عاجل
السبت 3 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي

موقع بلغاري: التدريب الجوي المصري الصيني يؤكد استقلال القاهرة

طائرات حربية
طائرات حربية

نشر موقع "بلجريان ميلتري" البلغاري، المعنى بالأخبار العسكرية العالمية، تقريرا عن أداء طائرات J-10C الصينية أثناء المناورات الجوية الأولى بين مصر والصين "نسور الحضارة".



 

وذكر الموقع، اليوم الأحد، أن القوات الجوية لجيش التحرير الشعبي الصيني نشرت خلال المناورات غير المسبوقة مع الجيش المصري مفرزة، بما في ذلك ما لا يقل عن خمس طائرات نقل من طراز شيان واي-20، والتي سلمت المقاتلات المتقدمة إلى القاهرة.

أوضح الموقع أن هذا الحدث، الذي أعلنت عنه وزارة الدفاع الوطني الصينية في 16 أبريل، أثار اهتماما كبيرا بسبب الشائعات المستمرة بأن مصر قد تتطلع إلى طائرة J-10C كإضافة محتملة لقواتها الجوية، وهي الخطوة التي قد تعيد تشكيل المشهد الجيوسياسي في الشرق الأوسط.

وفقًا لما نقله الموقع عن المسؤولين الصينيين، فإنه على الرغم من أن هدف المناورات هو تعزيز "التعاون البراجماتي" و"تعزيز الثقة المتبادلة والصداقة"، إلا أن آثارها تمتد إلى ما هو أبعد من مجرد تدريب عسكري روتيني، مما يشير إلى طموحات الصين المتنامية في منطقة تشكلت منذ فترة طويلة بفعل النفوذ الغربي والروسي.

أكد الموقع، الناطق بالإنجليزية، إثارة وجود طائرات حربية صينية في مصر، وهى الحليف الرئيسي للولايات المتحدة وركيزة أساسية لاستقرار الشرق الأوسط، استغرابًا في واشنطن وخارجها، لافتا إلى أن طائرة J-10C، وهي مقاتلة متعددة المهام من الجيل الرابع والنصف، تعتبر أحدث ما توصلت إليه القدرات الجوية الفضائية الصينية، ويؤكد نشرها في مصر عزم بكين على عرض تقنياتها العسكرية للمشترين المحتملين.

نوه الموقع إلى بدء هذه المناورات بعد أشهر من التكهنات حول اهتمام مصر بالطائرات الصينية، والتي غذتها تقارير تفيد بأن القاهرة ربما طلبت مقاتلات من طراز J-10C في أول أغسطس 2024.

 

 

ورغم نفي وزارة الدفاع الصينية مزاعم التسليم في مارس الماضي، ووصفها مثل هذه التقارير بأنها "أخبار كاذبة تماما"، فإن رؤية طائرات J-10C تعمل داخل الأراضي المصرية تعطي مصداقية لفكرة أن القاهرة تقيم هذه الطائرات بشكل جدي كجزء من استراتيجيتها الأوسع لتحديث قواتها الجوية والحد من الاعتماد على الموردين الغربيين، بحسب الموقع.

  • إمكانيات التنين القوي

وأكد الموقع أنه لفهم هذا التطور، فلابد من دراسة طائرة J-10C نفسها، موضحا أن شركة تشنغدو لصناعة الطائرات طورتها لتصبح مقاتلة أحادية المحرك، بجناحين على شكل دلتا، بتصميم كانارد، مصممة لرشاقة الحركة وتعدد الاستخدامات وتعرف أيضا باسم "التنين القوي".

دخلت الطائرة الخدمة مع القوات الجوية الصينية في عام 2017، وهي تتميز برادار مصفوف المسح الإلكتروني النشط [AESA]، والذي يسمح لها بتتبع أهداف متعددة في وقت واحد بدقة أكبر من الرادارات القديمة الممسوحة ضوئيًا ميكانيكيًا.

تعمل الطائرة بمحرك توربوفان صيني الصنع من طراز WS-10B، يوفر سرعة قصوى تبلغ 1.8 ماخ، ويبلغ نصف قطرها القتالي حوالي 550 كيلومترًا. ويشمل تسليحها صاروخ جو-جو بعيد المدى من طراز PL-15، القادر على إصابة أهداف تصل إلى 300 كيلومتر في نسخته المحلية، مع أن نسخة التصدير، PL-15E، محدودة المدى بحوالي 145 كيلومترًا.

