
سلسلة عباقرة الحضارة الإسلامية
أحمد الجمال يكتب: الحلقة الخامسة: أبو بكر الرازي.. أستاذ الطب ومبتكر الخيوط الجراحية

"يجب علينا قبل كل شيء أن نسير على درب عظماء الماضي، الذين كانوا يتخذون بدورهم من العظماء الذين سبقوهم قدوة لهم، حتى نكون مستعدين لضربات القدر حين تتغير الأحوال، وأن تكون لنا السيادة وقت الشدائد".
نشأته:
أبو بكر محمد بن يحيى بن زكريا الرازي، المعروف بأبو بكر الرازي، هو أحد أعظم العلماء والأطباء والفلاسفة في التاريخ الإسلامي. وُلد الرازي في مدينة الري بإيران عام 865 م (251 هـ)، وترك أثرًا كبيرًا في مجالات الطب والكيمياء والفلسفة.
حياته المبكرة وتعليمه:
بدأ الرازي حياته كعازف للعود وصائغ ذهب، قبل أن يتوجه إلى دراسة العلوم والفلسفة. ارتحل إلى بغداد لدراسة الطب في مستشفى بغداد، الذي كان من أكبر المستشفيات في ذلك الوقت. هناك، درس تحت إشراف الطبيب المسيحي حنين بن إسحاق.
إنجازاته الطبية:
أبو بكر الرازي يُعتبر مؤسسًا لعلم الطب الإسلامي، وله إسهامات عديدة منها:
الطب السريري: كان الرازي من أوائل الأطباء الذين اعتمدوا على الملاحظة السريرية والتجريب في تشخيص الأمراض. وكان يسجل ملاحظاته بدقة ليفهم طبيعة الأمراض وكيفية علاجها.
الجدري والحصبة: كتب الرازي كتابًا بعنوان "الجدري والحصبة"، والذي يُعتبر من أوائل الكتب التي وصفت الفرق بين هذين المرضين وأعراضهما بشكل دقيق.
الحميات: كتب كتاب "الحاوي في الطب"، وهو موسوعة طبية ضخمة جمعت كل ما عُرف عن الطب حتى ذلك الوقت. ظل هذا الكتاب مرجعًا رئيسيًا في الطب لعدة قرون.
إنجازاته في الكيمياء:
الرازي كان أيضًا كيميائيًا بارعًا، وله العديد من الأبحاث والاكتشافات في هذا المجال. ومن أهم إسهاماته:
اكتشاف الكحول: يُنسب إلى الرازي اكتشاف الكحول واستخدامه في الطب كمطهر.
التقطير: طوّر الرازي طرق التقطير والتصفية، مما ساعد في تصنيع العديد من المواد الكيميائية المستخدمة في الطب والصيدلة.
فلسفته:
في الفلسفة، كان الرازي ينتمي إلى المدرسة العقلانية، حيث أكد على أهمية العقل والتجريب في فهم العالم. كتب العديد من الكتب في الفلسفة، منها "الطب الروحاني"، الذي تناول فيه العلاقة بين الجسم والروح.
مؤلفاته:
الحاوي تلاتين مجلدا في الطب كتاب سر الأسرار كتاب المنصورى كتاب الطب الروحان كتاب البرهان مقالتان كتاب ان للعبد خالقا كتاب سمع الكيان كتاب ايساغوجي المدخل الى المنطق كتاب هيئه العالم. كتاب فيمن استعمل تفضيل الهندسة. كتاب فيما جرى بينه وبين سيسن ألماني. مقاله في العلة. كتاب في المتناقضات على جالنيوس.
وفاته: توفي أبو بكر الرازي في الري عام 925 م (313 هـ)، بعد حياة حافلة بالإنجازات العلمية والفلسفية التي أثرت في العالم الإسلامي والعالم بأسره.
إرثه:
ترك الرازي إرثًا علميًا ضخمًا، وظلت أعماله تُدرس في الجامعات الأوروبية حتى عصر النهضة. يُعتبر أحد أعظم العلماء في تاريخ الطب والكيمياء، ولقب بـ"جالينوس العرب" تقديرًا لإسهاماته العظيمة.
ودائماً وأبداً.. سنحيا بالأمل في الله.. سنحيا بالعلم.. سنحيا بالكفاح.. سنحيا بالتسامح.. سنحيا بالابتسامة الجميلة.