
في مؤتمر دولي بجامعة الأزهر عن التغريب
رئيس الجامعة الإسلامية بأمريكا اللاتينية يثمن موقف مصر الثابت تجاه القضية الفلسطينية

صبحي مجاهد
أعرب د. عبد الحميد متولي رئيس الجامعة الإسلامية بأمريكا اللاتينية – البرازيل، خلال المؤتمر العلمي لكلية الدراسات الإسلامية والعربية بنين بجامعة الأزهر عن التقدير والإعزاز والعرفان لجمهورية مصر العربية رئيسًا وحكومةً وشعبًا لموقفها الثابت تجاه القضية الفلسطينية، وضرورة إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف، وموقفها الصارم من عدم التهجير، فتحية لها ولجيشها الباسل، وسلام على مصر في العالمين.
وفي مداخلته بعنوان : "أثر التغريب في العلوم الإسلامية والعربية: محاولة للفهم والتصحيح" خلال المؤتمر الذي انطلقت فعالياته اليوم حول التغريب للعلوم الإسلامية والعربية، أكد دكتور متولي أن التغريب – بما يحمله من محاولات لتفكيك الهوية، وتهميش التراث، وإعادة تشكيل العقل المسلم وفق مرجعيات أجنبية – أحد أبرز التحديات التي واجهت العلوم الإسلامية والعربية في العصر الحديث. تغريب لم يكن مجرد استيراد لوسائل أو أدوات، بل تغلغل في مناهج التفكير، وفي اللغة، بل وفي فهم النصوص الشرعية ذاتها.
ولفت إلى أنه في هذا السياق، يمكن رصد أبرز مظاهر التغريب في ثلاثة مستويات، الأول: تغريب المناهج، حيث تم استبدال المنهج النقلي والعقلي الإسلامي بمنهج غربي صرف، يعتمد على الشك المفرط والنزعة التفكيكية، كما نبه إلى ذلك الدكتور عبدالوهاب المسيري في موسوعته الفكرية.
المستوى الثاني: التغريب هو تهميش اللغة العربية، فاللغة التي هي وعاء القرآن والسنة، صارت عند البعض عقبة أمام الحداثة، فتم الاستعاضة عنها بلغات أجنبية، حتى في مؤسساتنا العلمية، مما أضعف الصلة بالموروث، وقطَع الامتداد الفكري.
وأوضح أن المستوى الثالث في عملية التغريب هو تشويه صورة العلماء والموروث العلمي، وذلك بتصويرهم على أنهم رموز التخلف والانغلاق، واتهام التراث الإسلامي كله بعدم القدرة على مواكبة العصر، وهي نظرة استشراقية نُقلت إلينا من الغرب دون تمحيص.
وتساءل رئيس الجامعة الإسلامية بأمريكا اللاتينية: كيف نواجه التغريب دون الوقوع في الانغلاق؟ وأوضح قائلًا: إن ذلك يحتاج عدة حلول، أولها العودة إلى المنهج الأزهري الوسطي الذي يجمع بين النقل والعقل، وبين الأصالة والمعاصرة، والأمر الثاني إعادة الاعتبار للغة العربية بوصفها لغة الهوية والفكر، لا مجرد أداة تواصل، بالإضافة إلى تجديد العلوم الإسلامية من الداخل، وفق رؤية نقدية أصيلة، كما دعا إلى ذلك الإمام محمد عبده، والدكتور طه عبد الرحمن، وغيرهم.
واستطرد قائلًا: أود هنا أن أؤكد أن الجامعة الإسلامية بأمريكا اللاتينية تسير على هذا النهج، إذ نُدرّس العلوم الشرعية باللغة العربية، مع الحرص على تكوين عقلية نقدية متوازنة لدى طلابنا، من أبناء الجاليات المسلمة في المهجر، الذين هم أحوج ما يكونون إلى فهم دينهم فهمًا صحيحًا، يعصمهم من الانبهار المُفرِط بالغرب، دون أن يحرمهم من أدوات العصر.
واختتم د. متولي قائلًا: أتوجه بجزيل الشكر والامتنان لسعادة الأستاذ الدكتور رمضان حسان – عميد كلية الدراسات الإسلامية والعربية – على كريم الدعوة، وحسن التنظيم، وحفاوة الاستقبال. كما أحيي كل الجهود العلمية المباركة التي تبذلها الكلية في خدمة اللغة العربية والعلوم الإسلامية، داعيًا الله أن يجعل هذا المؤتمر خطوة على طريق تجديد الأمة ونهضتها.