
بندوة الشعر والموسيقى توءمان لا يفترقان..
دار الكتب والوثائق القومية تحتفل باليوم المصري للموسيقى

محمد خضير
ضمن احتفالات وزارة الثقافة المصرية باليوم المصري للموسيقى، وبرعاية الدكتور أحمد فؤاد هنو وزير الثقافة، نظمت دار الكتب والوثائق القومية برئاسة الدكتور أسامة طلعت، ندوة بعنوان "الشعر والموسيقى توءمان لا يفترقان"، وذلك بقاعة الموسيقى بمقر الدار على كورنيش النيل، بتنسيق الأستاذة رشا صابر مشرف قاعة الموسيقى بالإدارة المركزية لدار الكتب برئاسة الدكتور مينا رمزي.
استهل الدكتور أسامة طلعت فعاليات الندوة بكلمة رحب فيها بالحضور، مشيدًا بدور قاعة الموسيقى في حفظ التراث اللامادي المصري والعالمي، بما تضمه من تسجيلات نادرة تعود إلى القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، مؤكداً أن الأجيال المصرية نشأت على عشق الموسيقى والفنون بما تحمله من جذور حضارية عريقة.
وأشار إلى أن الحضارة الإسلامية استوعبت مختلف أشكال الفنون، وأن العرب كانت لهم إسهامات بارزة في تطويرها، مستشهداً بكتاب "الأغاني" للأصفهاني الذي أصدرته دار الكتب في 33 جزءاً، وبإبداعات رواد الموسيقى في مصر من زرياب إلى سيد درويش، وصولاً إلى محمد عبد الوهاب وأم كلثوم.
أدارت الندوة الشاعرة والناقدة نجلاء أحمد حسن، مديرة "دوحة الشعراء" والمدير العام بمكتبة القاهرة الكبرى، مؤكدة أن الشعر ديوان العرب، وأنه يحمل في داخله موسيقى خاصة من خلال السجع والوزن والقافية.
وتحدث الشاعر أحمد سويلم، مقرر لجنة الشعر بالمجلس الأعلى للثقافة، عن العلاقة التاريخية بين الشعر والموسيقى منذ العصر الجاهلي، حيث ارتبط الغناء بحياة العرب من الميلاد وحتى الفقد، مشيراً إلى أن علم العروض ذاته يعكس هذا الارتباط الوثيق بين الشعر والإيقاع.
كما استعرض تجربته في كتابة عشر مسرحيات غنائية للأطفال، قام الشيخ سيد مكاوي بتلحين ستة منها، موضحاً أن الموسيقى تضيف قيماً جمالية جديدة للنص الشعري، مثلما يظهر جلياً في ترتيل القرآن الكريم بما يحمله من موسيقى روحانية.
فيما تناولت الدكتورة عفاف طلبة، أستاذ البيانو بالكونسرفتوار، البعد الإنساني للموسيقى، مؤكدة أنها "لغة الحياة" ووسيلة للتواصل بين الشعوب دون حواجز لغوية.
وأوضحت أن الموسيقى يمكن أن تسهم في العلاج النفسي والسلوكي، مشيرة إلى أن تعلم العزف على البيانو يساعد الأطفال في التغلب على فرط الحركة وتشتت الانتباه.
كما استعرضت الفروق بين الموسيقى الشرقية التي تعتمد على الطرب والإبداع الفردي، والغربية التي تقوم على التوزيع الأوركسترالي.
ومن جانبها، أكدت الناقدة والأديبة الدكتورة نوران فؤاد على الدور الريادي لسيد درويش في صياغة الوجدان المصري، مشيرة إلى أن العلاقة بين الشعر والموسيقى ضاربة في جذور الحضارة المصرية منذ المعابد الفرعونية.
وأوضحت أن القوافي والجناس والسجع تجعل الشعر ينطق بالموسيقى، وأن كليهما يشترك في إثارة المشاعر الإنسانية والتعبير عنها، مستعرضة نماذج من التراث الشعبي في الشرق والغرب.
وعلى هامش الندوة، قدمت العازفة إيريني أشرف مقطوعات منفردة على آلة الكمان، مثلت نماذج من الموسيقى الكلاسيكية، كما أقيم معرض للوحات فنية ومستنسخات من دوريات قديمة تناولت سيرة وإبداع سيد درويش.
جاءت الندوة في إطار حرص دار الكتب والوثائق القومية على نشر الوعي بالتراث الموسيقي، وإبراز دور الموسيقى في إثراء الهوية الثقافية، باعتبارها فناً متجدداً يسهم في صياغة الوجدان الوطني والإنساني.