
سلسلة عباقرة الحضارة الإسلامية الحلقة 20 والأخيرة
أحمد الجمال يكتب: العبقري القادم

"التربية بالقدوة أفضل مئات المرات من تربية الخُطب والمهرجانات".
عزيزي القارئ، عزيزتي القارئة، ها وقد وصلنا إلى الحلقة العشرين في هذه الإطلالة الفريدة التي عايشنا من خلالها سيرة أعلام وعلماء أمتنا العربية والإسلامية، ونهلنا سوياً من رياضهم الوارفة الظلال والتي يفوح منها عبير العلم والثقافة.
ومع ختام هذه السلسلة الماتعة حول عباقرة أمتنا العربية والإسلامية أود التنويه على نقطة في غاية الأهمية وهي أن أمتنا العربية والإسلامية هي أمة خيرة ولادة بالعظماء والعباقرة، في كل الحقب والأزمنة.
الأمة الإسلامية أمة قد تمرض لكنها أبداً لا تموت، فدائماً وأبداً ما يُنبت الله من بين ظهرانيها من يأخذ بيدها في طريق العلم والحضارة و التقدم.
والآن سوف أُجيب عن التساؤل الكبير، وهو متى يظهر العبقري القادم لأمتنا، وما هي الآليات والظروف الواجبة لظهور عباقرة في العصر الحالي يعيدون مجدنا التليد؟
في الحقيقة فإن هذا سؤال جد مهم، فالحق أقول لكم إن ظهور العظماء والعباقرة في كل أمة يحتاج إلى ظروف خاصة تصنع هؤلاء العباقرة والعظماء، والأهم من ذلك زراعة الأمل والقدوات الصالحة في نفوس أبناء الجيل الحالي والأجيال التي تليه، فالتربية بالقدوة أفضل مئات المرات من تربية الخُطب الرنانة والمحاضرات.
لقد دأب غزاة التاريخ على محاولة زرع اليأس في نفوس الأمة، والعمل على نسيانها لعظمائها الحقيقيون، واستبدال عظمائنا الحقيقيون بعظماء وهميون، فعلى سبيل المثال، لو أنك سألت طفلاً ماذا تعرف عن العالم أبوبكر الرازي، أو عباس بن فرناس أو البيروني، فإن السواد الأعظم، إلا من رحم ربي لا يعرف هؤلاء العباقرة العظماء، وعلى العكس من ذلك لو سألت أحدهم عن سوبر مان، أو علي بابا والأربعين حرامي أو قصة ألف ليلة وليلة، أو جحا، أجابك قطعاً، مع أن كل هؤلاء أشخاص وهميون وأساطير خيالية لا تمت للحقيقة والواقع بصلة، وليست أبطال عربية وإسلامية، وهذا ما فعله غزاة التاريخ من محاولاتهم المستمرة بهدم القدوات الصالحة لأمتنا وزراعة اليأس في نفوس الأمة.
عزيزي القارئ، وجملة القول، إن العظيم القادم قد يكون الطالب الموجود بالمدرسة، أو الطفل الذي أعطيته الحلوى على فارعة الطريق، أو زميل الدراسة، أو رفيق الصلاة في المسجد، المهم هو زراعة الأمل في نفوس أبنائنا وإحياء قدواتنا الصالحين، والسير على نهجهم، والنيل من رياضهم الزاهرة.