عاجل
السبت 17 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي

من علي السوري إلى لمى محمد: آذار الأسود- أنا لا أزال هنا

تفاصيل رسالة تقطر دمًا

لمى محمد
لمى محمد

لما تكتب لمى محمد الكاتبة وأخصائية الطب النفسي، وناشطة حقوق إنسان، لابد أن تقرأ شيئا من مآسي البشرية في قالب أدبي يأخذ إلى عالم مرير يجعل رأسك دور بعيدًا.



 

اليوم الجمعة، سطرت لمى محمد مقالًا على صدر موقع الحوار المتمدن، وقالت: لقد نحروها.. بسكين المطبخ، حملتها لتدافع عن طفلتها التي سقطت أرضاً بعد رصاصة في الرأس، حدث هذا في السابع من مارس "آذار الأسود" من عام 2025، حين هجمت الفصائل المتوحشة نحو الساحل، بعد دعوات الجهاد في جوامع سوريا ومساجدها.. لا يريد العلويون إعادة نظام الأسد الأخرس بأي شكل، لا يريدون حاكماً علوياً أبداً.

 

لكن الإقصاء والإلغاء.. القتل، الخطف، التنكيل، الجوع، الكذب، التهميش يفجّر البلدان.

وتتابع لمى سرد المأساة: قد فعلت الحكومة اليوم ما فعلته حكومة الأمس، فلم نسمع منها خطاب تسامح ولا امتصاص كراهية، انتشرت فيديوهات السحل و العواء، ووصف الأقليات بالخنازير، ويتم قتل وخطف المدنيين، ويسمى " النظام" ما يحدث حالات فردية.

 

وتضيف ناشطة حقوق الإنسان: هدروا دم الطائفة بطريقة غير مباشرة، عادوها وأفقروها، تغاضوا عن سرقة مدنها ومظلوميات ناسها، ثم طالبوهم بالخرس، حيث استغلت فلول النظام البائد ما سبق وقاموا لساعات باستهداف حواجز للأمن، قام أهالي العلويين بإسعاف عناصر الأمن وتخبئتهم في بيوتهم.

 

وسلطت الضوء لمى محمد، على دعوات الجماعات المتطرفة لمحاربة النصيريين التي ملأت الفضاء الأزرق، وجاء الهمج، وهجموا بصواريخهم، وقنابلهم ورصاصهم على الأبرياء، وقتل الهمج من الفصائل التابعة للجولاني شبابًا قالوا عنهم فلول، سحلوا منهم ما سحلوا بالسيارات، رموا بعضهم في أحيائهم وطالبوا السكان بالدفن ليلاً وبعدد لا يزيد عن خمسة مرافقين، قتلوا عائلات كاملة، صيدلانيات، أطباء، أساتذة، طلاب مدارس، شيوخ وأطفال.

وقالت: منعوا التصوير تحت طائلة القتل.. منعوا الصحافة، ويسعون بشتى الطرق لنكران الدماء، والدماء لا تسقط بالتقادم.

لو تمّ نشر أسماء المطلوبين، لتمّ تسليمهم، لكن دخل " النظام" المستحدث الحارات مع ملثمين مقنعين، ووابل رصاص وقنابل، يبثون رعباً من نوع جديد.. فالرعب في الماضي كان لمعارضي الحكم، اليوم هو للمختلفين طائفياً ودينياً.

 

تقول لمى محمد، كتبَ لي علي ذلك اليوم أيضاً:

 

-هل عرفتِ لماذا كان كثير من الأقليات في سوريا ضد ثورة تخرج من الجامع، ليس لأنهم ضد الإسلام، كثير منهم مسلم والقرآن ملاذه، لكنهم ضد تسلط، سطوة، واندفاعيّة اللحى المتزمتة التي تكّفرّنا دونما تعلم شيئاً عنّا، اللحى التي ستتعاقد مع اسرائيل وغيرها من الدول التي تلعنها في الكتب المدرسيّة لتبقى في السلطة.