وتستطيع الطائرة J-10C أيضًا حمل صواريخ PL-10 قصيرة المدى، وقنابل موجهة بالليزر، وصواريخ مضادة للسفن، مما يجعلها منصة متعددة الأدوار حقيقية ومناسبة للتفوق الجوي، والهجوم الأرضي، ومهام الضربات البحرية.

  • تنوع سلاح الجو المصري

بين الموقع أنه بالمقارنة مع طائرة إف-16 الأمريكية، التي تُعدّ ركيزة أساسية في سلاح الجو المصري، تُقدّم طائرة J-10C قدرات مماثلة بتكلفة أقل، تُقدّر بما بين 40 و50 مليون دولار أمريكي للوحدة، مقابل 60-70 مليون دولار أمريكي لطرازات إف-16 الأحدث، فضلا عن أن الطائرة الصينية متاحة بشروط سياسية أقل، وهو عامل حاسم بالنسبة لمصر لتجنب قيود الأسلحة الأمريكية.

أشار الموقع إلى اعتماد سلاح الجو المصري، أحد أكبر الجيوش في الشرق الأوسط، على أسطول متنوع من طائرات متعددة الموردين، إذ تُشكل طائراته الـ 218 من طراز إف-16، التي حصل عليها في ثمانينيات القرن الماضي، العمود الفقري لقدراته القتالية، إلى جانب 24 طائرة رافال فرنسية و46 طائرة ميج-29 إم روسية.

أشاد الموقع بهذا التنوع الذي تتبناه حسابات القاهرة الاستراتيجية: فمن خلال الحصول على طائرات من الولايات المتحدة وفرنسا وروسيا، وربما الصين الآن، تُخفف مصر من خطر الاعتماد المفرط على أي مورد واحد، لا سيما في ضوء القيود الأمريكية السابقة، مثل ما حدث بعدما أطاح الشعب بالرئيس السابق محمد مرسي عام ٢٠١٣، عندما علّقت الولايات المتحدة المساعدات العسكرية لمصر، مما أدى إلى تأخير تحديثات جوهرية لأسطولها من طائرات إف-١٦.

كما أبرز الموقع الحدّ من قدرات طائرات F-16 القتالية خارج مدى الرؤية بسبب رفض واشنطن تزويد مصر بصواريخ AIM-120 AMRAAM المتطورة، متذرعةً بمخاوفها بشأن الحفاظ على التفوق العسكري النوعي لإسرائيل.

وبالمثل، أفادت تقارير بأن القوى الغربية عرقلت جهود تزويد طائرات رافال المصرية بصاروخ ميتيور، الذي يتجاوز مداه 100 كيلومتر.

ورأى الموقع أن هذه القيود دفعت مصر إلى البحث عن بدائل، حيث برزت الصين كشريك جذاب بسبب استعدادها لتوفير أنظمة متقدمة دون الشروط السياسية التي يفرضها الموردون الغربيون في كثير من الأحيان.

  • ميزات "نسور الحضارة"

اعتبر الموقع أن التدريبات المشتركة "نسور الحضارة 2025" منصةً بارزةً للصين لعرض قدرات طائرة J-10C للطيارين وصناع القرار المصريين، مضيفا أنه رغم عدم تحديد النطاق الكامل للمناورات أو الطائرات المُشاركة فيها، تُشير تقارير غير مُوثّقة إلى أن الوحدة الصينية قد تشمل أيضًا طائرات KJ-500 للإنذار المُبكر والتحكم الجوي، مما يُعزّز من تعقيد المناورة.

من وجهة الموقع، يُتيح التدريب لمصر فرصةً لتقييم أداء طائرة J-10C في سيناريوهات واقعية، بدءًا من القتال الجوي ووصولًا إلى العمليات المشتركة مع أسطولها الحالي.

 وكما صرّح المعلق العسكري الصيني وانغ يونفي لصحيفة جلوبال تايمز، فإن التدريب قد "يمهد الطريق لتعاون محتمل في مجال المعدات مستقبلًا"، مُلمّحًا إلى آمال بكين في توسيع نطاق علاقاتها العسكرية مع القاهرة.

سلط الموقع الضوء أيضا على غياب التأكيد الرسمي من القاهرة أو بكين على صفقة شراء الطائرات، موضحا العرض البارز لطائرة J-10C في معرض مصر الدولي للطيران في سبتمبر 2024، والتدريبات المشتركة الجارية، يُشيران إلى نية جادة.

