
الدراما تتغير.. تحولات جريئة من الحكايات التقليدية إلى نبض الحاضر

سلمي السلنتي
لم تعد الشاشة الصغيرة تكتفي برواية قصص الحب المثالية أو الصراعات النمطية بين الخير والشر، بل تحولت في السنوات الأخيرة إلى مرآة تعكس هموم المجتمع وتعقيداته، وأبرزت بعض التأثيرات الإيجابية في التليفزيونات التي خففت من القيود الرقابية وسمحت بتوسيع هامش الأفكار بعيدا عن العنف والعري المبالغ فيه.
فظهرت أعمال درامية تقتحم مناطق كانت يومًا ما من المحظورات، لتكشف الستار عن قضايا نفسية واجتماعية شائكة، من الاكتئاب والاضطرابات النفسية والتحرش والعلاقات الأسرية المعقدة.
وتغيرت نبرة الحكي، وبدأت المسلسلات تنبض بالحياة اليومية، وتطرح تساؤلات حقيقية تُحاكي جيلًا جديدًا من المشاهدين الباحثين عن العمق والواقعية، بالإضافة إلي طريقة سرد المصطلحات اليومية المعاصرة التي يستخدمها الأجيال الحالية في سيناريوهات الأعمال.
ولم تقتصر الأعمال الدرامية علي كبار الفنانين الذين قدموا الكثير من المسلسلات حتي تنال إعجاب الجمهور، بل استطاعت الدراما أن تقدم وجوه شابة وجديدة بل والاستعانة بأطفال لديهم الموهبة وتم إعدادهم بطريقة جيدة لطرح عدد كبير من الموضوعات الشائكة، بعيدًا عن فلسفة النجم الواحد، وذلك مثل الطفل علي البيلي الذي قدم مسلسل "لام شمسية" بجانب الفنانة أمينة خليل والفنان أحمد صلاح السعدني، الذي تناول قضية شائكة مثل التحرش بالأطفال، وتناول المسلسل تلك القضية بطريقة لم تنال إعجاب الجميع فقط بل ساهمت في توعية الكثير من العائلات.
كما قدمت الدراما في السنوات الأخيرة الفنان الشاب طه دسوقي في مسلسل حالة خاصة الذي سلط الضوء علي معاناة بعض الأشخاص الذين يمتلكون قدرات خاصة مع المحيطين وخاصًة في مجال عمله مثل "التوحد"، وشارك الفنان طه دسوقي بجانب الفنان الشاب أحمد مالك في مسلسل ولاد الشمس الذي طرح علي الشاشة مسائل عديدة ومختلفة تخص أطفال الملاجئ ودور الرعاية، في مراحل حياتهم المختلفة، ومن بينها الأسر التي تعيد أبنائها بالتبني إلى دور الرعاية مرة أخرى بعد أن يرزقوا بطفل بيولوجي من أصلابهم، ولذلك قررت وزارة التضامن الاجتماعي، ممثلة في اللجنة العليا للأسر البديلة الكافلة، فرض غرامة مالية قدرها 20 ألف جنيه على كل أسرة تقرر إعادة الطفل المكفول إلى دار الرعاية بعد تبنيه.
ومن ضمن الأعمال الدرامية التي تناولت موضوعات مهمه، مسلسل "أعلي نسبة مشاهدة" الذي سلط الضوء على مدي تأثير التكنولوجيا، علي الشباب من خلال مواقع التواصل الاجتماعي والتيك توك، ومسلسل "إقامة جبرية" الذي تناول مرض "اضطراب الشخصية الحدية"، وهو اضطراب نفسي يتميز بنمط متكرر من عدم الاستقرار في العلاقات، والصورة الذاتية، والعواطف، بالإضافة إلى السلوكيات الاندفاعية.
إشادة النقاد بتغيير الدراما
وتحدث الكاتب والناقد الفني طارق الشناوي عن رأيه في التحولات الدرامية في السنوات الأخيرة، وذلك في تصريح خاص لبوابة روزاليوسف، وقال: "أنا رأي الشخصي أن الدراما لن تتقدم والفن عموما لن يتقدم إلي الأمام إلا إذا سقف المتاح لمناقشة القضايا أرتفع".
وتابع الشناوي: "مسلسل لام شمسية بالفعل أكد أن الدراما ممكن تناقش قضايا مهمه وحساسة جدا مثل التحرش بالأطفال بإبداع بدون خدش حياء الجمهور، بالإضافة إلي أن المشاهدة يجب أن تكون تحت أشراف عائلي لأن الطفل من المحتمل عدم استيعابه إلا بتوعية الأهل".
كما أعربت الناقدة الفنية ماجدة خير الله، في تصريح خاص لبوابة "روزاليوسف"، عن سعادتها بتطور الدراما مؤخرًا، وقالت: " تناول الموضوعات الاجتماعية والنفسية لها ضرورة في الدراما لأنها بتدخل كل البيوت، ويجب ان تلفت نظرهم لأشياء مبيتكلموش عنها، بعيدا عن الحكايات التقليدية التي تتناول علاقات الحب والخيانات الزوجية والصراع بين الخير والشر والبلطجه اللي كانت موجودة في المسلسلات في السنوات الأخيرة".
ووصفت ماجدة بأن بعض المسلسلات في رمضان 2024 و2025، بالطفرة في أنماط الموضوعات والسيناريوهات، مثل مسلسل صلة رحم، ولام شمسية، وولاد الشمس، وظلم المصطبة، كما اشارت ببعض المسلسلات التي لم تتناول قضايا اجتماعية ونفسية لكنها نالت اعجاب مثل مسلسل قهوة المحطة، وأخواتي، وأشغال شقة.
وقالت الناقدة الفنية حنان شومان لبوابة روزاليوسف: "منطقي جدا وطبيعي ان الدراما في السنوات الأخيرة تقدم موضوعات مختلفة وغير تقليدية، لأن الجيل الجديد من الكتاب والمخرجين والفنانين بيروا موضوعات عديدة من كافة المنصات حول العالم بكل اللغات، بالإضافة أن المجتمع ملئ بالمشكلات لذلك يجب تناولها وطرحها في الدراما، ولأن بعض الجمهور تقليدي إلا أننا دولة شابة أصبح تناول موضوعات مختلفة ومهمه أمر لابد منه".
وأضافت: " أن تناول الدراما لبعض الموضوعات مثل التحرش والعلافة بين الرجل والمرأة في أمور معينة مثل الطلاق وتربية الأطفال مهم وواقعي لأن الجمهور هو صانع لتلك الاعمال التي يتم تقديمها".