 

أنا يا أيتها الطبيبة النفسيّة أعرف أنّ نفوس العلويين تمزقت، ولن يخيطها من يتبع التحزب والتطرف الديني، نحن دعاة سلام، دعاة محبة، نحن لا نفرّق بين اليهودي، المسيحي، العلوي، السني، الدرزي، الكوردي، الآشوري، البوذي، المرشدي، الإسماعيلي، السرياني، الايزيدي، الأرمني، الأمازيغي، العربي.

 

ونحن لا نفرق بين أي إنسان وآخر إلا بعمله وعلمه، وأقصد هنا علم المدارس والجامعات، علم الكتب، الأدب والفلسفة.

أنا يا صديقتي من العلويين، نحن لا نغطي النساء، المرأة عندنا مساوية للرجل في الإنسانية، الأهداف والأحلام، نساؤنا أخوات الرجال، علمهم كما شعرهم جزء من كيان يفرض احترامه أينما حلّ، انتظري وشاهدي بعد سنوات كيف سيصبح النقاب وغيره ممنوعًا من قبل من ينادي به اليوم.

أنا يا أيتها السنيّة أعرف أن السنة هم الأمة، ولم أكن يومًا ضدهم، بل ضد إلغاء كثير منهم لغيرهم، وفرض بعض منهم للدين بحد السيف.

لا أريدك أن تشاهدي ولا حتى تتخيلي ما يحدث اليوم، السابع من آذار الأسود 2025 في الساحل: خمسة مجموعات من الفصائل الهمجية، تدخل البيوت، تنهبها وتحرقها.. مجموعتان منهم يقتلون كل من يصادفوه، يتلذذون بالقتل، يضحكون وهم يناكدون الأمهات المفجوعات بأولادهن وأحفادهن، يكذبون ويسمونهم فلول نظام، والنظام على علمك وعلمي فرّ وبواله وزبانيته النهّابين من البلاد.

يوجد مجموعة للطبطبة.. تدخل بيوتاً تم نهبها لتقول لأصحابها: طولوا بالكم، هذا مقرف، لكن أكثر ما أحزنني أن الغالبية فتحت الباب لقاتليها.. “ لم نفعل شيئاً، فلماذا نخاف؟ “

أتذكرين فلم “ أنا لا أزال هنا” البرتغالي الذي شاهدناه سوية؟ على العلويين أن يشاهدوه!

وأنا يا صديقتي لا أزال هنا بفضل عمر، عمر من الأمة السنية التي لا تقبل بهذا الفجر ولا بدعاة الفجور والقتل، أنا لا أزال هنا.. لكن في روحي يقبع ميت باكٍ، وليس أقسى من بكاء الأموات.

تقول لمى محمد: انتهت رسالة علي، قرأتها، طبعتها وأضفتها إلى صندوق القيمرية، صندوق من المخمل الأسود اشتريته يوماً من محل دمشقي في " القيمرية".. و حملته مع قلبي عبر المحيطات.. لأضع فيه كل آمالي الجميلة بأن أبقى في وطني و أنحر الغربة.. هاقد مات الحلم من جديد، وصار وطني أبعد من مذنب يجلب الحظ للأقليات في سوريا.

لقد قبل قسم من العلويين بنظام يأكلهم وأبناءهم، يعادي العالم كله بذريعة “ القضية” حبًا في الأرض وخوفًا من التكفيريين.

اليوم يقبل كثير من السنة بنظام يمنح الجنسيّة للشيشاني والأفغاني والتكفيري الذي دخل البلاد من أجل إسقاط النظام النصيري الكافر، لكنني لا أعرف لماذا!

الإساءة للعلويين اليوم هي اعتراف المسيء بأنه ثار ضد طائفة لا نظام، هؤلاء هم من أساء لثورة الثوريين وليس الأقليات.

تضيف لمى: تنبأتُ بسقوط نظام البائد و حصل، وأقول مهما حدث لن يستمر نظام الجولاني إلا إذا خرج من جلده، وخروجه من الجلد يستلزم أولاً إخراج أفاعي التكفير من البلاد.  

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز