الجمعة 19 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

د. إيمان ضاهر تكتب: دموعي هدية من والدتي لإبقاء ذكراها حية

بوابة روز اليوسف

أسمع فوقي في السماء الملائكة تغني لبعضها البعض لا يمكنهم العثور على كلمة حب أعظم من هذه: "الأم". أمي، هل أملك شيئا ليس لك؟ أمي، كلمة أخرى تعني الحب، أمي الحلاوة والحنان ووعد بدفء الحب الأبدي. ما هي الأم؟ هي جوهر الحياة، ودورها أساسي ومهم جدًا داخل أسرتها وخاصة لأبنائها. الأم هي الدليل والأذن المستمعة واليد الممدودة والنظرة الهادئة لأولادها وكذلك لزوجها. الأم هي التوازن في كل بيت. وهي التي تتحمل تقريباً كل المسؤوليات المتعلقة بأطفالها وبيتها.  في الحياة  تقاوم الأم الرفيقة الابدية مرور الزمن بحماس لتترك بصمة من الحب الذي لا يتزعزع لأولادها. وهل هناك أمر يتفوق على الأم الحلوة؟ أن تصبحي أمًا يعني أن يكون لديك الفرصة لرؤية أطفالك يكبرون ومرافقتهم في جميع مراحل حياتهم، من الطفولة إلى المراهقة وطوال حياتهم البالغة.  الأم ليست سوى شخص استثنائي يمكنه أن يحمل روحًا أخرى في رحمها لمدة تسعة أشهر ويجلبها إلى العالم. في كثير من الأحيان تكون الأم هي الشخصية المحورية في حياة الطفل. هذه الكائنة اللطيفة  والحنونة أول اتصال لطفلها بالعالم، مما يسمح  لها بتكوين روابط قوية ومتينة معه. ما هو دور الأم في الأسرة؟ إنها في الواقع امرأة تمتلك، إلى حد ما، قوى سحرية، لأنها قادرة بشكل عام على إدارة كل شيء في الحياة. أي حياتها الاجتماعية، والزوجية، اطفالها وحياتهم وحياتهم المدرسية، وحتى عملها. إن دور الأم هو تربية أبنائها تربية جيدة، وذلك بقضاء وقت ممتع معهم. كما يتعين عليها القيام بمهام عديدة، بما في ذلك مراقبة نظامهم الغذائي، وضمان سلامتهم، ومنحهم إمكانية الوصول إلى العالم أثناء مراقبتهم، وتنمية احترامهم لذاتهم، وحبهم دون قيد أو شرط، وما إلى ذلك. الأمهات القويات يجسدن المرونة والتصميم في  تحديات الحياة بشجاعة ولا يترددن في النضال من أجل رفاهية أطفالهن. إن قوتهم غالبا ما تكون مصدر إلهام لمن حولهم، مما يدل على أنه من الممكن التغلب على الصعوبات بكرامة وعطاء. أليست الأم كالوردة التي لا تذبل أبدًا؟ لا توجد وصفة لكي تصبحي أمًا مثالية، ولكن هناك ألف طريقة وطريقة لكي تصبحي أمًا جيدة.  يمكننا أن نكبر وحتى نصبح كبارًا في السن، ولكن بالنسبة لأمهاتنا فنحن دائمًا أطفال صغار.  أليس حب الام عالمي؟ يتعرف الطفل على أمه من خلال ابتسامتها.  إذا نظر إلى النساء من خلال امه، سيعتقد أنهن  جميعا ملائكة. إن حب الأم الحقيقي هو مساعدة طفلها على الطيران.  مااذا تعتقد الأمهات؟  لقد أعطيتك الحياة، لكنك أعطيت معنى لحياتي.  أليس قلب الأم يتوافق مباشرة مع قلب ابنها، وكأنه لا يمكن فصله عنه بشكل كامل، وكأن الاثنين ينبضان جنبًا إلى جنب؟ نحن نحب أمهاتنا دون أن نعرف ذلك تقريبًا، دون أن نشعر به، لأنه أمر طبيعي مثل الحياة؛ ولا ندرك عمق جذور هذا الحب إلا في لحظة الانفصال النهائي. لا يوجد عاطفة أخرى يمكن مقارنتها بهذا، لأن كل المشاعر الأخرى هي من خلال اللقاء، وهذا هو من خلال الولادة. حب الأم كنز عظيم لا يكتشفه البعض إلا بعد الموت.  أمي رحلت، وفي صمت غيابها كل نبضة من قلبي تهمس باسمها. أمي، فلترتاح روحك بسلام. أليست هذه الكلمات،  على الرغم من أنها تُقال همسًا، تحمل ثقل حبي اللامتناهي ووحدتي بدونك؟ ابتسامتك، صوتك، حنانك، أصبحت الآن كنوزًا بعيدة، لآلئ من الذكريات التي تتألق في ظلام أيامي. حياتي تتردد مع غيابك، كل صورة هي تذكير قاسٍ بأنك لم تعد هنا لتشارك الضحك والدموع، تلك الأشياء الصغيرة من الحياة اليومية. خسارتك هي محيط من الحزن أشعر فيه وكأنني أغرق كل يوم، وأحاول يائسًا التمسك بشظايا منك ومنا. أمي، حبك كان مرساتي، غيابك كان إعصاري. أتمنى أن تجد روحك السلام والراحة المستحقة بعد حياة قدمتها للآخرين، وحياة مليئة بالتضحيات والحب غير المشروط. أتمنى أن تستقبلك دوما الملائكة بنفس اللطف الذي غمرت به حياتي. الآن، أود أن أفعل أي شيء من أجل أن أشعر بحماية ذراعيك مرة أخرى، وأن أسمع ضحكتك، وأن أشارك معك لحظة بسيطة ولكنها ثمينة. أنا متمسكة بالأمل بأنك موجودة في مكان ما تراقبني، وترشديني بنور حكمتك وحبك. اليست ذكراك نجمة في ليل حزني، تتألق ببريق  يخترق حجاب الحزن؟. سابقى، أحبك اليوم، غدًا، وإلى الأبد. ارقدي بسلام يا أمي  الحبيبة. واختم، الأم مصنوعة من البطولة والرحمة ، حاضرة  دائمًا عند أدنى نداء. من بيننا يستطيع أن يقول أين  يبدأ الحب الأمومي وأين ينتهي؟ الأم هي وجود لا يمكن لتآكل الزمن أو فشل الذاكرة أن يغيره. أليست كما يقول شاعر النيل العظيم  حافظ إبراهيم في وصف الأم: الأُمُّ مَـدْرَسَــةٌ إِذَا أَعْـدَدْتَـهَـا أَعْـدَدْتَ شَعْبـاً طَيِّـبَ الأَعْـرَاقِ الأُمُّ رَوْضٌ إِنْ تَـعَهَّـدَهُ الحَـيَــا بِـالـرِّيِّ أَوْرَقَ أَيَّـمَـا إِيْــرَاقِ الأُمُّ أُسْـتَـاذُ الأَسَـاتِـذَةِ الألى شغلت ماثرهم مدى الافاق. القلب اللطيف الذي لا يمكن اكتشافه: آلاف النجوم في السماء، آلاف الطيور في الأشجار،  آلاف الزهور في الحديقة،  آلاف النحل على الزهور،  آلاف الأصداف على الشواطئ،  آلاف الأسماك في البحار،  وأم واحدة فقط.

أستاذة متخصصة في الأدب الفرنسي واللغات والفن الدرامي من جامعات السوربون في باريس.

تم نسخ الرابط