عاجل
الأربعاء 9 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي
تداعيات الحروب وآثارها السلبية على واقعنا المعاصر

تداعيات الحروب وآثارها السلبية على واقعنا المعاصر

بداية.. ضرورة ملحة أن نفرق بين المعارك والحروب، فالحرب مصطلح أشمل وأعم يندرج تحته مصطلح المعركة.؟!



كيف ذلك، فالحروب طويلة الأمد ولا تنتهي في مدة محددة بعينها بل يطول أجلها وتحتاج أن يتدخل لإيقافها منظمات حقوقية مثل حقوق الإنسان ومجلس الأمن والأمم المتحدة لأن التحارب يتحول من الفردية إلى الجمعية.

بمعنى يتحول إلى تحالفات كالحادث الآن في حرب إسرائيل وإيران، فكل فريق ضم تحالفات حتى وإن لم تكن هذه التحالفات قد أعلن عنها شفاهة، لكن هناك تحالفات ومساعدات للجانبين عن طريق حليف كل منهما ، متى يكون الصراع على أشده إذا فعلت هذه التحالفات على أرض الواقع.

أما المعركة فمصطلح أقل عمومية وشمولية، فقد تدور معركة (عركة)بين عائلتين على قطعة أرض أو ترسيمة حدود، أو بين قبيلتين، أو مشجعين لفريقين في مباراة قدم وتنتهي بخصومات محددة قد تفض في محاضر أقسام الشرطة عن طريق ما يسمى بالصلح أو تفض عن طريق ما يسمى بالمجالس العرفية.

أو تكون المعركة بين دولتين في إقليم واحد إحداهما أرادت السطو على مقدرات الأخرى محاولة أن تغتصب أراضيها ظنا منها أن لها الحق فى هذه الأراضي كما هو الحادث الآن في حرب الصهاينة على غزة وفى اعتقادي أصبحت معركة لا للسطو على الحدود وإنما للسطو على الهوية العربية والإسلامية وتفريغها من مضمونها فتحول الأمر من صراعا حدوديا إلى صراعا وجوديا.

 

أو كالحرب الدائرة الآن بين روسيا وأوكرانيا في محاولة روسية لضم أوكرانيا إليها بحجة أنها من ضمن أراضيها وهنا لبسط النفوذ والهيمنة الروسية لوقف التمدد الأمريكي في أوكرانيا وكسر شوكة حلف الناتو الذي يساند أوكرانيا على استحياء.

أما بالنسبة لأوكرانيا فالمعركة بالنسبة لها صراع الأحقية وأنهم أصحاب الأرض وحفاظا على استقلاليتها.

وكذلك الأمر بالنسبة للمعركة القائمة الآن بين إسرائيل وإيران، إسرائيل ترى أن إيران تشكل خطرا عليها وعلى حلمهم فى الشرق الأوسط عن طريق تهديد إيران بالملف النووي وتخصيب اليورانيوم، أما بالنسبة لإيران فالمعركة رد شرف وفرض قوة عن طريق صواريخهم المتعددة، التي يستخدمونها كقوة ردع ردا على هجمات إسرائيل واختراقها العمق الداخلي واغتيالها للعلماء والقادة العسكريين وفي نفس الوقت إثبات أن العالم الإسلامي يمتلك قوة ردع لمن تسول له نفسه المساس بمقدرات العالم الإسلامي.

وهذا ما أخبر عنه النبي صل الله عليه وسلم، أن نصرة الإسلام لن تكون من بلاد العرب ، قالوا وممن تكون يا رسول الله، قال من هذا وآله وأشار إلى سلمان الفارسي رضى الله عنه.

ومثل هذه المعارك الفردية لا أقصد أفراد وإنما فردية أعني بها الدول أو الدويلات التي تخوضها منفردة، من الممكن أن تتوقف عن طريق تدخل وسطاء من كلا الطرفين، مثلما حدث في حرب باكستان والهند وإن كنت أرى أنها فتنة غير مكملة الأركان لذلك مجرد ما تدخلت الولايات المتحدة الأمريكية توقفت ووقع الطرفان على معاهدة الصلح.

ومثلما حدث في معاهدة كامب ديفيد وقع الطرفان المصري والإسرائيلي على المعاهدة برعاية الرئيس الأمريكي جيمي كارتر.

هذا بالنسبة لفمهمنا المتواضع في التفرقة بين الحروب والمعارك.

أما إذا أردنا أن نقدم تعريفا لغويا واصطلاحيا للحرب

فالحرب فى اللغة هي نقيض السلم وتطلق على القتال بين فئتين.

أيضا هي النزاع المسلح وتشمل أي صراع عنيف بين مجموعات.

أما كمصطلح ،فالحرب هي صراع سياسي يستخدم لتحقيق أهداف سياسية واجتماعية.

هي كذلك عنف منظم يشمل استخدام القوة المنظمة المسلحة.

هي كسر إرادة الخصم بهدف اذلاله واخضاعه وكسر شوكته.

وإن كنا نرى أن الحروب تتفاوت في مدتها وحدتها وقوتها وتعتبر من أكثر الأحداث تأثيرا على الشعوب حيث تترك آثارا عميقة على جميع جوانب الحياة.

هيا نحلل تداعيات هذه الحروب وتأثيراتها السلبية على الفرد وعلى المجتمع في آن واحد.

أولا: تداعيات الحروب والمعارك على أفراد المجتمع.

أول آثار هذه الحروب على أفراد المجتمع ، إصابتهم بالأمراض النفسية من هول ما يلاقونه من هلع وخوف خصوصا إذا أصابتهم الحروب إصابات مباشرة كأن تهدم لهم بيوتا أو تقتل لهم حبيبا فيرتب على ذلك عدم الاتزان والثبات الانفعالي الذي قد يفقد معه الإنسان وجوده كإنسان عاقل فيصاب بالأمراض النفسية عصية الشفاء.

كذلك من الآثار السلبية للحروب على أفراد المجتمع، إلحاق الأضرار الاقتصادية الجسيمة التي قد تنقل الفرد من حياة الرفاهية إلى حياة التقشف لماذا.؟!، لتوفير كل الموارد الاقتصادية للمجهود الحربي، فيترتب على ذلك نقص فى السلع التموينية ، وقد يؤثر على توفير بعض الأفراد من وظائفهم لعدم قدرة الدول على سداد رواتبهم الشهرية.

وقد تؤثر الحروب على أفراد المجتمع علميا ، بمعنى قد تؤدي الحروب إلى إغلاق المدارس والجامعات والمعاهد خوفا على الأرواح من أن تصيبها آلات الحرب الفتاكة.

أيضا قد تؤثر الحروب سلبيا على النشاط الثقافي للأفراد فأيديولوجيا الحروب تفرض حظر التجوال والاختباء في الملاجئ وعدم التجمعات فى ملتقيات وندوات ثقافية فيتوقف كل نشاط ثقافي.

أما تداعيات الحروب على المجتمع، فكثيرة هي النتائج السلبية الناجمة عن الحروب ، وأول هذه السلبيات، الهجرة والنزوح الجماعي فرارا من القتل والتشريد فيضطر أفراد المجتمع إلى ترك مدنهم وقراهم مثلما يحدث الآن في حرب غزة وفي حرب إيران وإسرائيل فقد شاهدنا هجرة جماعية ، وهذا قد يصيب الدول المهاجر إليها بالتكدس وقد يؤدي ذلك إلى التطاحن والتحارب بين النازحين وأهل البلدان المهاجرين إليها ويحدث ما لا يحمد عقباه وتتسع دائرة الحروب فبدلا من أن تكون بين طرفين تصبح الحروب جماعية مما يؤذن بحروب إقليمية قد تمتد لتصبح حروب عالمية.

 

كذلك من التداعيات السلبية على المجتمع برمته فقد تؤثر الحروب نظرا لما تخلفه من حالة اقتصادية سيئة وتفشي الجهل وتفشي الأمراض نتيجة لعوادم القنابل فقد يؤدي ذلك إلى انتشار السرقات وانتشار كثير من الرذائل التي تضرب المجتمع في قيمه وعاداته وتقاليده وسلوك أفراده.

 

أيضا من سلبيات الحروب التخوين بين أفراد المجتمع واتهام بعضهم البعض بالعمالة والجاسوسية مما يؤثر سلبا على تماسك الجبهات الداخلية للمجتمع.

أما إذا أردنا أن نتحدث عن مبررات الحروب

فالمبرر الأول ، الدفاع عن النفس والأرض والعرض وهذا ما أخبر عنه الله تعالى (كتب عليكم القتال وهو كره لكم)، فلا أحد يحب القتال والحروب لكن إذا كان دفاعا عن الأرض والعرض والشرف خصوصا بعدما تفشل الدبلوماسيات الدولية في إيجاد حلول وتوقيع اتفاقيات سلام. وهذا مبرر إيجابي.

 

أما المبرر السلبي ، فهو الطغيان واغتصاب ما هو ليس حق ، كأن تعتدي دولة بكامل عدتها وعتادها على دويلة صغيرة بغية السطو عليها والاستيلاء على أراضيها وتهجير أهلها عنوة منها كالذي يفعله الكيان المغتصب مع أهل غزة الآن.

أما الحلول التي اعتقد أنها ناجعة لوقف آلة الحرب الجبارة ، فعن طريق الدبلوماسية واللجوء إلى المنظمات العالمية التي تضمن حقوق الدول عن طريق مواثيق دولية اتفق عليها الجميع.

توجيه الإعلام بخطاب دعوي ديني يوضح فيها علماء الدين خطورة الاحتراب والاقتتال بين الدول مما يؤدي إلى اهلاك الحرث والنسل ونشر الفساد والإفساد.

كذلك عقد الندوات التثقيفية عبر منصات الثقافة الجماهيرية يوضح من خلالها خطورة الحرب على الفرد والمجتمع وعلى علاقة الدول بعضها ببعض.

إذا أردنا نشر السلام في العالم فضرورة ملحة هي العمل من أجل السلام العادل الذي يضمن معه ألا يجور أحد على حقوق أحد.

 

أستاذ الفلسفة بآداب حلوان

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز