عاجل
السبت 16 أغسطس 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
مختارات من الاصدارات
البنك الاهلي
الجهاد فى سبيل مصر

قلم و لغم

الجهاد فى سبيل مصر

على خطى الأجداد، باسم الله وعونه، يواصل الأحفاد فى «روزاليوسف» -البيت العريق- الجهاد فى سبيل مصر، متسلحين بقواعد المهنية، وثوابتنا الوطنية، وقيم الحرية، المنطلقة من الرأى الناضج بحرارة وعمق المعرفة، مستهدفين إنارة الرأى العام ما استطعنا إلى ذلك سبيلا.



«روزاليوسف»، ليست مجرد مؤسسة صحفية، سُطرت صفحات مطبوعاتها بعصارة فكر أجيالها المتعاقبة، بل هى شاهد عيان صادق، على تاريخ مصر الحديث بتفرعاته، تفاعلاته وتحدياته، انكساراته وانتصاراته، وثيقة لمواقف القوى الفاعلة فى اللحظات الحاسمة فى عمر الوطن، وشريك فاعل فى المعارك الوطنية يعزز حصون الوعى ويذود عن محددات الأمن القومى.

 

الجهاد فى سبيل مصر، ليس مجرد عبارة إنشائية، بل حقيقة واقعية، سجلها تاريخ «روزاليوسف» «السيدة» و«المؤسسة»، التي أنجبت خمسة إصدارات، كانت ولا تزال منبرًا للحرية، والتنوير ومواجهة التطرف، نحتفل -بإذن الله- قريبًا بمئوية ابنتها البكر «المجلة»، الصادر عددها الأول فى 25 أكتوبر 1925، واليوم بـ«عروسها»،  الجريدة بمناسبة مرور 20 عامًا على عودة صدورها فى 15 أغسطس 2005، بعد توقف دام 69 عامًا، فكان إصدارها الأول قبل 90 عامًا فى 25 فبراير 1935، وحتى 9 يوليو 1936.

 

بكلمات معدودات ذات مغزى ومعنى عميق، قدمت الرائدة العظيمة فاطمة اليوسف، صحيفتها اليومية فى عددها الأول لقرائها قائلة: «بسم الله الرحمن الرحيم، باسمه وبعونه تبدأ هذه الصحيفة مهمتها لتأخذ مكانها فى الصحف، تحت راية الجهاد فى سبيل مصر وهى الراية التي حملها سعد ثم تلقفتها يد خليفته النحاس، فأبقتها عالية، مصانة فى حصنها المنيع».

وضعت فاطمة اليوسف ثوابت جريدتها اليومية، بكل وضوح، محددة بوصلتها وسياستها العمل تحت راية «الجهاد فى سبيل مصر»، ولا تزال تحت هذه الراية، بأجيالها المتعاقبة بما تؤديه من دور مهنى، ومواقف فى لحظات وطنية وقومية حاسمة وثقها أرشيفها. 

صودرت المجلة، فصدرت الجريدة اليومية، فى فترة مخاض الاستقلال الوطني، كان الشعب فيها أحوج ما يكون، لإعلام وطني ينير الأذهان، متحرر من قيود الحزبية الضيقة، والخدمة الخبرية الجافة التي لا يصحبها رأى وتحليل للقرارات والمواقف، أسبابها وآثارها المتوقعة، حتى يحتشد على كلمة سواء تدعم الجهود الوطنية، لإنهاء احتلال الأرض واستقلال القرار الوطني.

 

لم تولِ «جريدة روزاليوسف»، يومًا وجهها إلا شطر الوطن والمواطن، نشأت بين «الندرة» المستقلة فى الصحافة المصرية آنذاك، تقدم خدمة الخبر والرأى باستقلالية ومهنية، وفى مقالته الافتتاحية بالعدد 481 الصادر فى 9 يوليو 1936، أجاب الدكتور محمود عزمى عن سؤال جعله عنوان مقاله: «بماذا نأخذ سياستنا التحريرية؟». 

 

لكن اللافت أن هذا المقال كان فى العدد الأخير للإصدار الأول للجريدة، ما يعكس أن مبعثه تصاعد الجدل المثار من الحكومة الوفدية حول الجريدة ومواقفها، التي تتحرر من قيود الحزبية، فرغم صدورها داعمة لـ«الوفد» إلا أنه تخوف من تأثيرها على شعبية جريدة «الجهاد»، الناطقة بلسانه، وبالفعل باتت جريدة روزاليوسف الأوسع انتشارًا وتأثيرًا، بتطورها وسياساتها الأكثر استقلالية وحرية.