شدد الموقع على أن تبني مصر للمقاتلات الصينية سيكون له وزن رمزي كبير، نظرًا لموقعها الاستراتيجي وتحالفها التاريخي مع الغرب، على عكس باكستان التي اقتنت 36 طائرة من طراز J-10CE في عام 2022 لتثبت موثوقية الطائرة وإمكانية تصديرها.

  • توجه مصر نحو الجنوب العالمي

وإلى جانب الجوانب الفنية والتشغيلية، فإن التدريبات وصفقة J-10C المحتملة لها آثار جيوسياسية عميقة. فالعلاقات المتنامية بين مصر والصين، والتي تعززت بانضمامها إلى مجموعة البريكس عام 2024 إلى جانب الصين وروسيا والهند، تعكس توجهًا أوسع نحو الجنوب العالمي، بحسب الموقع.

وانتقل الموقع كذلك إلى مبادرة الحزام والطريق الصينية، التي تتضمن استثمارات كبيرة في البنية التحتية المصرية، والتي هذه الشراكة.

 وبالنسبة لبكين، فإنّ ضمان مصر كعميل عسكري لن يُعزز سوق صادراتها من الأسلحة فحسب، بل سيُرسّخ أيضًا موطئ قدم لها في الشرق الأوسط، وهي منطقة حيوية للتجارة العالمية وتدفقات الطاقة.

لفت الموقع النظر إلى احتمالية وصول مقاتلات صينية إلى أيدي مصر إثارة اعتبارات معقدة لدى إسرائيل التي تمتلك طائرات الشبحية من طراز F-35I وقدراتها المتطورة في الحرب الإلكترونية، وتحافظ على تفوق نوعي على الأسطول المصري الحالي.

ومع ذلك، فإن صواريخ PL-15 التي تحملها طائرة J-10C، بمداها الموسع، يمكن أن تتحدى المنصات غير الشبحية مثل طائرات F-16 الإسرائيلية في المواجهات خارج مدى الرؤية، وفقًا لموقع NextBigFuture.com.

  • السعودية والإمارات

يعتقد الموقع أنه قد تُعيد السعودية والإمارات، اللتان تُوازِنان علاقاتهما مع الصين والولايات المتحدة، تقييم استراتيجياتهما في المشتريات إذا نجحت مصر في دمج الطائرات الصينية.

بالإضافة إلى ذلك، تُسلِّط هذه المناورة الضوء على استراتيجية الصين المتطورة المتمثلة في استخدام "القوة العسكرية الناعمة" لبناء النفوذ. فعلى عكس الولايات المتحدة، التي غالبًا ما تربط مبيعات الأسلحة بحقوق الإنسان أو الإصلاحات السياسية، أو روسيا المُقيَّدة بالعقوبات وحربها المستمرة في أوكرانيا، تُقدِّم الصين أنظمة متطورة وبأسعار معقولة وبشروط بسيطة.

  • استقلال مصر

اختتم الموقع تقريره بأن أهمية مناورات "نسور الحضارة 2025" لا تكمن في المناورات التي تُجرى أو الطائرات المعروضة، بل في الرسالة التي تُرسلها حول ديناميكيات القوة المتغيرة في الشرق الأوسط.

بالنسبة لمصر، تُمثل هذه المناورات خطوة جريئة نحو تأكيد استقلالها وتحديث سلاحها الجوي في ظل تقلبات إقليمية، من التوترات في غزة إلى التهديدات في ليبيا والبحر الأحمر. أما بالنسبة للصين، فهي خطوة محسوبة لإبراز قوتها العسكرية وجذب أسواق جديدة، متحديةً بذلك هيمنة موردي الأسلحة الغربيين. تُجسد طائرة J-10C، بتصميمها الأنيق وقدراتها المتقدمة، هذا الطموح، مانحةً مصر لمحةً عن مستقبل أقل ارتهانًا لفلك واشنطن.

وأخيرا تسآل الموقع ما إذا كانت القاهرة ستشتري طائرة J-10C في نهاية المطاف، وهو سؤال سيعتمد على الاعتبارات السياسية والمالية والعملياتية في الأشهر المقبلة، لكن ما هو واضح الآن هو تمثيل مشهد المقاتلات الصينية وهي تُحلق في سماء مصر لحظة محورية في المشهد الاستراتيجي المتطور للمنطقة.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز