

أ.د. عادل القليعي
مصر .. واليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني
مصر الحضارة، التاريخ وما قبله، الماضي والحاضر والمستقبل، رمانة ميزان الأمة العربية والإسلامية، مصر بموقعها الجغرافي المتميز أهلّها لأن تحمل على عاتقها هموم الأمة العربية والمسلمين، بمساجدها، بكنائسها، بأديرتها، بكل مقدراتها، بثقلها ومكانتها بين الدول جعلها تتبوأ هذه المكانة العالية، ليس هذا وحسب، بل وجعل كل قادتها على قدر المسؤولية، بل ووضعوا أمتهم الغربية نصب أعينهم، وجعلوا أمنهم وأمن مواطنيهم وسلامتهم مرهونًا بأمننا وسلامتنا، فكانت بحق ولا تزال وستظل هكذا بل وكل ما تقدمه مصر للأشقاء سيأتي يوم القيامة شاهدا لها ولقادتها، ليس هذا وحسب بل بشعبها الحنون الطيب الذي تأذى وتألم وذرفت عيناها دما بدل الدموع وتمنى السلامة لهذه الأمة ولهجت ألسنته بالدعاء الحار للأخوة الأشقاء في فلسطين وغزة والسودان وكل بلدان العرب والمسلمين فحازت بلقب الشقيقة الكبرى لكل العرب.
لا أقول كلاما إنشائيا ولا أنشد الشعر والمنثورات، ولا لأني مصري ولا أتملق لأحد وإنما أقول ما يمليه عليّ ضميري، نعم مصر تحملت ما لم تتحمله دولة عربية أو إسلامية ذودا ودفاعا ونفاحا عن القضية الفلسطينية، منذ عام 1948 وما قبلها من الذي جيش الجيوش في العهد الملكي وهب لنصرة الأقصى المبارك.
وفي عصرنا، من الذي تصدي لمحاولات التقسيم وتفتيت وتشتيت فلسطين وتجريف أراضي غزة وتهجير أهلها منها، إنها مصر التي أبطلت المخطط الصهيوأمريكي ورفضت كل المغريات المادية من إسقاط ديون وخلافه.
ألم يقلها الزعيم الراحل أنور السادات، القدس كل الأديان، ألم يقلها مبارك القدس عاصمة فلسطين الأبدية، إياكم والعبث بالمسجد الأقصى لما يمثله من أهمية عند المسلمين جميعا، إياكم ودغدغة مشاعر المسلمين.
ألم يقلها الرئيس السيسي في خطاباته المتكررة لا لتهجير أهل غزة، لا لتهجيرهم إلى سيناء، سيناء خط أحمر، وما تعنيه هذه العبارة من بلاغة تعبير، من يحاول أن يدسها بقدمه أو تطأ قدماه رمالها سيواجه بجيوش هادرة لا قبل لهم بها وسيخرجون منها أذلة وهم صاغرون.
ومن سيأتي بعدهم وبعدنا سيقول ذلك ولا يتحرج من قوله على مسمع ومرأى من الجميع، نعم البيت لنا، والقدس لنا والأقصى لنا.
وفي الحرب الدائرة حاليا من الذي فتح أبواب مستشفيات رفح والعريش على مصاريعها، من الذي فتح المعابر لمرور قوافل المساعدات الإنسانية، من الذي سعى لإتمام صفقات الأسرى ليس في هذه الحرب الدائرة الآن، بل كل الصفقات السابقة منذ صفقة الجندي شاليط وما قبلها، إلى صفقات تبادل الأسرى في معركة طوفان الأقصى.
نعم جهود مبذولة مضنية قادها قادة من طراز وطني فريد يعملون في صمت، لا يدخرون جهدا من أجل هذه القضية العادلة، نصرة فلسطين الأبية، وغزة الفداء والصمود، لا من أجل فلسطين كدولة، وإنما من أجل فلسطين الأرض المقدسة، الأرض المباركة، الأقصى الحبيب الذي تهفو إليه أرواح المحبين.
وفي اليوم العالمي يوم التاسع والعشرين من شهر نوفمبر للتضامن مع القضية الفلسطينية، كان حقا على العالم الحر المستنير الذي ينشد السلام الحقيقي أن يتضامن مع غزة وصور التضامن كثيرة من أدناها إلى أقصاها، من وضع الكوفية تزين الأعناق إلى المساعدة بالمال، إلى الوقفات الاحتجاجية على ما يفعله الصهاينة بأهلها المسالمين، إلى المساعدات الإنسانية، إلى توحيد العالم كله على كلمة سواء ألا وهي أوقفوا الطغيان، لا لقتل الأطفال، لا لهتك الأعراض، لا لقتل النساء، لا لتجريف الأراضي، لا لإهدار كرامة الإنسانية، لا لألة الحرب الفتاكة، لا للغطرسة والتكبر الصهيوني، لا للاستقواء، لا لبروتكولاتكم آل صهيون.
إذا أردنا حقا تضامنا مع فلسطين، نقولها بصوت مرتفع ونتمنى أن يرددها العالم معنا، لا أيها الرأسماليون، ابحثوا لكم عن تجارة أخرى خلاف صناعة ترسانات الأسلحة لبيعها ببلايين الدولارات لهدم بيوت الآمنين فوق رؤوسهم، لا للغطرسة الأمريكية واستعراض القوة والسلاح النووي، لا للجبروت الروسي وترساناته العسكرية وتهديداته المستمرة، ولا هذا سيضرب ذاك ولا ذاك سيضرب هذا، الكل يلوح بالقوة والشعوب العربية تدفع لضمان بقائها حية. نقول وبمنتهى الوضوح لن ينفكم الانضمام لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، عودوا إلى عروبتكم، قفوا مثلما وقفت مصر مع القضية الفلسطينية وتخندقوا في خندق واحد وافرضوا أنتم السلام على العالم كله.
نعم العالم يتضامن وهذا جد مهم، الاحتجاجات والمظاهرات ملأت شوارع أمريكا وأوروبا وكل دول العالم تحمل لافتات تدين صور مجازر الأطفال ومذابح الصبيان، الجميع هالة قسوة المناظر الدامية، الجميع يحمل علم فلسطين.. وهذا أمر مهم وعمل إنساني رفيع. واختتم حديثي.. من أراد السلام فليعمل من أجل السلام.
أستاذ ورئيس قسم الفلسفة بآداب حلوان.