عاجل
السبت 15 نوفمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
مختارات من الاصدارات
البنك الاهلي
انقلاب فى نيويورك

انقلاب فى نيويورك

هكذا العنوان وبكل بساطة، تستطيع أن تجمع كل ما حدث فى نيويورك ليلة الثلاثاء الماضي، ليلة انتخاب وفوز زُهران ممدانى بعمودية مدينة نيويورك، وبكل تحدٍ وبكل صعوبة، وبكل توقع كان سيفوز بها. 



لماذا؟

فى 20 أبريل الماضى خرج الآلاف من كل الولايات يقولون لترامب (مش عاوزين يحكمنا ملك) واستخف بهم ترامب وراح يرغى ويزيد ويرقص رقصة الساحرة المتوحشة، لكنهم فعلوها No King، وبدأت جماهير نيويورك العفية قيادة السكة الجديدة، واختارت عمدة صغير السن على يسار الديمقراطيين، فلسطينى الهوى وزوجته سورية، وحاصل على الجنسية الأمريكية فى 2018، وهو مولود فى كمبالا/ أوغندا فى 18 أكتوبر عام 1991، ويملك أشهر صفات برج الميزان. 

قاد زُهران ممدانى انقلابًا فى الولاية الأكبر والأغنى والأشهر والأجمل، انقلاب من نوع مختلف، ليس من أعلى، بل من الشعب، وليس من أى شعب، من النيويوركيين (الغلابة) ومن جيل Z.

أما الأثرياء واليمين المتطرف و%60 من يهود نيويورك فقد أعطوا أصواتهم لـ«أندرو كومو» الجمهورى صديق ترامب، وخسروا وسوف يهجرون الولاية، هكذا قالوا عقب فوز ممداني، قالوها بعد دقيقة واحدة، لم ينتظروا.

كانت أول جملة مهمة تُقال فى ليلة الانتخابات، أن زوجة ممدانى السورية راما التي تعيش فى بروكلين، وتعرفت على ممدانى من خلال تطبيق المواعدة (Hinge ) عام 2021 وتزوجا هذا العام، هذه المرأة الصغيرة ذات الـ 24 عامًا ستكون زوجة رئيس أمريكا القادم، وستكون أول زوجة لرئيس أمريكى من جيل Z.

وكان أول ما قاله العمدة ممدانى إثر فوزه للجماهير (مؤيدين ورافضين): أنا صغير السن ومسلم وأنا اشتراكى ديمقراطي، وأنا أرفض الاعتذار عن هذا كله. 

الانقلاب ليس فقط فيما حدث ليلة الثلاثاء، بل فى هذه الجمل الثلاث من عمدة أكبر وأغنى وأشهر مدينة أمريكية، إنها الصراحة والشجاعة والبأس، وكل الجماهير التي آمنت به وخرجت لأجله - لأجل نفسها - وقد أتعبها تاجر العقارات وزمرته وسيرته، اختارت عكس ترامب احتجاجًا على ذلك الانهيار الأخلاقى والاقتصادى الذي حلَّ عليها. 

ماذا قال الرأى الآخر الذي لم يكن يريد زهران ممداني؟ 

قالوا: (بغض النظر عن مواقف ممدانى وسياساته وتوجهاته الأيديولوجية اليسارية المتطرفة، إلا أنه قاد حملة انتخابية ناجحة جدًا، واستطاع توحيد الحزب الديمقراطى خلفه، هذا بالإضافة إلى الشعبوية اليسارية التي يتخذها كأيديولوجية رئيسية خلال حملته، والظهور الإعلامى المكثف حتى فى قنوات عدائية له مثل فوكس نيوز، والاستخدام الفعال لوسائل التواصل الاجتماعى الحديثة).

وعندما سألوا ممدانى قبل أيام وأثناء حملته الانتخابية: ما هى أول زيارة لك عقب فوزك؟ رد: نيويورك. 

بينما أجاب أندرو كومو الساقط فى الانتخابات، والجمهورى المتحرر، صديق ترامب، عن نفس السؤال، فرد: إسرائيل. 

فوز ممدانى هو سقوط لترامب ونتنياهو معًا، هو انقلاب عليهما، على كل هذا الصخب والضجيج والعنجهية والدمار والحروب المجانية والإبادة الجماعية. 

ومثلما كان انتخاب ترامب انقلابًا على الإنسانية والحق والخير والجمال والأخلاق والتحضر والشجاعة، كان فوز ممدانى عودة لكل ذلك.

هذا الانقلاب الشعبى الديمقراطى على الجمهوريين لم يفد ممدانى وحده، ففى ذات الليلة حدث التصدع فى فيرجينيا وفى نيوجيرسي، فقد فازت المرشحة الديمقراطية ميكى شيريل كحاكم للولاية، وفازت أبيجيل سبانبيرجر كحاكم لولاية فيرجينيا، وفى سابقة تاريخية تشهدها انتخابات حكام الولايات الأمريكية، أصبحت أبيجيل سبانبيرجر العضوة الديمقراطية السابقة فى الكونجرس والضابطة فى وكالة الاستخبارات المركزية، أول حاكمة لولاية فرجينيا، وستكون النائبة الديمقراطية ميكى شيريل أول حاكمة ديمقراطية لنيوجيرسي، ولتصبح نائبتها غزالة هاشمى. 

من كان يصدق أن كل ذلك سيحدث فى ليلة واحدة؟ وفى مساء أمريكى منير ومبهر؟ لكنه شديد العتمة على ترامب وتابعه نتنياهو، أو العكس نتنياهو وتابعه ترامب، أو وتابعه (قُفّة).

 

نقلاً عن مجلة روزاليوسف

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز