عاجل
الأربعاء 15 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
يوم الشهيد
البنك الاهلي
الشهيد تاج يزين تاريخ مصر

الشهيد تاج يزين تاريخ مصر

كانت عقيدة المصري –ولا تزال- تعتبر المساس بأرضه نوعًا من العار، وكان ولا يزال يبذل الغالي والنفيس لتظل بلاده آمنة، ولذا كان اللقب المحبب للملك (مكي كمت، وعف خاسوت= حامي مصر، قاهر الأجانب).



 

ويقدم لنا التاريخ المصري نماذج لمصريين كانوا على أتم الاستعداد للتضحية بأرواحهم فداءً للوطن، ومن بين أقدم الأمثلة نجد الملك سقنن رع حاكم طيبة الذي تلقى رسالة من أبوفيس حاكم الهكسوس يطلب منه إسكات صوت فرس النهر الذي يقلق مضجعه، إشارة إلى رغبته في إيقاف الاستعدادات التي يقوم بها الملك المصري في النيل لطرد الهكسوس، وعلى الرغم من أننا لم نعرف الرد إلا أن مومياء سقننرع أول مومياء محنطة بشكل كامل تظهر لنا أنه كان أول شهيد في الحضارة المصرية، حيث يزين جبهته ثلاث ضربات بالبلطة.

 

 

 

 

 

وبعد استشهاد سقنن رع لم تتخل أسرته عن دورها القيادي، وكان ابنه كامس لا يقل شجاعة عن أبيه، فحين تولى الحكم سأل مساعديه عن رأيهم في الأوضاع فكان ردهم مخيبًا للآمال مشيرين إلى الهدنة مع الهكسوس فكان رده (كيف تطلبون مني أن أكون سعيدًا وبلادي يسيطر على شمالها أجنبي وجنوبي يعلن أهل الجنوب استقلالهم) مؤكدًا أنه سيحارب الأعداء حتي يطردهم أو يستشهد، ولا نعلم حتي الآن كيف مات ويعتقد البعض أنه استشهد كذلك دفاعًا عن بلده.

 

 

 

لم تستسلم الأسرة وقدمت الابن الثالث العظيم أحمس الذي تمكن من طرد الهكسوس وحاصرهم في شارحين في فلسطين لثلاث سنوات، معلنًا هيمنته وسيطرته، ومؤسسًا لأول جيش مصري نظامي، ومعلنًا تكوين إمبراطورية مصرية امتدت من قرن الأرض (جبل البرقل) حتي المياه المعكوسة (نهر الفرات).

ولكن هل توقفت التضحية بالنفس من أجل مصر؟ لم تتوقف وظل أي شخص علي أتم الاستعداد وبكل سهولة أن يدفع روحه ثمنًا لبقاء بلاده آمنة، ومن بين هؤلاء كان القائد حور محب الذي أبي أن يحكم مصر شخص أجنبي، ومن المصادر نعلم أن أرملة توت عنخ آمون أرسلت إلى ملك الحيثيين تطلب منه إرسال أحد أبنائه لتتزوجه ويحكم معها مصر، وحين علم قائد الجيش حور محب رفض هذا وربما يكون تخلص من هذا الإبن قبل أن تطأ قدمه أرض مصر، وكان دائما يعلن أن الروح فداء لمنع دخول أجنبي إلى أرض مصر.

 

 

الملك حور محب

 

استمرت مصر ترعي أبناءها وتحمي حدودها بكل قوة، حتى حين اقترب ملك الفرس قمبيز من مصر، وكانت كل القوى المجاورة قد سقطت، عرض على بسماتيك الثالث أن يستسلم ليسلم ولكن الملك المصري رفض إلا الدفاع عن بلاده حتى لو كانت النتيجة موته، ولذا فحين كان المصريون يحاربون خارج مصر كان العدو يمنح الجندي المصري حرية العودة إلى بلاده، أو منحه أرض ليعيش عليها وكانت في الغالب رغبة العدو أن يظهر لجنوده أن هناك من يمتلك عقيدة الشهادة دفاعًا عن عرضه وأرضه.

 

 

 

الملك بسماتيك الثالث

 

انتهى تاريخ مصر القديم بوصول الإسكندر إلى مصر عام 332 قبل الميلاد، وقد تعلم أن مصر دولة لا يقهر أهلها جيش، فدخل من باب الدين، ومن بعده حكم البطالمة الذين تمصروا وحموا مصر، وكانت من بين ملوكهم بطلميوس الثالث الذي كان على أتم الاستعداد للموت حتى لا تقع مصر فقام بالعديد من الأعمال التي تعكس تمصره الكامل، ومحبته لمصر لدرجة أن الكهنة المصريين اجتمعوا عام 237 قبل الميلاد في كانوب (أبو قير الحالية)، وأصدروا مرسومًا للملك يشكروه ويعتبروه ايورجيتيس أي الخير.

 

 

 

الملك بطلميوس الثالث

 

وقبل أن يدخل الرومان إلى مصر عام 30 قبل الميلاد قدمت كليوباترا السابعة مثالًا للوطنية حين آثرت الموت منتحرة أو بيد حراسها على أن تستسلم لأوكتافيوس الذي كان يصر على أن يدخلها روما عارية ومقيدة بالسلاسل، فكان موتها حماية لمصر وكرامتها وحفاظًا على عظمة وكيان هذا الوطن الذي يستحق الكثير.

 

 

الملكة كليوباترا السابعة

رحم الله كل نفس مطمئنة عادت إلى ربها راضية مرضية، وهي تدافع عن بلادها وترابها بداية من سقنن رع الدليل الأول المؤكد وحتى آخر جندي رفض ان تمس قطعة من أرض أم الدنيا.

 

 

أ.د/ خالد غريب كلية الآثار – جامعة القاهرة

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز