
رصاص الاحتلال يسكت الكاميرا والقلم.. غزة تفقد أنس الشريف وصوت ابنته يوجع القلوب

ساره وائل
في جريمة جديدة تضاف إلى سجل الانتهاكات بحق الصحفيين في غزة، استشهد خمسة إعلاميين فلسطينيين، بينهم المراسل الميداني البارز أنس الشريف، جراء قصف إسرائيلي مباشر استهدف خيمة الصحفيين أمام مستشفى الشفاء في مدينة غزة.
وأسفر الهجوم عن استشهاد كل من: أنس الشريف، محمد قريقع، إبراهيم ظاهر، مؤمن عليوة، ومحمد نوفل، بالإضافة إلى إصابة عدد آخر من الصحفيين.
الاحتلال الإسرائيلي لم يحاول إنكار الحادثة، بل اعترف رسميًا بتنفيذ الغارة، لترتفع بذلك حصيلة شهداء الصحافة في قطاع غزة منذ اندلاع الحرب في أكتوبر 2023 إلى 237 شهيدًا بين مراسلين ومصورين.
وأدان مكتب الإعلام الحكومي في غزة الجريمة واعتبرها "جريمة حرب مكتملة الأركان"، هدفها إسكات الحقيقة وطمس معالم جرائم الإبادة الجماعية، محمّلًا الاحتلال والإدارة الأمريكية وكافة الدول المتورطة في العدوان المسؤولية الكاملة، وداعيًا المنظمات الصحفية والحقوقية الدولية للتحرك العاجل لتأمين الحماية للصحفيين ومحاسبة المسؤولين عن الجرائم.
قبل استشهاده بساعات قليلة، كتب أنس الشريف عبر صفحته على منصه "فيس بوك" "إلى من يهمه الأمر، الاحتلال يهدد الآن علنًا بغزو شامل لغزة. على مدار 22 شهرًا، تنزف المدينة تحت وطأة قصف متواصل من البر والبحر والجو. قُتل عشرات الآلاف وجُرح مئات الآلاف."
تحذير لم يلبث أن تحول إلى واقع مأساوي حين استُهدفت خيمة الإعلاميين، لتنطفئ الكاميرا التي وثّقت جرائم الحرب على مدى شهور.
وصية أنس، التي كتبها منذ أشهر وتصدرت عناوين الصحف العالمية، حملت رسائل إنسانية ووطنية مؤثرة، إذ أوصى فيها بفلسطين وأهلها، وألا يسكت الأحرار عن الظلم، وخصّ بالوصية والدته وزوجته وأطفاله الصغار، قائلًا: "أوصيكم بابنتي شام، التي لم يسعفني العمر لأراها تكبر، وبابني صلاح، الذي تمنيت أن أكون له سندًا…" واختتمها بالدعاء ألا يُنسى، وألا تُنسى غزة.

وفي لحظة تجسّد المعاناة ، ظهرت ابنة أنس في مقطع مصوّر وهي تقول بصوت مرتجف: "أنا خائفة على بابا… ونفسي أعيش زي باقي أطفال العالم… الاحتلال هدم كل شيء”.
" كلمات الطفلة أعادت إلى الأذهان أن الحرب لا تحصد الأرواح فحسب، بل تسرق من الأطفال براءتهم وحقهم في الحياة”.

أنس الشريف، البالغ من العمر 28 عامًا، وُلد في مخيم جباليا شمال القطاع، وفقد والده في قصف عام 2023، وحصل على جوائز دولية لعمله الصحفي، لكنه ظل على قائمة الاستهداف بعد تلقيه تهديدات مباشرة من جيش الاحتلال، الذي اتهمه بالانتماء لفصائل المقاومة.
رحل أنس تاركًا وراءه كاميرا مكسورة، وأطفالًا ينتظرون عودته، ووصية تخلّد مواقفه، وتذكّر العالم بأن حرية الصحافة في غزة تُدفع ثمنها بالدم.