مثلث الوعي

انتهى زخم الموسم الرمضاني الذي شهد تقديم أعمال جادة ومهمة وفي مقدمتها بالطبع مسلسل "لام شمسية"، والذي ناقش قضية التحرش لنرى دراما تناقش قضية مجتمعية غايه في الأهمية مقدمة بطريقة شديدة الاحترافية لنرى شكلا من أشكال الدراما لم نصادفها من فترة طويلة من بناء متكامل الأركان بتحديد الهدف وتقديم المشكلة بجميع جوانبها وتقديم الحل والأهم ما تم من التعاون مع متخصصين أثناء الإعداد وهذا هو المطلوب في الفترة القادمة هذا العمل الدرامي يدرس.

تواجد سارة عزيز مديرة ومؤسسة Safe Egypt    في للوكيشن لتتأكد من سلامة الطفل "علي" النفسية الذي يقدم دور "يوسف" الذي تعرض للتحرش أثناء التصوير.

وتدريب فريق العمل على التعامل مع الأطفال في موقع التصوير يعكس قدرة مهنية عالية ووعيا بكيفية تقدم قضية بتلك الحساسية للمجتمع وكيفية التعامل داخل وخارج التصوير.

ومن "لام شمسية" إلى مسلسل "حسبة عمري" الذي نقاش قضية حق الزوجة في الكد والسعاية والجميل أنه قدم عملا جادا في قالب كوميدي على الرغم من تقديم معاناه "السيدة" التي يغدر بها الزوج وأبدعت الفنانة روجينا في تقديم الدور بشكل كوميدي لم نرها فيه من قبل وعكست حالة الضياع لسيدات كبيرات في السن وما حدث لهن بعد الطلاق والجيد أنه تم تقديم معاناة المرأة بشكل سلس، والمقصود بحق الكد والسعاية هي حصول الزوجة على نصف ثروة الزوج عقب تطليقها.

وكان فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر دعا من خلال برنامجه الرمضاني «الإمام الطيب» عام 2022 إلى ضرورة حفظ حق «الكد والسعاية» للزوجة في ثروة زوجها، كما أوضح مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية معنى الكد والسعاية على النحو الآتي 

حق المرأة في «الكد والسعاية» فتوى تراثية، يرجع أصلها الفقهي إلى أدلة الشريعة الإسلامية الواردة في حفظ الحقوق، والمقررة لاستقلالية ذمة المرأة المالية، والتي منها قول الحق سبحانه: {لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُوا ۖ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ} [النساء: 32]، إضافة إلى قضاء الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه بحق زوجة في مال زوجها الذي نمَياه معًا قبل تقسيم تركته، ثم قضى بمثله كثير من القضاة والفقهاء عبر العصور؛ سيما فقهاء المذهب المالكي.

وإلى جانب الأعمال الجادة نرى عملا مميزا قدمته الفنانة دنيا سمير غانم وهو "عايشة الدور" وانتهى بسكشن فني رائع يوضح أن دنيا تستطيع أن تقدم فوازير على غرار "نيللي وشريهان" ونتمنى أن نراها العام القادم تقدم فوازير، المسلسل تطرق إلى مشاكل الشباب ممن يطلق عليهم GEN Z إلى جانب مناقشة تحمل الأم المنفصلة مسؤولية الأطفال منفردة في ظل وجود أب غير مسؤول ولم ينضج بعد وحلم الأم بتحقيق أحلام سابقة لم تتمكن من تحقيقها مع مسؤوليتها.

تقديم تلك الأعمال بمختلف نواحيها بذلك الشكل لم يقتصر على جذب الجمهور في الموسم الرمضاني وسط رخم فني شديد إلا أنه قدم وناقش وحلل قضايا في منتهى الخطورة ولم يكتف بتقديم المشكلة ومناقشة الأبعاد الاجتماعية والنفسية، بل قدم الحلول الجادة ومن هنا نؤكد أن للفن دورا مهما جدا ليس في تسليط الضوء فقط إنما إمكانية أن يساهم في طرح قضايا بشكل جيد إلى تغيير في القوانين بالإضافة إلى تنبيه الجمهور للحلول.

في النهاية كل التقدير لكل من قدم عملا فنيا مهنيا واستطاع أن يقدم فنا ممتعا وهادفا وكل التقدير لكل مبدع نأى بنفسه عن الابتذال أو تقديم عمل لا يرقى ولا يليق لمجرد التواجد فقط.  

العمل الفني عبارة عن تقديم متعة للجمهور ويسبح فيه في بحور الخيال إلى جانب مناقشة القضايا المهمة كما أنه انعكاس لثقافة المجتمع إلى جانب كونه نوعا من التوثيق المرحلي لكل حقبة تاريخية، الأعمال السينمائية والتلفزيونية والمسرحية إلى جانب الأعمال الفنية التشكيلية والثقافة بتنوع أشكالها من كتب وشعر وما يقدمه الإعلام إلى جانب التعليم من أهم المؤثرات في تشكيل الوعي والثقافة للنشء، لذلك نوهنا أكثر من مرة إلى أهمية المثلث بأضلاعه الثلاثة، "فن وإعلام وتعليم"، وما يقدم من محتوى للجمهور.