وصفُ بلاد السودان والقاطنين بها
وردت العديدُ من الروايات في المصادر الكلاسيكية في وصف بلاد السودان، وهي أوصافٌ تبدو متنوعة ما بين الوصف الجغرافي، أو الجيولوجي، من ناحية، وكذلك الوصف الديوغرافي والإثني وكذلك البيولوجي الخاص بسكان تلك البلاد من ناحية أخرى. بأية حال، يصف ابن خلدون شعوب هذه البلاد بقوله: "هذه الأمم السودان من الآدميين، هم أهل إقليم الثاني، وما وراءه إلى آخر الأول، بل وإلى آخر المعمورة، متصلون ما بين المشرق والمغرب.." .
ومن المعلوم أن شعوب السودان هم أصناف وشعوب وقبائل أشهرهم بالمشرق الزنج والحبشة والنوبة.
بينما تُوصَف بلاد السودان كما وردت في رواية الإدريسي خلال القرن 5هـ/11م بأنها بلادُ حرٍ، ووَّهجٍ شديد ، وهذا أمرٌ طبيعيٌ بلاشك، ويتوافق مع البيئة أو الوسط الإيكولوجي التي تقع فيها أكثر بلاد السودان، فهي بلاد تقع في جنوب الصحراء الكبرى التي تتميز بشدة حرارتها، وارتفاعها بشكل لافت، وهذا بلاد ريب كان له أثره على بشرة السكان في هذه البلاد.
وفي كثير من آراضي هذه البلاد لايوجد نبات بها، كما ليس بها حيوان، ولاعمارة بسبب شدة الحر هناك . وعن ذلك الأمر، وبحسب ما ورد في المصادر الأخرى: "أرضُها مُحرقةٌ لتأثير الشمس فيها، والحرارةُ بها شديدةٌ جدا لأن الشمس لاتزال مُسامتة لرؤوسهم.." ، وهو ما يشير إلى أن أشعة الشمس تبدو وكأنها فوق رؤوس السكان في تلك البلاد.
كما تصف بعضُ المصادر التاريخية أهل تلك البلاد بأنهم عراة لايلبسون من شدة الحر . وإن كان في وصف السكان في تلك البلاد جميعا بالعراة ما يُخالف ما ورد في أكثر المصادر التاريخية الكلاسيكية التي تحدثت عن أهل هذه البلاد، ولاسيما بعد دخول الإسلام، وانتشاره بين السكان المحليين في هذه البلاد، ومن ثم هجر أكثر السكان الكثير من العادات والتقاليد التي تخالف الدين والفطرة السوية، ولعل من أبرزها ظاهرة العريِّ، وذلك لأنها تخالف بشكل واضح القيم والثوابت التي يشجع عليها الإسلام، وكذلك الفطرة السليمة.
من ثمة فإنه من الراجح أنه كانت هناك طوائف منهم على ذلك الأمر، أي كانوا يؤثرون البقاء عراة لاسيما الوثنيون وغير المسلمين منهم. أما عن وصف بلاد السودان كما رواية ابن حوقل: "وطول أرضهم ألف فرسخ في نحوها عرضا، غير أنها إلى البحر لا إلى ظهر الواحات أطول من عرضها.." . بينما بحسب بعض المصادر الأخرى فإن طول هذه البلاد حوالي 700 فرسخ . أما عن وصف أمور المُلك والحكم في هذه البلاد هناك، يقول أحد المصادر في وصف أحد ملوك التكرور، وهم من أهم ملوك السودان: "وهذا الملك هو أعظم ملوك السودان المسلمين، وأوسعهم بلادا، وأكثرهم عسكرا، وأشدهم بأسا، وأعظمهم مالا، وأحسنهم حالا، وأقهرهم للأعداء.." .



