
فن الدبلوماسية.. إتيكيت اختيار العطور وإهدائها «1»
إنَّ الهديَّة هي بريد السَّعادة ووسيلة لتأليف القُلوب وشرح الصُّدور، حيثُ تتلاءم مع المركز الَّذي يشغلُه الشَّخص فتظهر كُلّ الاحترام والتَّقدير أو قَدْ يحدُث العكس.. إنَّ تقديم الهديَّة من الأمور الَّتي يستطيع بها الشَّخص أن يظهرَ اهتمامه وتقديره للشَّخص المُهدَى له، ولكن لا بُدَّ أن يتمَّ اختيار الهديَّة بعنايةٍ وفق المناسبة ونَوع المُهدَى له؛ سواء كان ذكرًا أو أنثى. فالهدايا مهما كان نَوعها يَجِبُ أن تلائمَ ذَوق وعُمر المُهدَى له؛ وقد شاعَ في وقتنا الحاضر تقديم العطور كجزءٍ من إتيكيت الهدايا، لذلك بدأتِ المدارس الدبلوماسيَّة المُتخصِّصة بمحاور تقديم إتيكيت العطور، فوضعتِ الخطوط الحمراء لذلك، فلا يجوز إطلاقًا إهداء العطور لأشخاص لا نعرف ذَوقهم أو حالتهم الصحيَّة، كمَرضِ الرَّبو أو ضِيق التَّنفُّس أو أمراض جلديَّة.. وغيرها.
اتَّفقتِ الأكاديميَّات الدبلوماسيَّة المُتخصِّصة بمفاهيم البروتوكول والإتيكيت على أنَّ اختيار وتقديم الهدايا (مختلف أنواعها ومِنْها العطور) هدفه تقارب وديمومة التَّواصُل بَيْنَ الطَّرفَيْنِ، سواء على المستوى الرَّسمي أو المستوى الاجتماعي. ويقول علماء النَّفْس الاجتماعي في كِتاباتهم: (إنَّ هدايا النَّاس البسطاء والفقراء والمقدَّمة من قِبلهم للطَّرف الآخر هي أثْمَنُ بكثير من تبادُل الهدايا بَيْنَ الأغنياء والمُترَفين لِمَا فيها من معانٍ خالصة ونقيَّة بعيدًا عن المصلحة الشَّخصيَّة والتَّباهي بها).
والخطأ الشَّائع لدَى الكثير من عامَّة النَّاس أو حتَّى المسؤولين هو تقديم العطور كتكريم (الموظَّفِين المُجيدِين أو المُبدعِين) وهذا تَعدُّه المدارس المُتخصِّصة بمفاهيم الإتيكيت الحكومي من الأخطاء الَّتي لا تُغتفر.. لذلك ـ وكما وضَّحنا في أعلاه ـ فإنَّه عِندَ شراء العطور عَلَيْنا اعتماد العلامات (الماركات) المعتمدة والرَّصينة، وليس الرَّخيصة والَّتي هي من مُكوِّنات الكحول والَّتي تضرُّ بالصحَّة العامَّة والجِلد بصورة خاصَّة. لذلك إذا تكلَّمنا بمقال اليوم عن العطور وهي الهدايا المتعارف عَلَيْها بوقتنا الحاضر، فإنَّ (العطر Parfum) ينتشر ويؤثِّر بسرعة في الوسط، ويُعَدُّ من أهمِّ مُقوِّمات نجاح وشخصيَّة الإنسان، سواء للرَّجُل أو المرأة.
بدأتِ المدارس الغربيَّة المُتخصِّصة في مجال العطور تضع مفاهيم جديدة، مِنْها كيفيَّة اختيار العطور حسب مواسم السَّنة المختلفة، لذلك يختار النَّاس الرَّوائح الخفيفة في الصَّيف والرَّوائح الثَّقيلة والقويَّة في الشِّتاء مِثل: العنبر والمِسك والحمضيَّات والفانيليا، حيثُ يعتقد صانعو العطور أنَّ كيمياء الجسم الفريدة للشَّخص تؤثِّر على الطَّريقة الَّتي يتفاعل بها العطر مع الجِلد.
ويظنُّ الكثيرون أنَّ الفَرق بَيْنَ (الكولونيا) و(العطور) و(تواليت) والرَّوائح الأخرى هو شكل الزُّجاجة من الخارج. يُمكِننا القول إنَّ جميع العطور تتشابه بالفعل، ولكن يتمُّ إعطاؤها أسماء حسب تركيز الزَّيت الخاصِّ بالعطر مع الكحول والماء. وأضعُ أمام القارئ الكريم بعض هذه المصطلحات للفائدة العامَّة: (Real Men Real Style) يعني هذا المصطلح: أنَّ هذا العطر يصلح للجنسَيْنِ، وأيضًا يُشير إلى أنَّ هذا العطر من النَّوع المُخفَّف في الكحول والماء ويحتوي على كميَّة مُعيَّنة من زيت العطر. (Eau Fraiche) يعني أنَّ هذا النَّوع من العطر مُخفَّف جدًّا، وأنَّ تركيز زيت العطر فيه لا يتعدَّى (1%) إلى (3%) فقط، بالإضافة إلى أنَّ رائحته تستمرُّ أقلَّ من ساعة فقط. (Eaude Cologne) الكولونيا) وهي تُعَدُّ من أقدَم العطور الذكوريَّة الشَّهيرة، وتمتاز الكولونيا بأنَّها خفيفة وطازجة مِثل: الفاكهة تتكوَّن عادةً من نسبة تركيز ما بَيْنَ (2?) إلى (4?) زيوت عطريَّة في الكحول والماء يستخدمها الشَّباب الأصغر سنًّا عادةً، ولا يستمر عطرها أكثر من ساعتيْنِ فقط. (Eau de Toilette تواليت) هي تركيبة مميّزة من العطر النَّقي، ويبلغ تركيز زيت العطر فيها ما بَيْنَ (5%) إلى (15%) مذاب في الكحول، وتستمرُّ رائحة العطر فيها حوالي ثلاث ساعات. (Eau de Parfum) يُستخدم هذا المصطلح في وصف العطور من الجنسَيْنِ على حدٍّ سواء (الرَّجُل والمرأة)، ولكنَّ كُلًّا مِنْهما حسب العطور المختلفة. يحتوي البرفيوم على نسبة تركيز لزيتِ العطر تتراوح ما بَيْنَ (15%) إلى (20%)، وتدوم رائحة العطر لِمدَّة ثماني ساعات. (fumum) يدلُّ هذا المصطلح على أنَّ هذا النَّوع من أكثر العطور تركيزًا وارتفاعًا في الثَّمَن أيضًا، حيثُ يمتاز العطر بنفاذيَّته الشَّديدة ورائحته القويَّة الجذَّابة. تصل نسبة تركيز زيت العطر النَّقي به ما بَيْنَ (20%) إلى (30%)، وتستمرُّ رائحة هذا العطر ليومٍ كامل أي (24) ساعةً كاملة. وفي الختام، سوف نتطرق بالمقال القادم على أنواع وفئات العطور والأنسب في استخدامها أو إهدائها ومِنْها: (EDP/ EDT/ EDC/EF/Parfum) كُلُّ هذه الفئات أو الأسماء هي مؤشِّر على مستوى تركيز العطر الموجود على الزُّجاجة..
(المصدر: قناة العربيَّة والأكاديميَّة الملكيَّة البريطانيَّة)
دبلوماسي سابق والرئيس التنفيذي للأكاديمية الدولية للدبلوماسية والإتيكيت