

عبدالرحمن رشاد
العقل النقدى والعمل الإعلامى
لماذا ندور فى الدائرة نفسها؟
ولماذا نروى بالساقية نفسها ولا نعمل على تجديد التروس.. ونديرها بالعقل القديم.
أتصور أننا مطالبون بتنفيذ توجيهات الرئيس فيما يتعلق بالخطة الإعلامية وفيما يتعلق بالعقل الذي يفكر لهذه الخطة وبالعقول التي تنفذ هذه الخطة شكلا ومضموناً وتحديثًا وشباباً.
عندما سألوا عميد الأدب العربى الدكتور طه حسين عن الأدب قال إنه فن جميل وعندما سألوه عن النقد قال هو بيان الجميل من القبيح أى أن النقد هو التمييز والتفرقة بين مواضع الجمال ومواضع القبح.
وبحسب رؤية العميد فالنقد إبداع وخلق وتحليل وقراءة تقود للتعرف على مواطن الجمال ومواطن القوة ومواطن الضعف للتصحيح والتقوية والبناء.
وهنا يثور التساؤل: أيهما أكثر أهمية العقل النقدى أم العقل الواعى العقل الواعى يصدر النقد الواعى العقل صاحب الوعى الذي يدرك ويفهم النقد ويفهم دور النقد التنويرى البناء.
والنقد نوع من الإبداع البشرى يتأتى للفرد القادر على القراءة والرؤية والتأمل وفى الأخير الإبداع.
ولأن الإعلامى مبدع فعقله الواعى مبدع وناقد فى الوقت نفسه والإبداع لديه لا يأتى من لا شيء بل يأتى من وعى تاريخى وجغرافى وإنسانى وهذا ما نسميه بالشمول المعرفى أو الوعى الشامل.
العقل الواعى الناقد مدرك وله وجهة نظر والعقل الواعى ناقد مجتمعى وله رؤية قد تختلف عن رؤية الآخر وهو يقدمها للمناقشة ولا يفرضها محتكرا للحقيقة بل مدافعاً عن الحقيقة ومدافعاً عن الآخر إذا كانت لديه الحقيقة وهذا هو البعد الإنسانى المطلوب فى العمل الإعلامى.
هل نحن نحتاج إلى العقل النقدى الذي ينتج أسئلة وإجابات وفكراً مشروطاً بالموضوعية والإنسانية.
نعم نحتاج إلى هذا العقل النقدى ولكن ليس على طريقة عقول مقدمى التوك شو العقل النقدى فى الإعلام يقدم منتجاً إعلاميا متكاملاً وتفاعليا - ليس فرديا بأية حال فى المؤسسات الإعلامية الجماهيرية وبالتالى لكونه مجتمعيا فهو يعيش حالة المجتمع سياسيا واقتصاديا وفنيا ودينيا.
ماذا يخطط العقل النقدى فى الإعلام ليقدم؟
ليست برامج التسلية ولا الترفيه فقط وأنا لست ضد هذه الأشكال البرامجية إنما لا بد من عقل نقدى لبرامج الوعى والدعوة لإعمال العقل، برامج الإيجابية والنقاش والحوار أو الجدل الرفيع.
وإذا أراد الإعلام المصري المواكبة لحالة المجتمع ثم التطور والتحديث فعليه أو على القائمين عليه، الوعى بطبيعة الحال التي يمر بها الوطن والإقليم والعالم: الوعى فقط!
ليس الوعى فقط وإنما السعى لنقد الوعى الزائف بنقده ومجابهته وإخراجه من بيننا. أقول الوعى والالتزام بمسلمات الوطن وثوابت الموقع والتاريخ والدولة.
وأين العقل النقدى هنا؟
أقول الوعى فى مضمونه مدرك وناقد وملتزم بالتصحيح وبتقديم المعلومة وبأولويات القضايا المجتمعية دون مزايدة أو شخصنة وإنما الموضوع هو نجم النقد، نحن فى الإعلام المصري بحاجة إلى خطة إعلامية تتجسد فى برامج ناقده تحليلة والنقد هنا يقدم بداية التحليل والتفسير والشرح ويتبنى المعلومة من مصدرها ويناقش القضايا بموضوعية وتجرد والتزام دون تهويل أو تهوين وأن يتخلى عن البرامج التبريرية التي لا تعدو أن تكون هواء فارغاً من أية مضامين نحن بحاجة إلى عقل نقدى واع وملتزم بسياسته التحريرية.
نقلًا عن مجلة روزاليوسف