فى هذا المقال الذي أراه جديرا بأن يُدرس، صنف الدكتور محمود عزمى الصحافة آنذاك، وفق سياساتها ودورها المهنى إلى ثلاث فئات: «كثرة»، و«قلة»، و«ندرة»، موضحًا أن كثرتها صحف حزبية، وقلتها خبرية لا تتدخل بأى تحليل أو رأي، والندرة هى الصحف المستقلة التي تقدم خدمة الرأى والتحليل والنقد المنطلق من ثوابت وطنية و«رأى ناضج» لإنارة الأذهان وتوعية الرأى العام.

 

ربما لم يتوقع من يهتم بتاريخ الصحافة، إمكانية إعادة بعث جريدة روزاليوسف بعد 69 عامًا من الرحيل، ليشهد الوسط الصحفى فى 15 أغسطس 2005، ميلاد العدد الأول من إصدارها الثانى، فى ظرف سياسى بالغ الأهمية، وتحديات وتنبؤات تشكك فى قدرتها على الاستمرارية.

 

عادت جريدة روزاليوسف للصدور بجهد الأستاذ القدير عبدالله كمال المهنى المحترف واسع الطموح والقدرة على الإنجاز -تغمده الله برحمته- والأستاذ القدير كرم جبر رئيس مجلس الإدارة آنذاك، لتواصل دورها المهنى فى خدمة الوطن والمواطن، تستهدف مواصلة دورها التنويرى ومواجهة التطرف، ودعم ثوابت الدولة الوطنية، فى مواجهة ما يحاك من مؤامرات خارجية، وما تمارسه الجماعات المتطرفة من تضليل تحت ستار شعارات دينية تخفى ما تبطنه من أهداف السطو على سلطة الحكم.

بدأ العدد الأول من الإصدار الثانى، معبرًا عن سياسة المؤسسة الضاربة بجذورها فى عمق التاريخ الصحفى مسافة 75 عامًا آنذاك، مشتبكًا مع القضايا الوطنية والإقليمية، والآراء الشاذة عن قواعد الموضوعية، فكان الظرف السياسى بالغ الأهمية، تعديلات دستورية تجرى بموجبها أول الانتخابات الرئاسية التعددية.

خاضت الجريدة فى إصدارها الثانى معارك مهنية، واجهت المتطرفين، بالحقائق والمعلومات، قدمت محتوى يشغل اهتمام مختلف الفئات عبر حملات، وملفات وحوارات وصفحات متخصصة، تصدت لحملات الإعلام المعادى الذي استهدف مصر، وحذرت من مؤامرات تفتيت الوطن والدول العربية من الداخل عبر حركات مشبوهة، كشفت أهداف تنظيم الإخوان الإرهابى الحقيقية للوثوب على السلطة وتهديد الهوية الوطنية.

وصفت جريدة روزاليوسف منذ 2005 تنظيم الإخوان بـ«الجماعة المحظورة»، و«التنظيم الإرهابى»، متصدية لأفكاره الضالة، وأهدافهم الخبيثة المتسترة برداء الدين، واجهنا تغلغلهم فى النقابات المهنية، وعبثهم فى المجالس النيابية، وعنفهم فى الجامعات المصرية، وتحريضهم ضد الدولة المصرية.

 

كانت روزاليوسف وما زالت، تواجه التطرف، لا تعرف المهادنة ولا الإمساك بمنتصف العصا، قاتلت ولا تزال، بينما كانت هناك صحف منافسة تزعم الاستقلال، تفتح الصفحات لقيادات التنظيم الإرهابى، نظير شراء آلاف الأعداد لتحقيق رواج زائف وأرباح مالية، لكنها روزاليوسف أبدًا لا تتخلى عن ثوابتها وقضيتها، فروجت عنها التنظيمات والمنافسون الشائعات، حالمين بيوم توقفها عن الصدور.

 

مرت السنوات وهزمت الشائعات، وازدادت القيمة المضافة مهنيًا، باتت رقمًا صعبا فى الصحافة المصرية لا يمكن تجاهله، بما خاضته من معارك مهنية، وما أنجزته من ملفات وقدمته من سلاسل حوارات وتحقيقات وصفحات متخصصة بزوايا إبداعية.

ربما يخطئ من يجرى حساباته بمقاييس الإيرادات والنفقات المالية، فقط، عند تقييم دور الصحافة القومية، كونه يُحيد الكنز الثمين ثنائى القيمة، المتمثل فيما تقدمه من دور مهنى تنويرى كأحد مقومات القوة الناعمة فى محصلة القدرة الشاملة، فى مواجهة أسلحة الحروب الهجينة، والثانى: ما تنجبه من كوادر بشرية مهنية وطنية تقاتل على ثغور الوعى.

 

أهم ما قدمته روزاليوسف الجريدة فى إصدارها الثاني، جواهر الكنز البشرى، «الجيل الرابع» بالمؤسسة، نخبة من الشباب المقاتل المهنى الوطني الواعى الذي انتخبته التجربة بتفاعلاتها وتحدياتها واشتباكاتها، فضخّت بدماء شابة فى شرايين المؤسسة والمهنة، منهم من تحمل المسؤولية بالمؤسسة ومنهم خلف وشارك فى الكثير من التجارب الناجحة فى وسائل إعلام مكتوبة ومرئية ومسموعة ورقمية.

 

وفى أعقاب 25 يناير 2011، وخيانة الإخوان لمن سموهم شركاء الميدان، وظهور حقيقة مطامع التنظيم فى السلطة، وتهديده الهوية الوطنية، استيقظ من خدعتهم الشعارات الدينية الزائفة، وأيقن من ساوره فى السابق شك، صدق مواقف روزاليوسف.

واصلت الجريدة دورها المهنى التنويرى، بالمعلومة الصادقة والرأى الجاد والتحليل العميق، فى أخطر التحديات التي واجهت الدولة المصرية فى العصر الحديث، فعندما تلون البعض مع وصول الإخوان للحكم ظلت روزاليوسف بإصداراتها المتنوعة على موقفها الصلب فى مواجهة التطرف والحفاظ على الهوية الوطنية، فخرجت فى اليوم الأول لحكم المرشد بمانشيت «جمهورية مصر الإخوانية». 

ولم تمض أشهر معدودات حتى ثبت مخطط أخونة الدولة وطمس الهوية، وحاول حكم المرشد معاقبة روزاليوسف بتجفيف منابع تمويلها، وخنقها اقتصاديًا عبر مجلس الشورى المنوط به الإشراف على المجلس الأعلى للصحافة والمؤسسات القومية حينها.

أحكم الحصار على روزاليوسف المؤسسة، وفى سابقة تاريخيّة تم إعاقة إصدار عدد من مجلتى روزاليوسف وصباح الخير، والجريدة اليومية، فذهبنا ونخبة من أبناء الجريدة إلى نقابة الصحفيين وجهزنا المادة بالطابق الرابع، ونجحنا فى إعادة إصدارها وإحباط محاولات خنقها.

 

استقال الأستاذ محمد جمال الدين من رئاسة مجلس الإدارة احتجاجًا على تأخر الدعم المالى المستحق للمؤسسة فى ديسمبر 2012، وتحمل المهندس عبدالصادق الشوربجى المسؤولية فى وقت بالغ الصعوبة، وتوالت القيادات الإدارية والتحريرية، فخلفه الأستاذ أيمن فتحى ثم الأستاذة هبة صادق، وفى رئاسة التحرير الأساتذة إبراهيم خليل وجمال طايع والدكتورة فاطمة سيد أحمد، وعصام عبدالجواد وأحمد باشا، لكل الأساتذة الاحترام لما قدموه من تجارب مهمة فى ظل تحديات بالغة الصعوبة.

 

شرفت بتحمل المسؤولية بعد تحول الصحيفة من يومية إلى أسبوعية، فى أبريل 2024 أى رئيس التحرير الثامن فى عمر تلك الصحيفة العريقة، ونحتفى اليوم بالذكرى العشرين لميلاد إصدارها الثانى لتواصل دورها المهنى وقتالها على جبهة الوعى فى ظل تحديات دولية وإقليمية غير مسبوقة فى تاريخ الدولة المصرية، على كل المحاور الاستراتيجية للأمن القومى المباشر وغير المباشر.

تواصل جريدة روزاليوسف الجهاد فى سبيل الوطن، تنير الرأى العام، لبناء مدركات، تولد قناعات قائمة على الحقائق، فى مواجهة أشرس حملات استهداف الجبهة الداخلية المصرية، فى وقت تواجه الدولة تحديات غير مسبوقة على كل محاور الأمن القومى.

تواصل الجريدة دورها التنويرى، تدعم الحريات، وتواجه التطرف، تنطلق من ثوابت الأمن القومى المصري، والمصلحة العليا، تواجه التضليل بالحقائق، تقدم الرأى والتحليل، تدعم الثوابت الوطنية وقيم الجمهورية الجديدة، وحقوق الإنسان بمفهومها المصري الشامل.

ورغم كل التحديات تستمر الإنجازات فى الجمهورية الجديدة، بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى، فى مختلف القطاعات ما أسهم فى تعزيز القدرة الشاملة للدولة فضاعفت من قدرتها على الصمود والردع، إنجازات رسمت خريطة تنموية لجمهورية جديدة ارتقت بالعمران وتنشغل ببناء الإنسان علميًا وصحيًا وخدميًا وفكريًا.

بإذن الله نعدكم.. على عهد الأجداد والآباء سائرون.. ننحاز للحقيقة والحرية.. نتمسك بقواعد المهنية والثوابت الوطنية.. نعبر عن هموم المواطن نواجه التطرف وندافع عن المصالح العليا للوطن، نجاهد بالكلمة فى سبيل مصر.  

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز