَّما تشمل جميع دوائر العلاقات بالوزارات الحكوميَّة والقِطاع المختلط والخاصِّ؛ لأنَّه هو النَّشاط المستمرُّ والفعَّال لِتَوجيهِ السِّياسات والأهداف والأعمال ذات العلاقة، سواء على المستوى المحلِّي أو الدولي الَّتي تعمل في المؤسَّسة للحصول على ثِقتهم.

 

إنَّ العلاقات العامَّة هي وظيفة إداريَّة في غاية الأهمِّية وتُبنى بشكلٍ جوهري على العنصر البَشَري وكاريزما موظَّفي العلاقات العامَّة، ومن أهمِّ هذه المؤهّلات المطلوبة هي (التخاطب، الاستماع، الكتابة، لبَاقة الكلمة، حُسن المظهر، البساطة، التواضع، الثقافة، الحماسة، التنظيم في قدرة هيكلة العمل، التواصل والمتابعة، القدرة على التَّعامل مع المفاهيم الإداريَّة، إمكانيَّة صنع واتِّخاذ القرار في الأوقات الحرجة، مواكَبة التطوُّر والمناهج الحديثة، وأخيرًا الاهتمام بموضوع الإتيكيت، خصوصًا احترام الوقت). وفي الختام، تعيين موظَّفي العلاقات العامَّة لا يتمُّ بالعلاقات الشَّخصيَّة والقبيلة وركْن الموظَّف في زاوية ضيِّقة، وإنَّما يكُونُ على أُسُس مهنيَّة وحِرفيَّة وأكاديميَّة، بالإضافة إلى سِني الخبرة العمليَّة الكبيرة؛ لأنَّه سوف يعكس صورة المؤسَّسة محليًّا ودوليًّا استنادًا إلى الواجبات الجوهريَّة المكلَّف بها بفتْح التواصُل بالقنوات الدوليَّة والمحليَّة خدمة لأهداف المؤسَّسة.

 

دبلوماسي سابق

والرئيس التنفيذي للأكاديمية الدولية للدبلوماسية والإتيكيت  

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز