عاجل
الجمعة 3 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
مختارات من الاصدارات
البنك الاهلي
5000 ليلــة وليلــــة

5000 ليلــة وليلــــة

5000 ليلة وليلة، وقصة كل ليلة وحكاية تلخص مجهود أسبوع كامل قبلها وترسم جغرافيا وتاريخ وطن فى شهرزاد الصحافة «روزاليوسف» لتوثيق أخطر مراحله التاريخية منذ عام 1925 من الملكية إلى الجمهورية الأولى وحتى الجمهورية الثانية، من الثورة إلى النكسة ومنهما إلى النصر العظيم حتى العبور الثانى والقضاء على طيور الظلام فى 30 يونيو عام 2013.



 

 روزاليوسف كانت وما زالت العيون التي لا تنام والعقول اليقظة التي لم تترك لحظة أو حدثا تاريخيا فارقا فى مصر والشرق الأوسط والعالم (سياسى.. اجتماعى.. فنى.. رياضى) من دون توثيق أمين وقراءة مخلصة وتحليل عميق ترسخيا لقيم «الحق والخير والجمال» وهى نفسها القيم التي قام عليها التفكير الفلسفى منذ العصر اليونانى، أضف إلى هذه الثلاثية الخالدة قيمة «الإبداع» بأقلام كبار كتابها على مر العصور.. أولياء مصر المبدعين فيها وأكابر المهنة الذين كتبوا على صفحاتها عبر 99 عاما.. من الجيل الأول حتى الجيل الخامس الآن وكل جيل فيها يسلم أمانة الكلمة والضمير المهنى للجيل التالى تحت شعار أن روزاليوسف «ترى ما لا يراه الآخرون وتشعر بنبض الجماهير» فى منجم تكنولوجيا الإبداع ولهذا كانت مفتاح سر التاريخ والجغرافيا والتربية الوطنية والتربية الفنية عبر عهود مهمة فى تاريخ مصر.

 مبدعون بالوراثة

المفارقة أن روزاليوسف المجلة السياسية الأولى فى مصر والشرق الأوسط التي ولدت من رحم الفن واتسم مداد كبار كتابها بالطابع الفنى والأدبى وتوزعت الأساليب الإبداعية فيها ما بين الفن والأدب والشعر والقصة القصيرة وفنون الكاريكاتير بالوراثة منذ أن أطلقتها السيدة فاطمة اليوسف وحتى الآن.

 روزاليوسف كانت وما زالت هى المفتاح السحرى لعالم الفكر والإبداع بحكم تاريخها الفنى وسيرتها ومسيرتها الأولى، ففى عام 1912 تعرفت على الممثل والمخرج عزيز عيد مؤسس فرقة الفودفيل المسرحية أول من آمن بموهبتها وكانت هى سر نجاح فرقته، ثم انتقلت إلى فرقة عكاشة، مع الفنان محمد عبدالقدوس، الذي عمل معها، وفى يونيو عام 1917 تزوجته وأنجبت منه النابغة «إحسان عبدالقدوس» بينما فى عام 1923 تزوجت من الفنان زكى طليمات وفى يوم 20 أكتوبر 1924 ولدت ابنتها آمال زكى طليمات. التحقت فاطمة اليوسف بفرقة جورج أبيض المسرحية، ومثلت على مسرح الأوبرا رواية الشعلة، ونجحت هذه الفرقة نجاحًا مُبهرًا، وعندما أسس يوسف وهبى فرقته المسرحية، أصبحت «فاطمة اليوسف» بطلة مسرحياته، وحققت نجاحًا رائعًا، حتى بلغت ذروة المجد، عندما مثلت دور مارجريت جوتييه فى رواية غادة الكاميليا، وأشاد النقاد بموهبتها المُتوهجة، وأطلقوا على فاطمة اليوسف الاسم الخالد: سارة برنار الشرق، لبلوغها المجد الذي وصلت إليه سارة برنار ممثلة فرنسا الأولى، وكان هذا الدورُ فاتحة خير عليها كبطلة فرقة يوسف وهبى المسرحية، التي مثلت خلالها عشرات الأدوار؛ ثم قررت الرحيل عن الفرقة واعتزال التمثيل نهائيًا بسبب خلافاتها الدائمة مع يوسف وهبى المستبد برأيه عندما قرر النزول إلى مستوى الجمهور وتقديم روايات باللغة العامية بل السوقية على حد قولها فى مذكراتها، ووصل الخلاف إلى حد كتابة النهاية أثناء التحضير لمسرحية «الذبائح» وإصرار يوسف وهبى على إسناد دور الفتاة الأجنبية لها بينما تمسكت روز بتجسيد دور الفتاة المصرية، ثم انتقلت إلى فرقة نجيب الريحانى ولم تستمر طويلا بسبب أزمة الريحانى الفنية ورغبته فى تجسيد التراجيديا بينما يفضله الجمهور ممثلا كوميديا، وعند هذا الحد خرجت من الفرقة وفضلت الاعتزال وعندما عادت للتمثيل بعد غياب 9 سنوات لأسباب إنسانية بعد حريق وقع فى قرية صغيرة وانتفض الشعب ونجوم الشعب للتبرع لإعادة إعمارها وقررت أن تمثل لمدة ليلتين فى مسرحية غادة الكاميليا متبرعة بأجرها فى حضور مصطفى النحاس ومكرم عبيد والنقراشى على أن يخصص الدخل للقرية المنكوبة، ثم العودة إلى قواعدها باعتزال الفن واتجاه أنظارها إلى عالم الصحافة رغم أنه كان فى وسعها أن تنشئ بيتًا للأزياء أو تدير مشروعا تجاريا ولكنها رأت أن للصحافة دورا ورسالة، وكانت مجلة روزاليوسف، وفى العدد الأول فى 26 أكتوبر عام 1925 كتبت مقالا طويلا عن «الحرية والفن والمسرح» وقالت إن غاية المجلة الحق والوطن والعدل والواجب، وأجابت فيها على: لماذا لا توجد مجلة فنية تُدافعُ عن هؤلاء الممثلات والممثلين؟ وَمَنْ يكتبُ فيها؟ وَمَنْ يُدافعُ عن الفنانين المظلومين الذين انهال عليهم التجريح؟، ثم قامت بتكوين فريق التحرير الذي قام بتأسيس المجلة معها يضم خمسة أشخاص هم: محمد التابعى - وأحمد حسن، وسعد الكفراوى وزكى طليمات، وإبراهيم خليل، الذي ساعد المجلة كثيرًا حتى انطلقت من عمارة أمير الشعراء أحمد شوقى ليبدأ الفصل الأول من الأسطورة بعد الاستعانة بقامات أدبية وفكرية مثل: دكتور إبراهيم المازنى، طه حسين، على أحمد باكثير، عبدالرحمن الشرقاوى،  نجيب محفوظ، ومصطفى محمود، المفارقة أن محمد التابعى أمير الصحافة العربية وأول من استعانت به حولها من مجلة فنية أدبية إلى مجلة سياسية وارتفع توزيعها وظل رئيسا لتحريرها ست سنوات محققا نجاحا تاريخيا هائلا وتتعاظم قيمته فى الأسماء التي تتلمذت على يديه، منهم توأم الصحافة مصطفى وعلى أمين، وكامل الشناوى،  وإحسان عبدالقدوس وآخرهم كان محمد حسنين هيكل.. لكن جينات الفن والإبداع فى القلب والضلوع والأصول، تأملوا عظمة هذه الأسماء فى سيرة ومسيرة روزاليوسف من: يوسف وهبى وعزيز عثمان ومحمد عبد القدوس وزكى طليمات نجيب الريحانى ودورهم العميق فى تاريخ الفن والمسرح المصري أبو الفنون.

 

 صفوة النقاد

بخلاف أنها امتلكت على مر العصور كتاب ونقاد الصفوة فى الفن مثل الأساتذة: فهمى حسين، عبدالفتاح رزق، محمد عتمان وزينب منتصر، طارق الشناوى، محمد هانى، عصام زكريا، سهير جودة، حسام عبد الهادى فضلا عن السحرة عادل حمودة وإبراهيم عيسى، ولهما فى الكتابة الفنية الممتعة صولات وجولات ومواقف ومذاهب ووجهات نظر، فإن كل من تقلد رئاسة تحرير مجلة روز اليوسف تمتع بالوراثة بقدرات وحاسة فنية خاصة: محمد التابعى،  إحسان عبدالقدوس، أحمد حمروش، أحمد بهاء الدين، كامل زهيرى،  عبدالرحمن الشرقاوى،  فتحى غانم، صلاح حافظ محمود التهامى ومحمد عبد المنعم وعبدالله كمال وأسامة سلامة وعصام عبد العزيز وإبراهيم خليل وهانى عبدالله وأحمد الطاهرى وجميعهم يمتلك ملكة الكتابة الفنية باقتدار، بل إنهم أصحاب نظريات ومدراس ووجهات نظر فنية بامتياز بحكم الچينات المتوارثة من المُؤسسه والمُعلمة الأولى (راجعوا مقالاتهم) «من التابعى للطاهرى» على مدار 5000 ليلة وليلة .

 

أمير الصحافة العربية

محمد التابعى أحد أساطير الصحافة المصرية تزوج من الفنانة زوزو حمدى الحكيم، وبدأ أولى خطواته  فى عالم  الصحافة بالعمل ناقدا فنيا فى جريدة «الأجيبسيان جازيت»، وكتب فى روزاليوسف بدون توقيع، ثم تفرغ للكتابة فيها عام وتميز بأسلوبه الساخر والرشيق حتى أصبح مدرسة خاصة فى الكتابة الصحفية. من ضمن أسلوب التابعى الساخر أن أطلق أسماء هزلية على بعض الشخصيات السياسية المعروفة، وعلى المستوى الفنى كان أول من كتب سيرة فنانة وكانت هى أسمهان التي روت له قصتها.

 

الساحر إحسان 

أما الساحر الكبير إحسان عبدالقدوس فإلى جانب صولاته وجولاته السياسية ومواقفه التاريخية وانفراداته وعلاقاته مع الرؤساء والملوك والأمراء فإنه صاحب سجل حافل بالأعمال الفنية التي قدمها، ونموذج فذ للاقتراب من صورة المرأة فى الأعمال الفنية، حيث قدم «إحسان» ما يزيد على 40 عملاً للسينما منها أعمال مأخوذة عن الرواية ومنها ما هو مكتوب خصيصًا للسينما، واعتبر النقاد أن السينما استفادت من المشروع الإبداعى لإحسان عبدالقدوس بشكل كبير، بسبب التوافق بين مشروعه الذي يتناول المرأة بشكل أساسى ودور المرأة فى الواقع، ومنها التفتت السينما لأعماله، وحولت معظم إبداعه الأدبى إلى أعمال سينمائية وكانت رواياته الخالدة سببا فى نجومية أجيال من سيدة الشاشة فاتن حمامة وماجدة ولبنى عبدالعزيز إلى نادية لطفى ونبيلة عبيد بجانب أنه كان الصديق المقرب لأسطورة الغناء عبدالحليم حافظ الذي بدأ خطواته الغنائية من عتبة روزاليوسف وتوج هذه العلاقة بحضوره وضع حجر الأساس لمبنى مؤسسة روزاليوسف الحالى بشارع القصر العينى وكان أول الحضور فى افتتاح المبنى العريق.

 

 السلطان بهاء الدين 

 أحمد بهاء الدين لم تقتصر مقالاته على السياسة والحكومة واليسار والماركسية ومتعلقاتها بل كان قارئا ممتازا فى الأدب بكل فنونه والذي كتب واصفا نفسه: «على الرغم من استمتاعى بالكتابة الفنية فإن السياسة طغت- مع الأسف- على معظم ما أكتب وقد تندهش إذا علمت أننى أتمنى أن أنتهى بأن أكون ناقدا فنيا»، بينما يلخص أديب نوبل العملاق نجيب محفوظ شخصيته الفنية بقوله: رغم أن بهاء ليس ناقدا محترفا إلا أن تعليقاته ومتابعاته فى المجال الفنى والأدبى كانت غاية فى الروعة وكنت أشعر أنه لو أراد أن يكون ناقدا سيكون فى طليعة النقاد فهو صاحب ذوق فنى رفيع وأشهد أنه لو تفرغ للنقد لكان فى طليعة نقاد عصره،(راجعوا مقالات السلطان بهاء الدين ومتعة الكتابة): «فاتن حمامة» ملكة جمال الأطفال وسيدة الشاشة و«عمر الشريف مسيو رجب» بعد فيلم صراع فى الميناء و«مولد ممثلة عظيمة» وقصد فيها زبيدة ثروت، فيلم رصيف نمرة 5 ومن السينما إلى الغناء ومقالات عن محمد عبد الوهاب وأم كلثوم.

 

 من التابعى للطاهرى 

وتتوالى الأجيال والأساطير والإبداع فى قلعة الصحافة من الأساتذة العظام من التابعى إلى  عبد الرحمن فهمى وإحسان عبدالقدوس وأحمد حمروش وأحمد بهاء الدين وعبدالرحمن الشرقاوى ومرسى الشافعى وفتحى غانم وصلاح حافظ وعبدالعزيز الخميسى ومرسى الشافعى ومحمود التهامى ومحمد عبدالمنعم وعبدالله كمال وأسامة سلامة وإبراهيم خليل وهانى عبدالله، وأخيرا أحمد الطاهرى.. راجعوا بخلاف سبق متابعة الانتخابات الرئاسية الأمريكية الأخيرة من قلب واشنطن والقراءة العميقة للمشهد، ندوات الموسيقار عمرو مصطفى أبرز ملحنى الجيل وندوة على الحجار سلطان الغناء وندوة سمير صبرى رائد ومؤسس الإعلام المرئى.. إنها روزاليوسف التي ترفع شعارًا دائمًا على أبوابها أشبه بشعار جمهورية أفلاطون المثالية الفاضلة يقول «من لم يكن مبدعا فلا يدخل علينا».

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز