ماذا تعرف عن تأسيس الإمارات العربية القديمة في أفريقيا
فيما يخص أصل هذه المملكة أو الإمارة القديمة، وكيف ومتى تأسست، فإنه يمكن القول بأنها لم تؤسس في الأصل على الساحل الأفريقي الشرقي، بل ظهرت في جنوب شبه جزيرة العرب في البداية، ثم انتقلت بمرور الزمن إلى مناطق الساحل الأفريقي. حيث يذهب البعضُ إلى أن اسم تلك المملكة العربية كان "مملكة عزان"، أو عزانيا، ومن المعتقد أن تلك المملكة العربية القديمة كانت قد ظهرت في منطقة ما من جنوب الجزيرة العربية، ومن المؤكد أن ظهور تلك المملكة القديمة أو تأسيسها كان سابقا على بدء الدعوة الإسلامية في بلاد الحجاز، أي في القرن السابع الميلادي .
يرى البعضُ أن تأسيس مملكة عزان (أو عزانيا) ربما يرجع لحوالي القرن السابع الميلادي . ومن الراجح أن تاريخ ظهور أو تأسيس هذه المملكة يرجع لحقبة زمنية أبعد، أي ربما لما قبل حقبة الميلاد، لأن اسمها ورد في المصادر اليونانية القديمة مثل كتاب الطواف حول البحر الإريثري، وغيره. ومن المعتقد أنه انتقل سكان هذه المملكة (أي مملكة أو إمارة عزان) إلى سواحل شرق أفريقيا لأسباب ودوافع عديدة، وعلى هذا نسبت المصادر اليونانية واللاتينية هذا الساحل لهم، ومن ثم صار يطلق عليه تسمية: ساحل عزان أو عزانيا فيما بعد .
يجدر بالذكر أن اسم "أزانيا" Azania، والذي نحن بصدد الحديث عنه حاليا، يُعد من أقدم التسميات التي أطلقها الكتاب والمؤرخون القدامى على ساحل شرق أفريقيا، أو بلاد الزنج، ولقد ورد هذا الاسم في العديد من المصادر اليونانية واللاتينية . وكما قلنا أن البعض يطلق على هذه البلاد تسمية عزانيا، ويقال إن تلك التسمية نسبة لإحدى الممالك العربية القديمة، ويقال كان اسمها عزان أو أزان .
وهي مملكة غامضة بالطبع، ولانعلم عنها ما يمكن أن يجعلنا نفهم العلاقات بين هاتين المملكتين القديمتين، ويقال بحسب بعض الروايات إن تلك المملكة العربية القديمة كانت قد ظهرت في منطقة ما من جنوب شبه جزيرة العرب . تذكر الموسوعة البريطانية Encyclopedia Britanica بدورها في الباب الخاص بشرق أفريقيا East Africaأن بلاد الزنج أطلق عليها الرومان تسمية "أزانيا" Azania ، وهي تسمية سوف يكون لنا معها وقفات أخرى بعدئذ. يشير آخرون إلى أن الزنج هم من أبناء حام بن نوح عليه السلام .
يجدر بالذكر أن اسم بلاد أزانيا ورد بشكل واضح في العديد من المصادر اليونانية واللاتينية القديمة Greek & Latin Sources . وعن بلاد آزانيا (أو عزانيا) Azania Land of يقول أحد الباحثين (وهو البروفيسور فيلكس شامي Felix Chami): "إن بلاد آزانيا بحسب أكثر الدارسين في الوقت الحالي أنها هي التي ورد ذكرها في الكتابات الرومانية للإشارة إلى آراضي بلاد شرق أفريقيا، وهي البلاد التي زارها الرومان وسيطروا عليها خلال القرون الميلادية الأولى" . وعن بلاد آزانيا يقول أحد الباحثين: "وأغلب الظن أن أزانيا وهو الاسم الذي أطلقه الرومان على ساحل أفريقيا الشرقي جنوب رأس حفون (حافون)، لم تكن موحدة اقتصاديا، بل كانت تتكون من سلسلة من المدن التجارية لكل منها زعيم، ويعتمد كل منها على منطقة داخلية ضيقة متاخمة في الحصول على السلع التي تصدرها.." . ولقد كانت السفن والمراكب القادمة إلى هذه البلاد وكانت تعتمد على هبوب الرياح الموسمية، وكان التجار يقومون بالذهاب إلى أسواق كل من تلك المدن الساحلية الواقعة في البلاد المعروفة باسم ساحل آزانيا .
ولعله من الراجح أنه لما جاء المهاجرون العرب والفرس لهذه البلاد ولاسيما بعد حقبة الفتوحات الإسلامية، فإنهم أطلقوا على مناطق الساحل الأفريقي تسمية بلاد الزنج. أما عن تسمية آزانيا، وأصلها، ومن أطلقها في البداية، يقول ريتشارد هول: "أطلق الإغريق على منطقة شرق أفريقيا اسم آزانيا، ثم صارت تعرف باسم أرض الزنج.." . من جانب آخر، كان أقدم من تحدث عن بلاد آزانيا في المصادر اللاتينية هو المؤرخ بليني (الكبير) في القرن الأول الميلادي، وذلك لما تحدث عن هذه البلاد، وربطها مع تجارة التوابل .
ويذكر المؤرخ بليني أن العديد من التوابل كان تحملها السفن والمراكب التجارية في طريقها إلى موانيء البحر الأحمر، وكذلك إلى أسواق البحر المتوسط في العصور القديمة قادمة من بلاد آزانيا . ولعل من أهم المناطق التي نالت شهرة تجارية على ساحل بلاد آزانيا وذلك بحسب رواية كتاب الطواف منطقة اسمها سيرابيون (أو سرابيون)، ويرجح البعض أن تلك المنطقة كانت تقع على بعد أميال قليلة من الشمال من منطقة مركة (مركا)ومنطقة أخرى اسمها نيكون . وكانت تلك المنطقة مرتبطة تجاريا فيما يبدو بجزر اسمها جزر البيرالين، وهي التي وردت في الكتابات القديمة لاسيما اللاتينية، وهي التي عرفت بعد ذلك باسم جزر لامو، أو أرخبيل لامو .



